زهور تشابه الثلج في بياضه، وتفوق زهور الربيع بنضارتها ورائحتها العطرة، إنها زهور "النرجس" التي تنبت مع قدوم فصل الشتاء وتبقى مزهرة إلى حين اقتراب فصل الربيع، في الوقت الذي تتوقف فيه كل الأشجار عن النمو وتسقط أوراقها على الأرض استعدادا لفصل الربيع.

للتعرف على زهرة "النرجس" التقى "eSyria" بتاريخ 6/2/2011 السيدة "عليا أوبورز" وهي ربة منزل ناهزت السبعين من عمرها والتي قالت: «تنبت زهور "النرجس" بعكس معظم الأزهار التي تظهر فوق الأرض مع قدوم فصل الربيع، أما زهور "النرجس" فإنها تنتظر أول هطول للمطر بداية شهر تشرين الأول حتى تنبت وتعطي أوراقها التي تكبر بشكل طولي لتعطي بعد عشرين يوما زهورا بيضاء ناصعة مثل الثلج، ورائحتها زكية للغاية تفوح لمسافة عشرة أمتار حولها.

لدي ذكريات جميلة مع زهرة النرجس، ففي أيام الطفولة كنت أذهب مع أصدقائي لقطف باقات من أزهارها لنأخذها للمعلمة في اليوم التالي، أونضعها في المنزل، ولم يكن قطف زهور "النرجس" ليؤثر على انتشارها لكون تكاثرها يتم تحت الأرض، لكن قيام البعض باقتلاع البصلة يؤدي إلى اختفاءها من بعض المناطق عدا استصلاح الأراضي الجبلية، وقد قمت خلال فترة طويلة من طفولتي بجلب كميات كبيرة من البصلات حيث زرعتها أما منزلنا وهي أصبحت كما رأيتموها حقلا كبيرا من النرجس

هذه الرائحة كانت تدلنا على مكان وجودها، حيث كنا نذهب ونحن صغار إلى الأراضي الجبلية المحيط بقريتنا للبحث عن أزهار "النرجس" وهي الخيار الوحيد المتوافر في هذا الوقت من السنة من بين الزهور، فكنا نضعها في كأس ماء في المنزل لتبقى أكثر من عشرة أيام بحالة جيدة».

السيدة عليا أبورز

الشاب "ربيع فارس" مزارع يسكن في منطقة جبلية قريبة من قرية "السودا"، يقول في وصفه لزهرة "النرجس": «تتبع زهور "النرجس" للعائلة البصلية، وذلك لكونها بصلة صغيرة تبقى تحت الأرض من نهاية فصل الربيع حين تموت أوراقها إلى بداية فصل الشتاء حين يهطل المطر، فتظهر فوق الأرض عدة وريقات صغيرة تنمو بسرعة رغم قدوم البرد ليصل عدد أوراقها إلى عشر أوراق وشكل هذه الأوراق طولاني، يظهر في وسطها رأس الزهرة من بعد خروجها فوق الأرض بخمسة أيام.

أما الزهرة فهي عبارة عن غصن صغير تظهر في أعلاه عدة زهرات صغيرة قد يصل عددها إلى 15 زهرة، وهذه الأزهار بيضاء ناصعة تبقى لغاية شهر كامل قبل الذبول، ورائحتها عطرة للغاية، أما التكاثر فيتم عبر ظهور بصلات صغيرة بجانب البصلة الكبيرة، في حين أن تجربتي في زراعة النرجس أثبتت إمكانية تكاثره عبر البذور التي تظهر مكان الزهرة بعد موتها».

نبتة النرجس المهجنة يمين الصورة والنبته البرية من اليسار

ويضيف الشاب "ربيع": «لدي ذكريات جميلة مع زهرة النرجس، ففي أيام الطفولة كنت أذهب مع أصدقائي لقطف باقات من أزهارها لنأخذها للمعلمة في اليوم التالي، أونضعها في المنزل، ولم يكن قطف زهور "النرجس" ليؤثر على انتشارها لكون تكاثرها يتم تحت الأرض، لكن قيام البعض باقتلاع البصلة يؤدي إلى اختفاءها من بعض المناطق عدا استصلاح الأراضي الجبلية، وقد قمت خلال فترة طويلة من طفولتي بجلب كميات كبيرة من البصلات حيث زرعتها أما منزلنا وهي أصبحت كما رأيتموها حقلا كبيرا من النرجس».

وعن أنواع النرجس يقول الشاب "ربيع": «في البداية لم أكن أعلم بوجود أنواع سوى النوع البري الذي تتألف زهرته من عدة وريقات مغزلية الشكل وقابلة للعد على الزهرة الواحدة، لكن عرفت فيما بعد بنوع آخر مهجّن أو مجلوب من مكان بعيد ينبت بعد النرجس البري بحوالي الشهر وتستمر زهوره فترة أطول من النرجس البري.

مقطع لزهرة نرجس مهجنة تظهر تكتلها وعدم تناسق وريقاتها

أما شكل الزهرة المهجنة فيختلف بحجمها الأكبر وعدم تناسق وريقاتها وتكتل الوريقات على بعضها بشكل عشوائي، كما أن عدد الزهرات على الغصن الواحد هي أقل من النرجس البري، وهذا النوع يستمر بعد انتهاء موسم النرجس البري حتى نهاية شهر شباط حيث تموت الأزهار وتبقى الأوراق لنهاية فصل الربيع».

السيد "سمير خليل" صاحب أحد محلات العطور، يجيب عن سؤالنا حول تحويل زهور "النرجس" إلى عطر يباع في الأسواق: «ليس لدي المعلومات الكافية عن وجود "أزهار النرجس" في مناطق العالم الأخرى حيث تلعب العوامل المناخية دورا في مكان تواجدها، وكلامي هذا يتعلق بسؤالي أنا شخصيا عن سبب عدم تواجد عطر النرجس رغم أن رائحته من أذكى الروائح الطبيعية، وأعتقد أن قيامنا بشراء العطر وعدم صناعته محليا يؤدي لعدم الاستفادة من زهور "النرجس" كرائحة عطرية، إلا في حال توافر هذا النوع من العطر لكن على نطاق ضيق، وأنا أتمنى صناعة عطر من زهور النرجس لأن رائحته متناغمة كثيرا مع فصل الشتاء وأعتقد أنها من أكثر الروائح العطرية التي تناسب هذا الفصل إضافة لفصل الربيع».