«تعتبر السياحة الدينية من أهم مرتكزات السياحة في العالم، والأكثر جذباً للسياح والمصطافين، ورغم فرادة موقع محافظة "الرقة"، وثراء إمكاناتها السياحية، فقد أضاف إشادة مقام الصحابي الجليل "عمار بن ياسر" في مدينة "الرقة" معلماً هاماً من معالم السياحة الدينية في المحافظة، باستقطابه السياح والحجاج من مختلف دول العالم, وتمتاز "الرقة" إضافة لذلك، بنسيج معماري عباسي فريد, جعلها بحق المدينة العربية الأكثر استحواذاً على ملامح فن المعمار العباسي بعد مدينة "بغداد"، ومن شواهد ذلك سور "الرقة" الأثري وباب "بغداد" والجامع "العتيق" وقصر "البنات" وقلعة "جعبر" ومدينة "الرصافة", إضافة إلى العديد من التلال الأثرية والكهوف والمغاور التي تزخر بها المحافظة، ككهوف "بغديك" وكهوف نهر "الفرات" التي تؤهلها لتصبح موئلاً للسياحة التاريخية والأثرية».
تحدث بذلك لموقع eRaqqa بتاريخ (23/2/2009) الدكتور "فيصل مصطفى الحسن" مدير السياحة في "الرقة"، في معرض حديثه عن مقام الصحابي الجليل "عمار بن ياسر"، وما أضافه من قيمة سياحية كبيرة أغنت المنتج السياحي المحلي، وساهم بذلك في تنشيط حركة السياحة البينية والخارجية في المحافظة.
تشتهر "الرقة" بغناها الطبيعي باحتضانها نهر "الفرات" وبحيرة "الأسد" والجزر الفراتية, وتتنوع بادية المحافظة بمساحتها الشاسعة التي تضم العديد من الأودية والشعاب والمسيلات المائية التي تكثر فيها شجيرات "البادية" وتجري فيها المياه في سنوات الخير والعطاء لتشكل واحات خضراء وسط الجفاف القاحل
ويضيف مدير السياحة قائلاً: «تشتهر "الرقة" بغناها الطبيعي باحتضانها نهر "الفرات" وبحيرة "الأسد" والجزر الفراتية, وتتنوع بادية المحافظة بمساحتها الشاسعة التي تضم العديد من الأودية والشعاب والمسيلات المائية التي تكثر فيها شجيرات "البادية" وتجري فيها المياه في سنوات الخير والعطاء لتشكل واحات خضراء وسط الجفاف القاحل».
وعن أهمية المقام، وما يشكله في الذاكرة الجمعية لأبناء "الرقة" يقول "الحسن": «غير بعيد عن مدينة "الرقة" جرت معركة "صفين" الشهيرة، والتي استشهد فيها عدد كبير من صحابة الرسول الكريم ودفنوا في أطراف "الرقة", وشكّل مقام الصحابيان "عمار بن ياسر" و"أويس القرني" علامة بارزة في ذاكرة المدينة, وقيمة لا تعدلها قيمة في ذاكرة أبنائها الذين كانوا يتبركون بها, حيث كان أهل "الرقة" يودعون حلالهم ومالهم في رحاب المرقدين, ولا يستطيع كائن من كان أن يقرب هذه الودائع.
ومنذ القديم والناس يؤمون المقام طلباً للتبرك، وتذكّر مآثر مشاهير الصحابة الذين قضوا في رحاب "الرقة", وانطلاقاً من أهمية السياحة بشكل عام والدينية على وجه الخصوص, ونظراً لما تحتويه "الرقة" من أوابد أثرية عباسية سعت الدولة لإبراز هذه المعالم الحضارية جذباً للسياح من كافة أصقاع المعمورة».
وعن هيكلية بناء المقام، وطرازه العمراني المميّز، أضاف قائلاً: «جاء إشادة مقام الصحابي الجليل "عمار بن ياسر", ليضيف معلماً بارزاً من معالم السياحة الدينية في محافظة "الرقة", حيث يقع المقام شرق مدينة "الرقة" ومساحته الإجمالية /50/ ألف م2 ومساحة كتلة البناء /17/ ألف م2 وقد بدأ إشادة المقام في عام/ 1988/ في عهد الرئيس الخالد "حافظ الأسد" والإمام "الخميني", ويضم أضرحة الصحابة "عمار بن ياسر" و"أويس القرني" و"أبي بن قيس النخعي".
وافتتح المقام في عام /2004/ وتتألف كتلة البناء من طابقين وقبو ويضم الطابق الأرضي أضرحة الصحابة والمكتبة العامة وغرف الإدارة، ومواضع خدمات الزوار والأروقة وصحن المقام, وتبلغ مساحة ضريحي الصحابيين الجليلين "عمار بن ياسر" و"أويس القرني" /730/م2 وتعلوهما قبتان بارتفاع /12/م بينما تبلغ مساحة ضريح الصحابي "أبي بن قيس النخعي" /325/م2 وارتفاع القبة /9/ أمتار، بينما يحتوي الطابق الثاني على أجنحة مجهزة ومهيأة لاستقبال الزوار, وتحيط بكتلة البناء حدائق وساحات ومرآب للسيارات, وسيشاد لاحقاً مشفى خيري لأهالي "الرقة"، وفندق ومطعم لخدمة الزوار في الجهة الشرقية من المقام».
وحول تنفيذ البناء العمراني للمقام، والجهات المشرفة عليه، يضيف مدير السياحة قائلاً: «بُني المقام بالتعاون بين الجمهورية العربية السورية، ووزارة الإسكان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث أنجز الجانب الإيراني لوحات الفسيفساء والقيشاني، ونفذ السوريون الحجر المفرز والبلاط, وقد خرج المقام بأبهى حلة, وأبدع صورة, وتميّز بنقوشه البديعة، ومآذنه التي زيّنت بالرسوم الفسيفسائية، وأروقته ذات الأعمدة المزخرفة، وصحن المقام الذي تتوسطه نافورة ماء هندسية جميلة، وجعلت قداسة المكان، وروعة البناء، وطيب الإقامة بين ربوع "الرقة" من المقام، محجّاً ومقصداً للسياح من كل المحافظات السورية ودول الجوار».
وعن دور المقام في تنشيط الحركة السياحية، وإضفائه قيمة جمالية للمدينة، يقول "الحسن": «أضفى المقام على منطقته قيمة جمالية جديدة، فهو يجاور باب "بغداد" من الجهة الشرقية، وسور "الرقة" الأثري، والسياحة الدينية على وجه العموم تندرج ضمن إطار السياحة الأثرية أو التاريخية، ويشهد المقام حالة من الجذب السياحي الحقيقي على مستوى المحافظة، لا سيما في أيام العطل والأعياد، سواء منها السياحة الداخلية أو الخارجية، ولكن ما نعانيه في محافظة "الرقة" ليس في توفر الإمكانات السياحية، فهي غنية ومتعددة، ولكن في مقوماتها، كقلة الفنادق وطاقاتها الاستيعابية المحدودة، وضعف المنتج السياحي، وتخلف وسائل تسويقه، وعدم اتخاذ تدابير فعلية تهيئ المناخ الجاذب للاستثمار السياحي العربي والأجنبي».