تقع قرية "لبين" في وسط "اللجاة" وهي من القرى الهامة، إذ تتميز بآثارها حيث تتركز فيها كنائس وبيوت سكنية قديمة، هي مأهولة الآن، وتغيرت معالمها جزئياً، ولعل أول ما يجب ذكره، أن الاسم الحقيقي لقرية "لبين" هو "جرين"، وأن "لبين" هي "جرين" الحالية، وهذا ما عرف من خلال النقوش الكتابية المتوافرة في كل من القريتين، حيث كان اسمها سابقاً "آجرينا".

الأستاذ "سلامي أبو سرحان" مدرس لغة عربية في قرية "لبين"، تحدث عن الآثار بقوله: «إن ما يعرفه أهل القرية عن آثارها، يقتصر على ما ورد ذكره في كتاب الدكتور "علي أبو عساف" مدير الآثار سابقاً، حيث ورد في كتابه (الآثار في جبل حوران): أبرز آثار القرية هي الكنائس، وهما كنيستان كبرى وصغرى، تقع الكنيسة الكبرى في وسط البلدة القديمة وقد بنيت في عام 417 ميلادي، مع مسكن رجال الدين عند جانبها الجنوبي، وهي من أحسن نماذج الكنائس الحورانية التي ما تزال معالمها واضحة حتى الآن، وتتألف من قاعة مستطيلة، ومتطاولة تقطعها ثلاث قناطر، وتقع في ضلع العرض الشرقي الحنية التي يشبه شكلها شكل حذوة الفرس.

وصفت الكنيسة الصغرى بأنها تتألف من قاعة، تنتهي إلى حنية عميقة مدخلها الرئيس في الغرب، يحمل سقفها قنطرتان. على جانبها الأيسر يوجد بناء صغير، مؤلف من: طابقين، في كل طابق غرفة واحدة، وهو أقرب إلى البرج من حيث الشكل. أما على الجانب الأيمن، فنشاهد غرفة واحدة كبيرة، مدخلها كمدخل سابقتها ينفتح على بهو الكنيسة، ويبدو أن سقف الكنيسة وأرضيتها مازالت بحالة جيدة

يحيط بمدخلها برجان من دورين مدخلهما ضيق، يوجد في قوس المدخل نقش يوناني يذكر اسم المدينة "جرين"، وهو غير مؤرخ.

الأستاذ "سلامي أبو سرحان"

أما النص الموجود في الحنية، فهو الذي ورد فيه التاريخ 417 على الأرجح.

يدخل النور إلى الكنيسة من نوافذ صغيرة في حنيتها، وأخرى أكبر في القاعة، أما أرضيتها فقد رصفت بالبلاطات الحجرية البازلتية المنحوتة نحتاً جيداً، وتماثل رفيقاتها في الفناء الداخلي على الجانب

الكنيسة كما تبدو من الخارج

الأيمن للكنيسة، أمام مسكن رجال الدين.

هناك ساكف بوابة في الجدار الغربي للفناء نقشت فيه كتابة يونانية فيما بعد، أي بعد تجهيز البناء، تحمل التاريخ 233 ميلادي، وهذه هي أوصاف الكنيسة الكبرى».

من البيوت القديمة والجميلة والتي لاتزال مأهولة إلى اليوم

أما عن وصف الكنيسة الصغرى فأضاف: «وصفت الكنيسة الصغرى بأنها تتألف من قاعة، تنتهي إلى حنية عميقة مدخلها الرئيس في الغرب، يحمل سقفها قنطرتان.

على جانبها الأيسر يوجد بناء صغير، مؤلف من: طابقين، في كل طابق غرفة واحدة، وهو أقرب إلى البرج من حيث الشكل.

أما على الجانب الأيمن، فنشاهد غرفة واحدة كبيرة، مدخلها كمدخل سابقتها ينفتح على بهو الكنيسة، ويبدو أن سقف الكنيسة وأرضيتها مازالت بحالة جيدة».

وفي الحديث عن البلدة القديمة تابع الأستاذ "سلامي" قائلاً: «وفي وصفه للبيوت المعاصرة اختار نموذجاً لبيت مسكون، يقع في الطرف الشرقي من البلدة القديمة، وقد وصف البيت بأنه صفاً من الحجرات عددها أربع، موزعة بالتساوي على شقتين متجاورتين، ظهر البيت باتجاه الشارع، وتنفتح أبوابه على حديقة أمامه.

يتألف البيت من قاعتين عاليتين كبيرتين في الوسط، وعلى جانبيهما حظيرتان، جعلت معالف الحظيرة اليسرى في الجدار الفاصل بينها وبين القاعة حتى يراها الجالسون فيها، أما معالف الحظيرة اليمنى فقد جعلت في جدار بوسط الحظيرة فلا يراها القاطنون.

