يبدأ موسم القطاف مع ولوج فصل الصيف، يقضي خلاله الناس وقتاً لجمع هذه النباتات، بعضهم يستخدمها كغذاء وآخرون كدواء، وغير ذلك كشراب ساخن لطيف المذاق.
هي عادة قديمة درج عليها أهل الريف والمدينة على حد سواء، حيث يقومون منتصف شهر أيار بجولات في الأراضي الجبلية وبين مزارع الزيتون حيث تنمو النباتات البرية، لقطف وجمع نبات "الزوفا" و"الزوبع"، أو ما يسمى "الزعتر البري"، أما غايات ذلك فعديدة تتطور مع اكتشاف خصائص جديدة لهذه النباتات، وإذا كان الغذاء والدواء سببان لجمع هذه النباتات قديماً فهي لاتزال كذلك الآن لكن مع إضافات أخرى.
أجمع سنوياً باقة كبيرة من "الزوفا" بشكل خاص، وكذلك "الزوبع"، وذلك لفائدتهما، وللعادة التي درجت عليها منذ زمن وبعيد، "فالزوفا" لاتزال كما كانت قديماً من أكثر المشروبات الساخنة تفضيلاً للناس، مع اختلاف في قدرة الناس في الحصول عليها، فهي لم تعد متوافرة كالسابق، عدا أن رش مبيدات الأعشاب، واستصلاح الأراضي الجبلية، والقطاف الجائر سبب تراجعاً ملحوظاً في مناطق وجودها، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"الزوبع"، الذي أجمعه باعتباره مادة رئيسية في صناعة الزعتر، وهذا ما سبب انقراضه من مناطق كثيرة حول مدينة "طرطوس" وقراها، كما أن الكثيرين لم يتخلوا عنه -رغم انتشار أدوية الزكام- باعتباره دواء طبيعياً لمعالجة أعراض الزكام، والتخفيف من آلامه
مدونة وطن "eSyria" التقت السيد "سليم حرفوش" صاحب مطعم من مدينة "طرطوس"، بتاريخ 24 أيار 2014، حيث تحدث بالقول: «يبحث كثيرون من الناس بداية فصل الصيف عن نباتات "الزوبع، والزوفا" فيما يشبه طقساً اجتماعياً سنوياً درج عليه الكثيرون، لقطف هذه النباتات وتخزينها للشتاء، حيث يبتعد الجامعون عن المناطق السكنية في الأحراش ومزارع الزيتون، والمناطق الصخرية ليحظوا بفرصة لجمع أكبر قدر ممكن من هذه النباتات، وتستمر هذه الحركة خلال أشهر فصل الصيف الأولى، على اعتبار أن كميات "الزوفا، والزوبع" صارت قليلة جداً مع وجود أناس يقومون بجمع هذه النباتات لبيعها للمشتغلين بالطب الشعبي، ومعامل صناعة الزعتر، حيث يدخل "الزعتر البري" أو كما نسميه "الزوبع" كمادة رئيسية في صناعة "زعتر المائدة"، أما "الزوفا" فنستخدمها عادة كمشروب ساخن بدلاً من الشاي، ذي مذاق شهي، ومفضل لدى بعض الناس لعدم وجود أي ضرر على الصحة مقارنة مع "الشاي" ومشروبات أخرى، ويشترك في هذا الطقس الاجتماعي السنوي كثيرون من الناس "ذكوراً وإناثاً" وبمختلف الأعمار، حيث يلجأ بعضهم إلى هكذا عمل بغية السير في أحضان الطبيعة واستكشافها، وإيجاد نوع من التغير في روتين حياتهم اليومي بالأخص سكان المدن، إضافة إلى كونه عملاً شاقاً لما يتطلبه من سير في الجبال الوعرة».
