"الناغوص" هو تجويف صخري استخدمه البعض لدفن الملوك، والبعض الآخر لممارسة الطقوس الدينية والاختباء من الرومان الذين حاربوا أوائل المؤمنين بالمسيحية.
وللتعرف على أصل تسمية "الناغوص" الذي نجده منتشراً وبشكل كبير في "طرطوس" وتاريخه واستخداماته التقت مدونة وطن eSyria بتاريخ 23/10/2012 المهندس "مروان حسن" رئيس "دائرة آثار طرطوس"، حيث قال: «كلمة "ناغوص" هي على الأرجح كلمة محرفة من كلمة "ناووس" وهي المدفن المحفور بالصخر، وقد استخدم لدفن الملوك أو رجال الدين أو الأشخاص المرموقين في المجتمع في فترات تاريخية سابقة.
شمال شرق المدفن وعلى بعد حوالي ثلاثة وعشرين متراً ظهرت حفرة في الأرض تبين أنها تعود لقبر فردي محفور في الصخر الكلسي وجوانبه متآكلة وسقفه منهار بسبب هشاشة الحجر، وظهر فيه ثلاثة جماجم بشرية متخربة بفعل الضغط والزمن، وبعد إزالة الردميات منه عثر فيه على مجموعة من اللقى الأثرية الهامة وهي ثلاثة أساور برونزية مختلفة الأشكال وخاتم برونزي وقرط ذهبي بشكل حلقة رفيعة مغلقة وتعليقات من البرونز وأربعة أباريق من الفخار كاملة لكل منها عروة وهي مختلفة الأشكال
وهناك بعض المدافن المحفورة بالصخر التي تعود للفترة الفينيقية، إلا أنها قليلة جداً وموجودة في موقع "عمريت" أو ما يسمى "المغازل"، وهي مدافن ملكية مخصصة للملك وعائلته، وبعضها استخدم في بداية المسيحية الأولى، حيث كان المؤمنون الأوائل بالمسيحية يستخدمونها لممارسة الطقوس الدينية، إضافة للدفن، وكانوا يختبئون بها من الرومان، ومعظمها يتوضع ضمن جروف صخرية عالية جداً ولا يمكن الوصول إليها، ويتوضع ضمن جدرانها معازب للدفن، حيث توضع بها التوابيت الخشبية أو الرصاصية، وبعضها يحوي صناديق صخرية يتم الدفن بها، ويتم النزول إليها بدرج».
وعن أهم "النواغيص" التي تم الكشف عنها في "طرطوس" حدثتنا الآنسة "لميس أسعد" رئيسة شعبة التنقيب في "دائرة آثار طرطوس"، حيث قالت: «لقد تم الكشف عن العديد من المدافن الصخرية في المحافظة ومن أهمها على الاطلاق "مدفن الجباب" الذي يقع ضمن حدود قرية "الجباب" التي تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من منطقة "الدريكيش" وتبعد عنها حوالي خمسة عشر كيلومتراً، وهو مدفن طبيعي محفور بالصخر يتم الدخول إليه عبر بوابة من الجهة الجنوبية، وهو مخرب نتيجة العوامل الطبيعية والبشرية التي تعرض لها، وعرض هذه البوابة حوالي /160/ سنتيمتراً وارتفاعها حوالي /150/ سنتيمتراً، ويتألف المدفن من بهو عرضه حوالي /280/ سنتيمتراً وارتفاعه /192/ سنتيمتراً، وفي واجهة المدفن ثلاثة معازب مختلفة الأحجام اثنان منها متجاوران وعرضهما /125/ سنتيمتراً وارتفاعهما /173/ سنتيمتراً، أما المعزب الثالث فهو من الجهة الشرقية الشمالية وهو معزب فردي عرضه 80 سنتيمتراً وارتفاعه /108/ سنتيمترات.
وبالنسبة لتاريخ المدفن فمن المحتمل أنه يعود إلى الفترة البيزنطية.