لكل حظيرة باب نحو الشارع، وفوقها حجرات النوم التي ترتبط بقاعات الجلوس، أو المعيشة الأعلى بوساطة أدراج داخلية، لقد اختار المعلم البناء مكانا للحمام في وسط الجدران السميكة، فجعل في كل جدار خلفي للشقتين حماماً فيه جرن قبالة الباب، وحوضاً بجانب الباب ومصرفاً لفضلات الإنسان.

ونلاحظ في ترتيب هذا البيت أنه متكامل والاتصال سهل بين حجراته، ويكفي لإقامة أسرتين أو أسرة واحدة تمتلك قطيعاً من الأبقار، وآخر من الخيول، والأهم من ذلك الحديقة أمامه، والحمامات بجانب حجرات النوم، وهذا أحسن مثال وأقوى دليل على رقي السكان، واهتمامهم بالنظافة وإنشاء البيوت ذات الشروط الصحية الجيدة».

المهندس "وسيم الشعراني" مدير دائرة الآثار في "السويداء"، تحدث عن ترجمة النصوص والكتابات التي وجدت في هذه القرية الغنية بمقتنياتها الأثرية، بقوله: «لقد رقمت النقوش والكتابات وفق ما رقمت عليه النصوص والكتابات في محافظة "السويداء"، وقد وردت مترجمة في أكثر من مرجع ومنها الجزء الثاني من كتاب الدكتور "علي أبو عساف"، حيث ضمت قرية "لبين" النصوص والكتابات التالية:

رقم 793+2455: فوق مدخل يصل إلى باحة في الجزء الشرقي من القرية وحوالي 100م جنوبي الكنيسة الكبيرة، وعندما شاهده "ودنكتون" كان أمام باب الكنيسة، مكسور طرفه الأيمن، والجانب الأعلى حفر فيه صليب فيما بعد ولكن بشكل عبثي.

وترجمته: في العام 21 من عمر سيدنا ماركوس أوريليوس أنطونينوس أوكستوس سكان آجرينا أو "جرين"، بنوا هذا للرب عوم بمساعدة المفوض أوريليوس بلاتون بن بارباروس وعبون بن خيران راعي المعبد أي سادن المعبد.

إن تغير اسم هذه القرية أوقع الباحثين بحيرة، لقد زار "فتزشتاين" و"ودنكتون" القرية عندما كانت غير مسكونة أي قبل عام 1870م، مثل "جرين" واسمها القديم "آجرينا" معروف في عدة كتابات من هذه القرية.

ومن جهة أخرى أفاد "دوسو وماكلر" أن هذه الحجارة وعلى الرغم من ذكر الاسم "آجرينا" فيها ليست من "جرين" بل من "لبين"، إن السكان الحاليين عندما سألناهم عن الاسم القديم أفادوا أنه "جرين"، وأن البدو قالوا لهم عندما سكنوا الخربة أن اسمها هو "لبين" فاعتمدوه، وفيما بعد عندما سكنت "جرين" علموا أن اسمها "لبين".

إن تأريخ النص كان موضع نقاش علماً بأن النص الآتي يكرس إلى ذات الرب وقد بناه المواطنون بعهد المفوض ذاته وأرخ في عام 233 م، أما الرب عوم فقد انتشرت عبادته في "اللجاه" ومقره الهام والرئيس هو "دير اللبن" حيث عثر على كتابات تخص عبادته أيضاً في "حران" و"داما العليا" و"عاهرة" وفي "جدل" و"الغارية الشرقية".

وذكر اسم هذا الرب مضافاً إلى اسم آخر، ومهما يكن الأمر فإن من عادة القبائل القديمة أن يتجنبوا ذكر اسم الرب احتراماً له، فهو يوصف بأنه رب العشيرة مثلاً، مثل رب "إبراهيم" أو رب اسرائيل وهو أصلاً رب خاص وقد أصبح رب عشيرة، أما الاسم أبونو أو عبونو فلم يظهر إلا هنا.

ورقم 793/1+2456: حنت فوق باب قرب الكنيسة الكبرى في ناحية الجنوب ويتجه الباب نحو الشرق، والترجمة: في السنة الثانية عشر من حكم سيدنا القيصر الكسندر سكان "آجرينا" بنوا هذا للرب عوم من خلال المفوض بلاتون وعبون، وقد شطب اسم الامبراطور قديماً.