يضيف: «أجمع سنوياً باقة كبيرة من "الزوفا" بشكل خاص، وكذلك "الزوبع"، وذلك لفائدتهما، وللعادة التي درجت عليها منذ زمن وبعيد، "فالزوفا" لاتزال كما كانت قديماً من أكثر المشروبات الساخنة تفضيلاً للناس، مع اختلاف في قدرة الناس في الحصول عليها، فهي لم تعد متوافرة كالسابق، عدا أن رش مبيدات الأعشاب، واستصلاح الأراضي الجبلية، والقطاف الجائر سبب تراجعاً ملحوظاً في مناطق وجودها، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"الزوبع"، الذي أجمعه باعتباره مادة رئيسية في صناعة الزعتر، وهذا ما سبب انقراضه من مناطق كثيرة حول مدينة "طرطوس" وقراها، كما أن الكثيرين لم يتخلوا عنه -رغم انتشار أدوية الزكام- باعتباره دواء طبيعياً لمعالجة أعراض الزكام، والتخفيف من آلامه».
في مشغل لصناعة "زعتر الطعام" في "طرطوس القديمة" تحدثنا إلى السيد "ياسر إدلبي"، الذي قال: «نشتري ما يحصل عليه من يجمعون الزعتر بنوعيه "الزوبع" والزعتر العادي، خلال شهر أيار حتى منتصف الصيف حيث تجف فروع النبات، و"الزوبع" يعدّ أهم مكونات زعتر الطعام، حيث يأتي إلينا الناس لطحن باقات الزعتر التي جمعوها مع أغصانها أو من دونها، كما نقوم نحن من ستينيات القرن الماضي بصناعة زعتر الطعام، ونتميز بهذه الصناعة باعتبار أن الساحل السوري وجباله هي الموطن الأساسي للزعتر، مع "فلسطين ولبنان" وصولاً إلى "تركيا واليونان وإيطاليا"، وفيما يتعلق بالجودة فإن ما يتم جمعه من البرية هو الأجود -مقارنة مع زعتر المزارع- بسبب نموه الطبيعي وتركيز المادة العطرية فيه، وهو المفضل لعلاج نزلات البرد، خاصة إذا ما تم تناوله بشكل منتظم قبل المرض وبعده، ومن هنا جاءت أهميته في تخزين الناس على مدار العام».
قديماً كان جمع "الزوبع والزوفا" أكثر سهولة، إضافة إلى حاجتهما المحدودة في الشراب الساخن وبعض العلاج، وعن ذلك يقول السيد "عمران أحمد" شيخ معمر من قرية "الشيخ سعد": «منذ صغري كنت أجمع مع أطفال القرية نباتات "الزوبع والزوفا" باعتبارها تزهر في فترة واحدة، وحينها النباتات كانت موجودة وبكثرة؛ فأية منطقة محيطة بالقرية كنا نجد فيها هذه النباتات، فكان الأمر يسيراً للغاية، حيث نجمع حاجتنا فقط ونعود بها إلى المنزل، وبشكل أكثر تحديداً فقد كنا نستخدم "الزوبع" للزكام، وكمشروب ساخن يريح الحنجرة والمعدة، وفي حين يمكن إيجاد "الزوبع" في وقت محدد من السنة، فإن "الزوفا" تصبح جاهزة للقطاف بداية شهر أيار حتى أواخر الصيف حيث تجف وتصبح كالأعواد اليابسة ودون طعم يذكر، لذلك كنا نجمع أكبر قدر ممكن من "الزوفا" ونحفظه لفصل الشتاء، لنستخدمها كمشروب ساخن بدل الشاي، وهي من أكثر المشروبات الشعبية تفضيلاً لدى الناس في "الساحل السوري"، حيث تشرب في أي وقت، ومع وجبات الطعام كافة، وتتمتع بمذاق شهي للغاية».
حديثاً، صار الطب البديل يستخدم ماء الزوبع المستخرج بالتقطير للعلاج المركز لبعض الأمراض الصدرية والهضمية، إضافة إلى استخدام الرائحة العطرية المستخرجة في عدة صناعات تجميلية وتزيينية، عدا ما سبق من استخدامات.