على مدى ثلاثة أشهر من العمل الشاق والمضني، أنهى سبعة نحاتين من "السويداء" أكبر منحوتة بازلتية بلغ وزنها اثنين وثلاثين طناً، بارتفاع أربعة أمتار، تمثل تاريخ سورية الحضاري عبر العصور. وقد قامت مجلس مدينة "السويداء" بوضع المنحوتة في ساحة "تشرين" وسط مدينة "السويداء" حاملة اسم "الصخرة الأقوى".
مهندس الديكور الفنان "ناصر سلامة عبيد" المشرف على تنفيذ العمل، وصاحب الفكرة الأساسية فيه قال بلقاء خاص: «إن فكرة المنحوتة تتمحور حول تاريخ سورية منذ بدايات التكوين، وقد قمنا بدراسة وافية عن هذا الموضوع قبل بدء العمل، حيث ساهم سبعة فنانين بالنقاش الغني والدراسة قبل البدء به، وعندما اكتملت الفكرة بدأت رحلة البحث عن صخرة تناسب ما توصلنا إليه، حيث وجدنا صخرة وصل وزنها إلى 32 طناً بارتفاع يتجاوز أربعة أمتار وهي كتلة واحدة استغرق العثور عليها أكثر من عشرة أيام من البحث بالتعاون مع أصحاب المناشير والمقالع، وقد تم نقلها إلى موقع تل "جنجلة" الأثري الذي استضاف ملتقى "السويداء" الدولي الثاني للنحت.
كانت قصة الراحل الأديب "سلامة عبيد" التي تخلد عمل سيدة من جبل العرب ضحت بفلذة كبدها لحماية الثوار من الأسر أو القتل قصة ملهمة لأي فنان يحب هذا اللون، ويعتقد الناس أن هذه الحادثة وقعت في مغارة بلدة "عريقة"، وبعد دراستها بعمق ومناقشة الأفكار مع الزملاء، حاولت أن أقدم لهذه السيدة النبيلة بعضاً مما قدمته، وكنت بكامل الاستمتاع بالنحت ولم أواجه أي مشكلة تذكر، مع العلم أن العمل تم في أيام البرد والشتاء القاسية مع وجودنا في موقع تل "جنجلة" في ظهر الجبل، والذي يبعد عن مدينة "السويداء" ثلاثة كيلومترات باتجاه الشرق، والذي يبعث على العمل وجود نخبة من الفنانين على درجة كبيرة من الاحتراف والروح المرحة، وكان همنا الوحيد أن تكون فكرة المنحوتة قد وصلت وتصل للناس في كل الوطن الكبير
وقد استغرق العمل بها قرابة ثلاثة أشهر، وتحولت إلى قصة تحكي حكاية وطن بتاريخه وتراثه وثقافته وتضحياته ومقاومته للمحتلين وحكاية تحرره وتطوره واستقراره وازدهاره وعطاء أبنائه والإخاء والأمن الذي ينعم به.
وأكد الفنان "فؤاد أبو عساف" أحد أبرز المشاركين في صنع المنحوتة لموقع eSuweda عن تفاصيل العمل والفنانين المشاركين فيه: «تتألف الصخرة من أربعة وجوه، يحكي وجهها الأول تاريخ المنطقة منذ العهود الأولى للحضارة إلى العهد النبطي ثم العهد الروماني والبيزنطي وصولاً إلى العهد العربي الإسلامي، وهو من تنفيذ الفنان "يحيى سريوي"، فيما يروي الوجه الثاني الذي نفذه النحات "جدعان قرضاب" حكاية المقاومة والتضحية، ويلخص القصة المشهورة التي كتبها ووثقها الأديب الراحل "سلامة عبيد" عن سيدة من أهالي جبل العرب ضحت بابنها مقابل إنقاذ العديد من الثوار وعائلاتهم الذين احتموا في إحدى المغر من جنود الاحتلال الفرنسي، بعد أن كاد الطفل الصغير يفضح بصوت بكائه وجود هؤلاء الثوار.
ويروي الوجه الثالث للمنحوتة حكاية الاستقرار الذي تنعم به سورية في العصر الحديث، ويتكون من عنصر نباتي يتحول بشكل جميل إلى طير الحمام الذي يرمز للسلام نفذته الفنانة "نجود الشومري"، وعنصر عمراني يحكي قصة النهضة العمرانية والصناعية التي شهدتها سورية نفذته الفنانة التشكيلية "هويدا أبو حمدان"، ويتمازج هذا العنصر العمراني بشكل رائع مع عنصر زخرفي على شكل بساط بينما يروي الوجه الرابع من المنحوتة حكاية العطاء الذي عبر عنه النحات "بهاء غرز الدين" بالمرأة التي هي رمز العطاء وهي الأم والأخت والبنت والصديقة والزوجة حيث زين فستانها بخيرات الأرض وهي تحمل على كتفيها بيوتاً ترمز للوطن».
وقمة المنحوتة التي نفذها النحات "فؤاد أبو عساف" تجسد مجموعة من البيوت القديمة التي ترمز للوطن والتي تمتد على جهات الصخرة الأربع وتنتهي بقبة مسجد يتآخى بشكل رائع مع برج لكنيسة تعبيراً عن الإخاء في سورية وطن المحبة والسلام.
الفنان "جدعان قرضاب" الذي وضع كل إمكانياته في نحت الوجه الثاني قال لموقعنا عما أنجزه: «كانت قصة الراحل الأديب "سلامة عبيد" التي تخلد عمل سيدة من جبل العرب ضحت بفلذة كبدها لحماية الثوار من الأسر أو القتل قصة ملهمة لأي فنان يحب هذا اللون، ويعتقد الناس أن هذه الحادثة وقعت في مغارة بلدة "عريقة"، وبعد دراستها بعمق ومناقشة الأفكار مع الزملاء، حاولت أن أقدم لهذه السيدة النبيلة بعضاً مما قدمته، وكنت بكامل الاستمتاع بالنحت ولم أواجه أي مشكلة تذكر، مع العلم أن العمل تم في أيام البرد والشتاء القاسية مع وجودنا في موقع تل "جنجلة" في ظهر الجبل، والذي يبعد عن مدينة "السويداء" ثلاثة كيلومترات باتجاه الشرق، والذي يبعث على العمل وجود نخبة من الفنانين على درجة كبيرة من الاحتراف والروح المرحة، وكان همنا الوحيد أن تكون فكرة المنحوتة قد وصلت وتصل للناس في كل الوطن الكبير».