من أكثر أنواع الثمار البرية انتشاراً في الغابات والأحراش، حيث لايكاد يخلو منزل ريفي من بعض حباته شتاءً، أما تناولها فيكون طازجاً ومشوياً ومخبوزاً كرغيف الخبز.
إنها ثمار "السنديان والبلوط" التي تعتبر من الثمار البرية الشتوية التي يرتبط اسمها بأكثر أشهر الشتاء قساوة "كانون الأول والثاني"، وفي حين نجد أن أشجار البلوط تضاءلت بشكل كبير، فإن أحراش السنديان وشجيراته تنتشر بكثرة في المناطق الجبلية وعلى جنبات الطرق، هذا ما تحدث عنه الشيخ المعمر "أحمد حيدر" /94 عاماً/ من "طرطوس" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5/2/2013 قائلاً: «تستعمل ثمار "السنديان والبلوط" في استخدامات كثيرة بدأ من تناوله طازجاً أو مشوياً على النار، وإطعامه للمواشي في فصل يندر فيه الغذاء كفصل الشتاء، وصولاً إلى استخدامه كخبز للطعام، وعدا ذلك فهو طعام لكثير من الحيوانات البرية أهمها "السنجاب".
أعرف بعض السيدات يقمن بعمل لوحات فنية من ثمار "الدوّام"، كما يمكن أن توضع في أوانٍ زجاجية للزينة برفقة مكونات أخرى تعطي منظراً رائعاً، وتدوم لعمر طويل في حال تمت معالجة الثمار بمواد خاصة بعزل الخشب، أما بالنسبة إلي فأنا أعلم أطفالي من خلال هذه الثمار على عمليات الجمع والطرح في الرياضيات، كما يستخدمونها لرسم أشكال كثيرة تنمي موهبة الطفل
اعتاد الناس في القرى على شيّ حبات "الدوام والبلوط" بالنار التي يستخدمونها للدفء شتاء لحين نضجها، حينها يتم تقشير الثمرة وتناولها باستثناء الربع الأخير الذي يكون طعمه مراً بالنسبة "للدوام"، في حين تكون حبات "البلوط" أكثر حلاوة وتؤكل معظم الثمرة، أما تناول الثمرة طازجة فذلك يجعلها مرة الطعم في معظمها ومع هذا هناك كثير من الناس يحبون هذا الطعم».
يضيف: «قام الناس قديماً بتحويل ثمار "الدوام والبلوط" إلى خبز، وذلك في عهد الاحتلال "العثماني" حين وصل الجوع لأقصى درجاته، حينها اضطر الناس إلى طحن حبات "الدوام والبلوط" بعد سلقها بالماء، ثم عجنوها وحولوها إلى ما يشبه رغيف الخبز القاسي وذلك حفاظاً على حياتهم من الموت، رغم أن هذه الثمار ليست ذات قيمة غذائية عالية، لكن كان لها فضل في بقاء بعض الناس على قيد الحياة».
يمكن لأي زائر للمناطق الريفية التي تحتوي أشجار "السنديان" ملاحظة التنوع الكبير في شكل الثمار وطعمها، حيث تتفاوت الثمار في درجات الطول والحجم، ودرجة الحلاوة، في حين لم نلاحظ ذلك التفاوت فيما يخص ثمار "البلوط".
الشاب "سامر حمود" مزارع وصياد يقضي وقتاً طويلاً بين الأحراش والغابات، يقول: «جميع أراضينا الزراعية في المناطق الجبلية كانت عبارة عن غابات سنديان تم قطعها واستصلاحها منذ القديم لزراعتها بالحبوب وأشجار الزيتون، بالتالي فإن وجود "السنديان والبلوط" في أي منطقة ضمن المزارع وعلى جوانبها يعد أمراً طبيعياً جداً.
وقد اعتدت مع أصدقائي على جمع كثير من ثمار "الدوام" خلال بحثنا عن العصافير بين الأحراش، أو خلال تنقلنا الطبيعي بين مزارعنا، ونختار عادة أجود الأنواع بطعمها الحلو وحجمها الكبير، وهذه تأتي من خلال الخبرة بأنواع الدوام وأشكاله، ويشكل تناول الدوام متعة حقيقية اعتدنا عليها منذ صغرنا والعائلة مجتمعة حول مدفأة الحطب، لكن مع مرور الأيام وازدياد وسائل الحياة الحديثة قل توجه الناس إلى أماكن وجود هذه الأشجار إلا لغرض معين، بالتالي قلت تلك المظاهر الشعبية البسيطة، ومع هذا ترى هنا وهناك من يتذكر "الدوام" في فصل الشتاء ويتمنى لو يتذوق عدة حبات يتذكر من خلالها أيام الطفولة حين كنا نقضي معظم وقتنا بين هذه الأشجار».
بالنسبة لأشجار "البلوط" فإنها كما ذكر الكثيرون ممن التقيناهم كانت تغطي مساحات واسعة تمتد على شكل غابات من جبال "طرابلس" في "لبنان" جنوباً حتى "جبال طوروس" شمالاً، لكنها تعرضت لقطع جائر من قبل الغزاة الذين احتلوا الساحل السوري عبر التاريخ، ولاتزال بعض الشواهد مؤكدة لهذا الكلام من خلال شجيرات البلوط التي تتوزع هنا وهناك بين الأحراش، وأهمها غابة "البلوط" الكبيرة الموجودة في قرية "بحوزي" في "سهل عكار" جنوب مدينة "طرطوس".
من جهة أخرى تقول السيدة "سعاد بيشاني" ربة منزل: «أعرف بعض السيدات يقمن بعمل لوحات فنية من ثمار "الدوّام"، كما يمكن أن توضع في أوانٍ زجاجية للزينة برفقة مكونات أخرى تعطي منظراً رائعاً، وتدوم لعمر طويل في حال تمت معالجة الثمار بمواد خاصة بعزل الخشب، أما بالنسبة إلي فأنا أعلم أطفالي من خلال هذه الثمار على عمليات الجمع والطرح في الرياضيات، كما يستخدمونها لرسم أشكال كثيرة تنمي موهبة الطفل».