ورقم 793/2+2457: حجر في قنطرة مبنية عند مدخل الكنيسة وهو الحجر السفلي عند الجهة الشمالية أو الجانب الشمالي مباشرة، فوق الدعامة وقد شطفت زاويته ويستمر فيه السطران الآخران على الجانب الآخر، وترجمته: إن سكان قرية "آجرينا" عملوه برعاية فيليبوس بن جحفل وتيبيرنيوس بن آجريبا.

ورقم 793/3: نقشت فيه شبه جملة، فوق قدس الأقداس بذات الكنيسة، والترجمة: في عام 312=417 م.

رقم 793/4+2457: حجر مبني فوق جدار بيت عالي يشبه البرج على بعد أمتار من الكنيسة وإلى الجنوب الغربي، وهو في أحد المداميك السفلى يتجه نحو الشرق ويحيط بالنص إطاراً.

والترجمة: سكان أجريبا: بيرنيكيانوس بن سيماخوس شمس بن عيسى، نذر/نذير بن هيرودوس، عبد بن فيتالوس، مكسيموس بن..... بيرينكيوس بن......عامر بن......بروكلس بن.....سيمخوس بن......أنها أسماء مجلس مدينة جرينا ولم تكتب هنا "آجرينا" وهذا ما يفسر تحول الاسم حالياً من "آجرينا" إلى "جرين".

ورقم 793/5: حجر مبني في جدار يبعد حوالي 25 م إلى الشمال الشرقي من ذات الكنيسة، يقع إلى اليمين من باب البيت، الكتابة فيه مقلوبة أي النص إلى أسفل ويمكن قراءة بعض الحروف منه.

ورقم 793/6:حجر مبني في واجهة جدار خارجي من نفس البيت إلى يسار مدخل البيت إياه، والترجمة:......وأنيكيتوس وسيماخوس ومكسيموس وماركوس المناظرون.

ورقم 793/7: حجر في بيت الشيخ في الجزء الشمالي من القرية وكان هذا البيت سابقاً معبداً أو مكان عبادة وهو في قوس يحمل سقف الحجرة، والترجمة: المسيح إبن الله تقدمة يونس بن خدام، إن قراءة خدام مشكوك فيها وربما كيدام وتلفظ ربما خوذام أو كودام.

رقم 793/8: شاهدة مبنية في جدار اسطبل في باحة منزل غربي بيت الشيخ، يتجه الاسطبل نحو الغرب، عليها اسم: نجعات وهو بهذه الصيغة غير معروف أما الاسم نجع فهو متداول.

ورقم 793/9: مذبح وجد في بيت ينفتح على باحة حوالي 100م غربي بيت الشيخ، وهو موضوع بشكل مقلوب في داخل غرفة والقاعدة فيه مكسورة، والترجمة: خيران بن نذر بن حطو بن عياث عمره 70 سنة شيخ القرية.

رقم 793/10: حجر موجود في مضافة على بعد 25 م جنوبي المذبح، وهو مغموس في الأرضية والجزء السفلي فيه مكسور، ويحيط بالنص إطاراً جميلاً وينتهي إلى مثلثين.

والترجمة: نذر بن روطيق دعي إلى اجتماع المجلس مع أبيه وأخوته ليدفع دية، وحتى تاريخه لا دم يسيل... إن فهم هذا النص صعب وغرضه مبهم، وهو معروض في مكان عام يطلع عليه الجميع، ولاشك أن هذه الكتابة قد نقشت في أعقاب صلح دفع بموجبه الأشخاص المذكورين الديَّة لمن قتلوه، وحقيقةً أن الكتابة معروضة في مكان عام ولها دلالة تشبه راية الصلح الشهيرة.

ورقم 793/11: حنت فوق باب بيت حديث قرب مركز القرية ويبعد بحوالي 100م إلى الجنوب الغربي من مكان وجود الحجر السابق، يتجه الباب نحو الشمال وصفحة الحنت التي نقشت فيها الكتابة هي الأنعم للحنت في وضعه الحالي.

وقد نحت سطحه السفلي لتركيب درفات الباب، ونقش فيه اسم عيطان، واسم عيطانوس الفينيقي معروف في كريت، وإن كان الاسم إتاموز ليمين هي مدينة على ساحل شبه الجزيرة العربية.

ورقم (b 2457): حجر نقش قيه نص وموجود في الكنيسة، يخص هذا النص موقع يدعى سُبين جنوب غرب داما أداموس آميروا.....سطر واحد غير مترجم.

ورقم 2458: نص في المسجد أو المجلس يتألف من سطر واحد غير مترجم.

ورقم 2459: نص آخر في المسجد طويل من عدة أسطر وهو نص جنائزي غير مترجم، ويبدو أنه مكتوب بأسلوب خاص وفريد: الأم توجه الكلام للابن المفقود المتوفى ويجب أن تكون مسيحية يرد في الكتابة الاسم عودن.