بموقعها المميز واغتراب أهلها حملت قرية "بيت السلطان" لمسة من الحب ولمسة من الجمال، وتوجت بعودة الكثير من أبنائها المغتربين.
تقع قرية "بيت السلطان" بداية طريق "طرطوس- الدريكيش"، وتتوزع بيوتها على جانبي الطريق وتمتد على مسافة 300 متر على هذا الطريق. وفي حديث لموقع "eSyria" بتاريخ 20/2/2012 قال السيد "محمد رجوّب" صاحب محل تجاري في القرية: «تبدأ قريتنا من نهاية قرية "الشيخ سعد" في الجنوب الغربي على شكل شريط طولاني على طريق "طرطوس- دريكيش" إلى بداية أطراف قرية "بسمّاقة" في الشمال الشرقي، في حين تمتد حاراتها في كافة الاتجاهات وصولا إلى مسجد القرية "السلطان ابراهيم" في الجنوب الشرقي».
تبدأ قريتنا من نهاية قرية "الشيخ سعد" في الجنوب الغربي على شكل شريط طولاني على طريق "طرطوس- دريكيش" إلى بداية أطراف قرية "بسمّاقة" في الشمال الشرقي، في حين تمتد حاراتها في كافة الاتجاهات وصولا إلى مسجد القرية "السلطان ابراهيم" في الجنوب الشرقي
يتابع: «اشتهرت قرية "بيت السلطان بالاغتراب وبنسبة كبيرة من سكانها إلى أن جاوزت نسبة المغتربين نصف سكان القرية، وكان الاغتراب قد بدأ في منتصف القرن الماضي حين سافر أجدادنا عام 1940 إلى دول أمريكا اللاتينية "البرازيل، الإرجنتين، فنزويلا"، وهكذا استمر أبناء القرية بالسفر إلى أن فرغت القرية تقريبا من أهلها، ومع تغير الوضع الاقتصادي والسكاني والعمراني منذ عام 2000 عاد الكثير من أبناء القرية، وازداد معدل النمو العمراني، حيث هدمت كثير من بيوت القرية وظهرت مكانها الأبنية السكنية الحديثة والمحلات التجارية المتنوعة».
أما لمسة الحب التي حملتها قرية "بيت السلطان" وظهرت بها، فقد تمثلت بعودة الكثير من أبنائها ممن هاجروا للعمل في بلاد الاغتراب، خاصة أن اغترابهم دام لعشرات السنين وفي ذلك يقول الشاب "علي المعصرة" الذي ولد في "فنزويلا" 1984 وعاش فيها: «ذهب والدي إلى بلاد الاغتراب مذ كان عمره 15 عاما، وبقي في "فنزويلا" 36 عاما، وبالنسبة لي فقد ولدت هناك، وعشت كما عاش ويعيش أبناء تلك البلاد، لكني حين أتيت لزيارة قرية أهلي وأجدادي أحسست بشعور غريب كان شعور العائد إلى وطنه رغم أني لم أولد في "سورية"، ولذلك كان قرار العودة إلى "سورية" بملء إرادتي ومن فيض ذلك الحنين الذي لم أعرف مصدره، عدا إحساسي الحقيقي بالأمان الذي لم ولن يوجد يوما في "فنزويلا"».
في حين تمثلت لمسة الجمال التي ازدهت بها قرية "بيت السلطان" بالأبنية الجميلة التي كانت نتاج اغتراب أبناء القرية، والتي تآلفت مع ما تبقى من أبنية الحارات القديمة وهي بدورها ناتجة أيضا عن اغتراب الأوائل من أبناء القرية، أما موقعها المطل على البحر وعلى مدينة "طرطوس" فقد شكل جانباً من جوانب الثراء الجمالي الذي تتميز به القرية.
في لقاء مع مختار قرية "بيت السلطان" السيد "محمد زغبي" يقول: «تتبع قرية "بيت السلطان" إلى بلدية "دوير الشيخ سعد" والى مخترة قرية "بسمّاقة"، لكونها قرية صغيرة يبلغ عدد سكانها 1000ن، وتمتد على شكل شريط طولاني ينتهي شرقا بمجموعة حارات صغيرة متقاربة تشكل أساس القرية وتقع على هضبة مرتفعة تطل على من ما يجاورها من قرى، وتحيط بها قرى "بسمّاقة، دوير الشيخ سعد، والشيخ سعد" غربا، وجنوبا قرية "اسقبولي"، أما من الشرق فتحدها قرى "الطابا، البكرية، بملكة" ومن الشمال قرية "بيلة"، في حين تبعد عن "طرطوس" 10كم"».
يقول في معرض حديثه: «يمكن حديثا تقسيم "بيت السلطان" إلى قسم قديم هو أساس القرية، وقسم حديث نتج عن توسع المخطط التنظيمي للقرية والذي أضاف إليها مناطق جديدة للسكن ما أدى إلى قدوم أناس جدد إلى القرية من الراغبين بالاقتراب من مدينة "طرطوس"، وهذا الأمر لايزال في بداياته حيث إن التوسع يزداد بنسبة مطردة».
ومن معمري القرية المغتربين سابقا التقينا السيد "علي حسين بدّور" عمره "90" عاما والذي قال: «يعود أصل سكان القرية إلى قريتي "بدرية" المجاورة، حيث أتت من هناك عائلات "بدّور، سلامة" إلى موقع قرية "بيت السلطان" وكانت المنطقة حينها أحراشاً وذلك في عهد الاحتلال التركي للبلاد، وسكنوا في منطقة منخفضة مخفية بالكامل، وفي تاريخ لاحق أتت عائلات أخرى "الشيخ، رجّوب، المعصرة، اسماعيل"، وبعد ذلك العهد بدأت القرية تكبر وتتوسع حيث كان أهل القرية يزرعون القمح والشعير والبقوليات ويربون مختلف أنواع المواشي، وفي النصف الأول من القرن العشرين قام بعض شباب القرية بالسفر إلى دول أمريكا اللاتينية، ومن هنا بدأ سكان القرية بترك العمل الزراعي والتحول إلى الهجرة لتطوير وضعهم الاقتصادي».
وعن جانب العمل الحالي لسكان القرية يقول السيد "علي بدّور": «يعمل معظم سكان القرية في العمل التجاري حيث تنتشر الوكالات التجارية، ومختلف أنواع المراكز التجارية، حيث تتوضع القرية على طريق واسع يتجه إلى "الدريكيش"، في حين تنتشر في مزارع القرية أشجار الزيتون فقط، حيث ترك أهل القرية الزراعة بأغلبيتهم، وبالنسبة لي فقد كنت أعمل مصورا ضوئيا متجولاً في "فنزويلا"، لكني في النهاية عدت إلى بلدي لأن الإنسان يحب العودة إلى بلاده مهما طال الغياب ومهما كانت المغريات كبيرة في بلاد الغربة».