أما المدفن الثاني الهام المكتشف على بعد حوالي /200/ متر شمال شرق "مستشفى الباسل" في مدينة "طرطوس" عام /2009/ فهو عبارة عن مدفن جماعي منحوت بالصخر الكلسي الطبيعي، في قسمه الشمالي والشرقي وجزء من قسمه الجنوبي منحوت بالصخر العادي، أما ما تبقى فقد بني من الحجر الرملي النحيت نظراً لانتهاء الصخر، وهذا المدفن مؤلف من سبعة معازب منها معازب تم دفن أكثر من جثة فيها، وهذه المعازب خالية من أية لقى أو كسر فخارية وحتى عظمية. وقد ظهرت فتحة في الجدار الغربي أرضيتها تبدأ بدرجة واحدة يعتقد أن الدخول إلى المدفن كان يتم عبرها إلى بهو قليل المساحة، ويقابل هذه الفتحة في الجدار الشرقي للبهو فتحة أخرى تفضي إلى بهو آخر فيه معزبان وقبر فردي، عثر فيه على ثلاث أوانٍ من حجر "الألباتر" ووريقتين ذهبيتين صغيرتين وسراج فخاري.
وفي الجدار الجنوبي للبهو الأول معزب واحد عثر في الزاوية الجنوبية الغربية منه على تابوت من الحجر البازلتي المشغول بعناية فائقة، وهذا التابوت عبارة عن تابوت إنساني الشكل يتألف من حوض وغطاء يتم إغلاقه جيداً بوجود إفريز نافر على طول محيط الحوض، وغطاء التابوت نحت عليه وجه إنسان يحمل على رأسه غطاء للرأس مزخرف مكسورة أجزاء بسيطة منه، ويظهر تحته قسم من الشعر المجعد يليه الجبهة وعليها خط غائر يظهر التقدم بالعمر للشخص المتوفى، ثم الحواجب الرفيعة والطويلة تحتها عيون لوزية ذات بؤبؤ دائري واضح، وبعدها الأنف المستقيم الطويل يتوضع أسفله شارب مشذب ولحية تحت الفم المشغول بعناية وهذه اللحية طويلة ومقطوعة من الأسفل مشذبة وذات شعر متموج، الأذنان واضحتان على جانبي الرأس، أما الجسد فهو بوضعية اللحد خال من أية تزيينات، وعند القدمين يرتفع طرف الغطاء بشكل يشبه الأقدام المكفنة دون أن تظهر معالمها علماً أن هذا التابوت كان مفتوحاً في موقعه وخالياً من أية لقى باستثناء بعض الكسر العظمية المبعثرة داخله».
وتضيف: «شمال شرق المدفن وعلى بعد حوالي ثلاثة وعشرين متراً ظهرت حفرة في الأرض تبين أنها تعود لقبر فردي محفور في الصخر الكلسي وجوانبه متآكلة وسقفه منهار بسبب هشاشة الحجر، وظهر فيه ثلاثة جماجم بشرية متخربة بفعل الضغط والزمن، وبعد إزالة الردميات منه عثر فيه على مجموعة من اللقى الأثرية الهامة وهي ثلاثة أساور برونزية مختلفة الأشكال وخاتم برونزي وقرط ذهبي بشكل حلقة رفيعة مغلقة وتعليقات من البرونز وأربعة أباريق من الفخار كاملة لكل منها عروة وهي مختلفة الأشكال».
أما المدفن الرابع الهام فهو "مدفن الشنية" في ناحية "القدموس" وعنه قالت: «تقع قرية "الشنية" جنوب شرق مركز ناحية "القدموس" وتبعد عنها حوالي ثلاثة كيلومترات، وتم الكشف فيها عن مدفنين جماعيين الأول منهما مدفن منحوت بالصخر الطبيعي يتم الدخول إليه عبر بوابة من الجهة الشمالية وهو عبارة عن غرفة مربعة الشكل، أما المدفن الثاني فهو أيضاً منحوت بالصخر الطبيعي ويتألف من بوابة تفضي إلى بهو صغير ثم إلى معزبين مخصصين للدفن، أحدهما على اليمين والآخر على اليسار وهذان المدفنان يعودان للفترة البيزنطية، ولم يتم العثور بداخلهما على أية لقى أثرية».