من "سوق القمح" إلى ساحة "النجمة" غرباً يمتد أقدم أحياء المدينة حاملاً اسم "السويداء القديمة" وتسميات شعبية لأجزاء منه مازالت تضج بالحياة.
هي كتلة البازلت الأقدم في المدينة التي حفظت قصة الشعوب لترتسم على ممراتها الضيقة صوراً للحياة الاجتماعية التي يتذكرها بشغف كل من سكن الحي، موقع eSuweda تجول في الحي القديم وفي شارع قد لا يتسع إلى لعبور سيارة واحدة حيث تخترق الدروب الحارة القديمة ضمن تكوين اعتاد عليه الأهالي، حسب حديث السيد "زياد بلان" مصنع ديكورات الجبصين في المنطقة والمقيم بها وقال: «لهذا الحي صفات ومزايا لا تجدها في الأحياء الأخرى فهنا تشعر بروح المدينة القديمة حيث احتفظت المنازل بالطابع القديم، لتجد تداخلاً خجولا للإسمنت لم يتوسع، وباحات منازل وبوابات وجدران على الهيئة القديمة، وتسمع من كبار السن حكايا عن حالة الحي الذي حمل اسم المدينة وكان نواتها التي توسعت خلال العقود الماضية، وبالنسبة لسكان الحي وأنا منهم فلا بديل من الاستقرار فيه، لأنه يعني الكثير لنا ولا سبيل للانتقال لأننا نستقر في هذه البيوت القديمة التي تحتل موقعاً متميزاً، يتصل مع السوق والمناطق الحيوية في المدينة، وهذا ما يدفع الأهالي لتحسين المنازل ضمن الحدود الممكنة وعدم هجرانها لأنها بالنسبة لهم المكان الأمثل للسكنى».
هو نوع من الطموح ذلك الذي يدفعنا للعمل على العودة للحالة القديمة لبركة "السورية" والانتقال لمقر جديد لموقف العزاء الذي لم يعد يتسع لأهالي "السويداء"، وفكرة ندعو لها للمحافظة على أقدم الصور التي تضيف للحي قيمة تراثية يجب تجسيدها بالصورة المناسبة ومن وجهة نظرنا فهي فكرة قابلة للتحقيق لكون البركة ردمت دون أي تغيير بتكوينها الحجري البديع الذي سيعيد للحي ميزة قديمة وهامة
الحي ذاكرة شعبية لكل أهالي المدينة ويحتضن جزءاً من فعالياتهم وهذا ما جعله نابضاً بالحركة ومقصداً للأهالي حسب حديث الباحث والكاتب "محمد طربيه" رئيس جمعية "العاديات" في "السويداء" حيث قال: «تستند "السويداء القديمة" لقصة تاريخية تناولتها أبحاث الآثار بشكل مفصل هنا الكنيسة الثالثة الأقدم في العالم، وآثار عريقة تظهر بشكل جلي لكن اللافت أن الحي القديم يحتضن جزءاً هاماً وكبيراً من الفعاليات، هنا يستقر موقف الجنازة الذي احتل بركة "السورية" سابقاً، وهي بركة ماء تتصل مع بركة "الحج" بتصميم مائي قديم وفريد، وبالقرب من هذا الموقف تحدث الأجداد عن جامع قديم احتضن الكتاب.
وجميل أن نتذكر نمطاً من الحياة الاجتماعية والتراثية اقترن في هذا الجزء من المدينة التي كانت لعهد قريب تتشابه مع الريف من حيث تقليد الحياة، وترى البيوت قديمة سكنت لمئات السنين مأهولة ومحدثة لتناسب السكن، في هذه المنازل تجد تفصيلات البيت الجبلي القديم المخصص لحفظ مؤونة الأسرة وأجزاء لتربية المواشي وهناك عدد من المنازل القديمة التي حافظت على هذا التصميم، وبقي هذا الجزء من المدينة لفترة قريبة حالة تتلاقى مع الريف بصور نتذكرها من خلال عادات السكان فمن كان يدخل الحي مساء يلاحظ دخان المواقد القديمة حيث تعد النساء عشاء قد لا يختلف بين منزل وآخر في موعد يعرفه الجميع باسم شعبي "تركيب الطبخ" الذي يعتبر وجبة أساسية لمن يعمل بالأرض ويعود مساء ولكل أفراد الأسرة التي تلتقي في هذا الموعد، وبالطبع فإن هذا الطقس تغير بفعل تطور العصر لكن حالة الحي واحتضانه عدداً من الأنشطة التراثية التي نتلمسها من خلال عدد من الاستراحات التي أحيت المكان بصورة تراثية قديمة ارتبطت به مثل استراحة "كاناثا" وغيرها حالة حيوية ومتفاعلة تجدد الاهتمام بالحي».
عن خطوات وآمال للمحافظة على ما كان، يضيف السيد "محمد" بالقول: «هو نوع من الطموح ذلك الذي يدفعنا للعمل على العودة للحالة القديمة لبركة "السورية" والانتقال لمقر جديد لموقف العزاء الذي لم يعد يتسع لأهالي "السويداء"، وفكرة ندعو لها للمحافظة على أقدم الصور التي تضيف للحي قيمة تراثية يجب تجسيدها بالصورة المناسبة ومن وجهة نظرنا فهي فكرة قابلة للتحقيق لكون البركة ردمت دون أي تغيير بتكوينها الحجري البديع الذي سيعيد للحي ميزة قديمة وهامة».
ومن سكان الحي الآنسة "سهام نعيم" التي حدثت منزلها ولم تبتعد عن المكان الذي يحمل حسب قولها روح "السويداء" وقالت: «في هذا الحي تتكئ المنازل على أكتاف بعضها، صورة تعودنا عليها منذ الصغر ورغم دخول الاسمنت وتجديد بعض المنازل وتهدم الأقدم منها لكن الجزء الأكبر من الحي بقي بصورته القديمة، ونتمنى أن يتجه كل من يهتم بالتراث لهذا الحي ليتم ترميم المنازل لتبقى على الصورة القديمة ونحفظ روح المدينة وقصتها التاريخية، التي ترتسم على جدرانها إلى جانب معالمها الواضحة التي تظهر من خلال قوس المشنقة القديم والمدرج وغيرها من المواقع الأثرية التي تضاف لها المنازل التي تتخذ الصفة التاريخية لقدمها».
الجدير بالذكر أن الحي وخلال الفترة القادمة سيحتضن مطاعم تراثية وهي قيد التنفيذ وهناك عدد من بيوت العائلات القديمة التي يمكن للزائر الاستمتاع بجمال عمارتها وتصميمها مثل بيت "آل طربيه" وساحات حملت اسم العائلات مثل ساحة "بوز" وغيرها.