طيور أحجامها كبيرة وأعدادها قليلة، لا تطير لمسافات طويلة، وتقضي أوقاتها بين شعاب القصب وضفاف الأنهار باحثة عن طعامها.

تعيش "سلوة الماء" على ضفاف المياه العذبة سواء الأنهار أو البحيرات، وتتنقل بشكل إفرادي بين شعاب القصب التي تؤمن منطقة تخفٍّ آمنة لهذه الطيور، وهنا يقول مربي الطيور السيد "عمران ابراهيم" لمدونة وطن "eSyria" التي التقته بتاريخ 25/4/2013 قائلاً: «يوجد على ضاف الأنهار الطمي الذي يحتوي مواد عضوية، وكائنات حية صغيرة، تشكل جميعها عنصر جذب "لسلوة الماء"، كذلك فإن هذه الضفاف محمية من خلال أشجار "الدلب والصفصاف" وشعاب القصب، حيث تختبئ "السلوة" ضمنها وتبحث في نفس الوقت عن غذائها، ولا يغادر هذا الطائر مكانه إلا بحثاً عن مكان آخر للغذاء أو خوفاً من خطر قريب.

في أيام الشباب كنت أصطاد "سلوة الزرع" أكثر من قرينتها المائية لاحتوائها على لحم أكثر، ورغم ذلك فإن اصطياد هذا الطائر المهاجر محدود لقلة اللحم فيه واتساع هيكله العظمي وكمية الريش الكبيرة مقارنة مع الكتلة اللحمية الصغيرة

تمتلك "السلوة" منقاراً طويلاً وواسعاً تغرزه في الطمي بحثاً عن الغذاء، في حين تساعدها أرجلها الطويلة على التنقل بحرية في الأماكن الرطبة والتربة الرخوة، في نفس الوقت لا تفيد هذه الأرجل في السباحة لأنها منفصلة عن بعضها بشكل كامل بعكس "البط" والطيور المائية السابحة، حيث إن هذه الطيور لا تسبح وإنما تطير فوق الماء وتقترب من سطحه محاولة اقتناص الأسماك القريبة من السطح والسابحة قرب الضفاف».

شعاب القصب النهري حيث تعيش "سلوة الماء"

تشاهد "سلوة الماء" على الأشجار القريبة من الأنهار خلال فترات الاستراحة وقلما تشاهد أعداد مجتمعة منها، إلا في حال وجود زوجين من هذه الطيور، وهي من الطيور المهاجرة التي تستريح بضعة أشهر بجانب المسطحات المائية في السهول الساحلية السورية، ويجب التفريق بينها وبين "سلوة الزرع" التي توجد بالقرب من الأولى في الحقول لكن دون الخوض في المياه، وفي ذلك يقول المزارع "محمد عمران" صياد قديم: «في أيام الشباب كنت أصطاد "سلوة الزرع" أكثر من قرينتها المائية لاحتوائها على لحم أكثر، ورغم ذلك فإن اصطياد هذا الطائر المهاجر محدود لقلة اللحم فيه واتساع هيكله العظمي وكمية الريش الكبيرة مقارنة مع الكتلة اللحمية الصغيرة».

يضيف: «تأتي هذه الطيور خلال فصل الشتاء وعلى مراحل باتجاه فصل الربيع، حيث يكتمل قدوم هذه الطيور العائدة إلى موطنها للتكاثر صيفاً، ومما يفسر بقاء هذه الطيور في مناطقنا رغم أنها مهاجرة وجود المياه الوفيرة في الأنهار الساحلية والبحيرات الصغيرة المنتشرة على السواحل، كما أنها تجد المناخ المناسب والغذاء الكافي، وأعتقد بأن قربها من موطنها الأصلي في "أوروبا" يجعل منطقة الساحل السوري مركز استراحة طويلاً، وأستطيع القول بأن كل المناطق التي تسير بها جميع الطيور المهاجرة في طريق هجرتها وعودتها تشكل موطناً لها فهي تبقى في "أوروبا" حوالي ستة أشهر، وعلى السواحل السورية تبقى ما يقارب خمسة أشهر، بالتالي تعتبر منطقتنا موطناً ثانياً لمعظم الطيور المهاجرة».

أرجل طويلة للسير على ضفاف الأنهار

تطير "السلوة" لمسافات بعيدة لكونها طيراً مهاجراً، لكنها حين تختار مكاناً للسكن المؤقت فإنها تقلل من طيرانها، وتختار أماكن تخفيها بشكل جيد، لكن ذلك إذا ما قارناه مع ما نشاهده من أفلام وثائقية عن حياة الطيور المائية في مواطنها فإن "سلوة الماء" تعيش في موطنها الأصلي بحرية أكبر ولا تحتاج لذلك القدر من التخفي، وربما تعيش في مجموعات صغيرة هنا وهناك حول الأنهار والبحيرات في "أفريقيا وأوروبا"، فالناس هناك قلما يتعرضون بالأذى لهذه الطيور كما يجري لها خلال استراحتها في "مياه طرطوس" العذبة كمثال.

يقول السيد "رافع حبيب" مصور مهتم بالطبيعة من مدينة طرطوس: «هناك خريطة عامة يمكن فيها مشاهدة "سلوة الماء" - كما تسمونها – فقديماً كانت مستنقعات وبحيرات "سهل عكار" قبل تجفيفها أفضل مكان لتجمع هذه الطيور، من ثم تأتي أنهار "الكبير الجنوبي، الأبرش، الخوابي، مرقية.." باتجاه أنهار محافظة "اللاذقية"، وتشاهد هذه الطيور بأعداد قليلة خلال فترات النهار، ويمكن تمييز "سلوة الماء" بحجمها الكبير، ولونها الأبيض المختلط بالأصفر قليلاً وساقاها الطويلتان، كما أنها تبدو أكبر وهي تطير نتيجة حجم جناحيها الكبيرين، في حين لا يلاحظ الذيل كثيراً لصغره، أما عنقها فطويل ويرتكز عليه رأس كبير.

الصياد "عمران ابراهيم"

ربما يكون اسم "سلوة الماء" شائع في منطقة "طرطوس" أو بشكل عام في منطقة الساحل السوري، بما يعني أن الطيور المهاجرة بشكل خاص تأخذ أسماء مناطقية أكثر من أسمائها الحقيقية لكونها ليست من طيور المنطقة المستوطنة فيها دائماً».