رغم الزلازل التي أصابت "حصن سليمان" ما تزال حجارته صامدة وباقية تروي قصة الحضارات الأربعة التي تعاقب عليه .

وخلال الزيارة التي قام بها eTartus إلى الحصن بتاريخ"18/7/2009" التقى السيد "عامر عبد الحميد علي محفوض" من سكان مدينة "الدريكيش" أثناء زيارته للحصن حيث قال:« يقع "حصن سليمان" في حضن جبل "النبي صالح" من جهة الغرب على ارتفاع يصل إلى"800" م عن سطح البحر، وتبعد أطلال هذا الحصن حوالي "18" كم عن مدينة "الدريكيش" في الزاوية الشرقية الشمالية و"56"كم عن مدينة "طرطوس" ويمكن الوصول إليه عن طريق "صافيتا"».

يعود تاريخ البناء الحالي إلى القرن الثاني الميلادي وهو معبد وثني شيده سكان هذا الجبل "بائتوسه" وخصصوه لإلههم "البائتوسي" المحلي وهو أكبر هيكل لهذا الإله "زيوس" وللإله "عشتا روت" اله الجمال

ويتابع السيد"عامر":«تحيط بحصن "سليمان" الجبال من جهة الشمال والشرق والجنوب وينفتح على وادٍ جميل تزينه أشجار الجوز والدلب والدوالي والتوت والسنديان وغيرها , وهو يحتمي بهذه الجبال من هواء الشتاء البارد الآتي من الشرق والشمال ويستقبل الهواء الغربي النقي والرطب القادم من الغرب صيفاً, لذلك يمكن القول أنه تمت دراسة موقع الحصن منذ القدم ويسمى معبد "حصن سليمان" ب"بيت خيخا" أو "بيت خيخة"».

السيد عامر محفوض

وللتعرف أكثر على الحصن من الناحية التاريخية التقينا الباحث التاريخي "جورج شحود" من أهالي مدينة "صافيتا" الذي قال:«يعود تاريخ البناء الحالي إلى القرن الثاني الميلادي وهو معبد وثني شيده سكان هذا الجبل "بائتوسه" وخصصوه لإلههم "البائتوسي" المحلي وهو أكبر هيكل لهذا الإله "زيوس" وللإله "عشتا روت" اله الجمال».

وعن وصف الهيكل يقول السيد"جورج":«يوجد سور كبير ضخم يتوسطه معبد صغير يعود بناؤه تاريخياً إلى منتصف القرن الثاني الميلادي وشكله منحرف وتبلغ أبعاده "144"متر طولاً و"90"متر عرضاً وهو مشيد بحجارة نحتية يبلغ طولها بين "6" إلى "9" متر وعرضها بين "3" إلى "4" متر وسماكتها وسطياً "1" متر».

ضمن الصحن الداخلي

و عن طريقة الوصول إلى داخل المعبد يقول: « للحصن أربعة أبواب تقود إلى داخل صحن المعبد حيث يخترق كل ضلع من أضلاع السور بوابة تتألف من "نجفه" أي "العتبة" وهي عبارة عن قطعة صخرية ضخمة زينت برسمة "النسر" وهو رمز لإله "الشمس" عند "الإغريق" و"الرومان" يقبض بمخالبه على تاج وأجنحته منفتحة يحيط به شابان هما "فوسيفوس" أي "نجمة الصبح" و"هوسبيدوس" أي "نجمة المساء" تنبعث منهما أشعة باتجاه "النسر"».

ويتابع السيد "جورج":«بني الباب الجنوبي بطراز"هلنستي" بشكل قوسي نصر يحملان كورنيشا رائعاً حيث يشاهد الزائر في زاويتي الوجه الشمالي للسور نقش "لأسدين" وعلى الوجه الشمالي الغربي تمثال لشجرة "نخيل" منقوشة أيضاً في حين يكون المدخل الرئيسي في الضلع الشمالي من خلال الرواقين اللذين يتقدمانه في الداخل والخارج أما المدخل الجنوبي فهو بسيط للغاية».

الباحث جورج حنا

وعن الكتابات الموجودة على بعض الأبواب يقول السيد"جورج":«لقد حفرت بعض الكتابات بالخط اللاتيني على الباب الشمالي تعود إلى القرن الثالث الميلادي أي سنة "250" ميلادي توضح بعض الامتيازات التي منحها الإمبراطوران الرومانيان "فالريانوس" و"غاليانوس" لسكان "بائتوسه",أما على الباب الشرقي فقد حفرت الكتابات في عام"171" ميلادي تبين أن الأهالي تبرعوا بتكاليف البناء ».

وعن وصف المعبد يقول:«المعبد باليونانية "ناووس" ويقع في محور الباب الشمالي وقريب من مركز السور وله أعمدة "أيونية إغريقية" ورواق في وسطه مذبح يتربع فوق مصطبة تتخذ جدرانه الخارجية شكل الرواق الذي يلتصق بجسم الهرم أي أنها على هيئة أنصاف أعمدة ملتحمة بجسم الجدار ويتقدم واجهة المعبد رواق محمول على أعمدة حيث يصل الزائر إلى مدخل المعبد بدرج رئيسي عدد درجاته "39" درجة كما توجد أدراج جانبية للدرج الرئيسي يبلغ عدد درجات كل منها "9" درجات وتضم الأدراج سطحين منبسطين يقوم فوق أحدها مذبح للنار».

ويتابع السيد "جورج":« لقد قلب هذا المعبد الوثني إلى "كنيسة" في العهد "البيزنطي" وعلى بعد حوالي "70"متر إلى الشمال الغربي من السور توجد مجموعة من الأبنية التي تحولت إلى "الدير" أيضاً حيث كان يوجد معبد صغير في أسفل بابه ثقوب غير متساوية تثبت فيها الأحرف المعدنية بالإضافة إلى بقايا بناء مشيد بأحجار جميلة تدل على وجود رواق رئيسي يصل بين المعبدين».

يشار إلى أن الحضارة الإسلامية دخلت الحصن في عام "630"ميلادي