منذ الآن مشفى "بانياس" الوطني أصبح قادراً على استقبال وإجراء أصعب عمليات الأوعية، بفضل تجهيزاته شبه الكاملة وكادره الطبي المختص... وهذا ما تم تأكيده من خلال العملية النوعية التي تم إجراؤها للمريض "مصطفى عبد الرحمن" الذي التقيناه بعد خضوعه لعملية "داء لوريش" في مشفى "بانياس" الوطني حيث حدثنا عن بعض الأعراض التي عانى منها وكيف تعامل معها قائلاً:

«كنت أشتكي من آلام مبرحة في عضلات قدمي عند السير لمسافة معينة، وبدأت هذه المسافة تقصر تدريجياً إلى أن أقعدتني في الفراش مع الألم الدائم الشديد وبرود في القدمين، ولم أعد قادراً على ممارسة عملي في البناء أو حتى قيادة سيارتي، فراجعت مشفى "بانياس" على الفور، وتم إجراء الفحوص اللازمة بإشراف الدكتور "عماد صقر"، حيث تبين بعد التشخيص غياب النبض عن الفخذين، ما أوجب إجراء عمل جراحي وبسرعة».

خلال هذه الفترة تم التواصل مع مديرية الصحة في المحافظة لتأمين الوصلات الطبية الضرورية للعمل الجراحي

الممرضة "منال ديب" مساعدة الدكتور الاختصاصي الذي أجرى العملية تحدثنا عن سير عملية الفحوص الطبية التي أجريت للمريض "مصطفى" قائلة: «بعد مراجعة السيد "مصطفى" للمشفى قمنا بإجراء بعض الفحوص الروتينية والتحاليل اللازمة بإشراف الدكتور "عماد" الذي أكد ضرورة إجراء صورة أوعية للتأكد من التشخيص الذي توصل إليه وهو داء "لوريش"، وبالفعل بعد إجراء الصورة في أحد مراكز التصوير الخاصة تم التأكد من هذا المرض وضرورة إجراء العمل الجراحي».

المريض "مصطفى عبد الرحمن"

وتتابع: «خلال هذه الفترة تم التواصل مع مديرية الصحة في المحافظة لتأمين الوصلات الطبية الضرورية للعمل الجراحي».

وللتعرف أكثر على حالة المريض وعلى هذا المرض الذي أصابه نلتقي الدكتور "عماد صقر" اختصاصي جراحة أوعية ليحدثنا قائلاً: «بعد الكشف على المريض "مصطفى عبد الرحمن" وإجراء بعض الفحوصات تبين أنه يعاني من داء أكليلي، حيث أجريت له عملية مجازات سابقاً من حوالي عشر سنوات، وأجري له توسيع للمجازات منذ ثلاث سنوات، وهذا ما شكل خطورة عالية على المريض، واستدعى إجراء صورة أوعية تبين من خلالها وجود انسداد أبهري بطني أسفل الكليتين على مستويين.

الدكتور "عماد صقر"

بعد إجراء الاستشارات الداخلية والقلبية والتخطيط والأيكو ارتفعت نسبة الخطورة إلى ثمانين بالمئة، ما دفعنا للقيام بعملية ضبط لسكر المريض وأموره القلبية الأخرى مثل نقص التروية، لنتمكن من خفض نسبة الخطورة إلى أربعين بالمئة، حيث كان من المفروض إجراء عملية قسطرة قلبية أولاً، ولكن بسبب ضعف الإمكانات المادية للمريض قُبِل إجراء العمل الجراحي ضمن هذه الخطورة» .

وعن مراحل العمل الجراحي يقول الدكتور "عماد": «في المرحلة الأولى تم إجراء مدخل خلف "برتيوان" أي بنطال أبهري لتسهيل وتخفيف الألم على المريض ما بعد العملية وتلافياً لحدوث مشاكل معوية، ثم إجراء مجاز فخذي مئبضي تحت الركبة بنفس الوصلات الأساسية، وإجراء مفاغرة على الفخذ ومفاغرة على المأبضي، وذلك خلال زمن حوالي خمس ساعات».

لابد من ظهور المفاجآت في العمل الجراحي، وعنها يقول الدكتور "عماد": «لا يمكن التكهن في ظهور أو عدم ظهور المفاجآت التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة الخطورة أثناء العمل الجراحي، حيث إنه خلال إجراء الجراحة شاهدنا وجود وريد كلوي أيسر مجاور للأبهر يصب وكأن لديه وريد أجوف مضاعف، وهذه حالة نادرة بنسبة أربعة بالمئة بين البشر مما زاد في نسبة الخطورة التي تخطيناها والحمد لله، ولكنها لم تكن المفاجأة الأخيرة، حيث أصيب المريض بعد يومين من وضعه في العناية المشددة بـ "خناق صدر" تمت السيطرة عليه بالتعاون مع أطباء العناية والقلبية، وعادت الحرارة إلى الطرفين المصابين وتمكن المريض من السير دون ألم أو أية مشكلة أخرى».

ويؤكد الدكتور "عماد صقر" أن صعوبة وضخامة هذا العمل الجراحي تكمن بوجود مجازتين وأربعة شقوق ومدخل خاص ومدخل خلف "برتيوان" وأن عدد الاختصاصيين الذين يعملون بهذه الطريقة وهذا الأسلوب قليل.

ويرى الدكتور "عماد" أن نجاح العمل في جراحة الأوعية يتطلب المزيد من التجهيزات الطبية وأهمها جهاز تصوير قوسي وجهاز يعطي غازات الدم وجهاز تحليل الشوارد وجهاز تصوير قوسي وجهاز يعطي الخمائر القلبية.

يشار إلى أن الدكتور "عماد صقر" والدكتور "خالد جبلي" والدكتور "علي جديد" والممرضة "منال ديب" كانت لهم اليد البيضاء في إنجاز ونجاح هذا العمل الجراحي.