كلام الجرائد هي الشرارة التي أشعلت موهبته الفنية، ومنها عشق الخط العربي، "أيمن الأمين" خطّاط استطاع من خلال تذوقه الفني أن يحافظ على رونق الخط العربي، ومن خلال حبره الندي أعاد لذاكرتنا تاريخ الخط وتراثه الشرقي الذي امتد لمئات من السنين، eAleppo كان في لقاء مع الخطاط "أمين" محاوراً للعديد من النقاط.
إن من صفات الخطّاط "أيمن الأمين" هو الإتقان في عمله ويمكن ملاحظة ذلك من خلال بذل مجهود في إنجاز أعماله المعروضة والتي تظهر فيها نوعيات مرتبة ورتيبة، وبالنسبة للوحات التي يقدمها فهو يعتمد على كل من الخطوط والأرضيات وفي مقدمتها الخطوط البسيطة والتي شكلت إحدى الفترات الأولية التي انتشر فيها الإسلام، ومن خلال معرضه الذي أقيم مؤخراً فقد بذل مجهوداً كبيراً حتى استطاع إحياء خطوط الفترة القديمة والتي تميزت بنوع من البساطة والجمال وعلى الرغم من أن تلك الخطوط تتضمن قواعد سهلة وبسيطة، إلا أنه استطاع أن يمتطي ذلك النموذج ويقدمه بشكل جميل
** حينما كنت صغيراً كانت الجرائد تشد انتباهي فألحظ في بعضها وقد كتبت بخط يد مثل جريدة "الدوحة"، "الشروق" ومن ذلك الوقت أحببت فنون الخط العربي وتحديداً في الصف الأول عندما بدأت بالقلم الرصاص وبعد مدة انتسبت لإحدى الدورات لتعليم الخط العربي بمعهد الفنون لمدة سنتين من عام 1978 ومنها أتقنت خطي الرقعة والكوفي إلى جانب تدريبي عند أحد الخطاطين وهو "أمين السم" ومنه أخذت فنون صناعة الخط في اللوحات والإعلانات وبدأته عملياً.
** هناك اثنين من الخطاطين ومن بينهم "إبراهيم الرفاعي"، وكنت أحضر جميع معارضهم، فحبي للخط هو الذي دفعني إلى دراسة الفنون حيث عملت ولفترة بالرسم من خلال اللوحات التجريدية وتمازج التقانات اللونية، لكنني في النهاية اتجهت إلى الخط، وهذا لا يأتي من التجربة والمران وإنما يجب أن تكون هناك موهبة قد أوجدها الله في شخصية الإنسان، وبعدها تأتي التجربة لتصقل الموهبة وتنميها.
** إن الفنون القديمة تحتوي دائماً على ثقافة وتراث كبير، ومهما بلغنا اليوم من حداثة في التقنيات المستخدمة، فإن الخطوط القديمة سوف تبقى الأساس لأي من الخطوط الحديثة لكونها تمتد لجذور قديمة، ناهيك عن إساءة الحديث منها للخطوط القديمة، وإذا نظرت إلى خطوط الحاسوب- الكمبيوتر- الحديثة فإنك سوف ترى عدم وجود ترابط تنسيقي بين الأحرف، وهذا ما يمكننا قوله بأن الزهرة الاصطناعية لا توازي الزهرة الطبيعية.
** إلى درجة التشويه، فالخطوط الفنية الحديثة شوّهت الحرف، قديماً كان الخط العربي في أوج ازدهاره من الناحية الجمالية والفنية وخصوصاً في العصر العباسي، فنحن اليوم غير قادرين على إبداع الخطوط أو حتى مجاراة القدامى في فنهم الجمالي.
*هناك خطوط تستخدم في المساجد وأخرى تستخدم في الدواوين والبعض الآخر يستخدم في مجالات أخرى، وكيف لنا أن نحكم على إنسان أنه خطاط؟
** أبدأ معك بالشق الأخير من السؤال وهو إن أي إنسان إن تمكن من إتقان خط الثلث فهو خطاط، وهذا لا يعني أن ننفي الخطوط الأخرى، فهناك من الخطوط التي نحتاجها أيضاً كالخط الفارسي والكوفي وغيره، وأن أي تجاهل في أي نوع من الخطوط هو أمر غير جائز حتماً، فالثلث هو أبو الخطوط ويستخدم في المساجد والعناوين الرسمية وأحياناً يستخدم في كتابة المصحف الشريف، وأما الديواني فإنه يستخدم في كتابة الدواوين، وقد كُتب به في العهدين الأموي والعثماني، وأما خط الرقعة فهو لجميع الاستخدامات.
** فقد وصل عدّد الخطوط إلى رقم كبير خلال الفترة السابقة وبلغت من 82 إلى 150 خطا وأصبح هناك تنوع كبير في ذلك، لكن ونتيجة التطور الذي حصل سابقاً انتهى المطاف بسبعة خطوط رئيسية، وهناك من الخطوط المتأثرة بالرسم مثل الخط الفارسي، إلى جانب اللوحات التي تحتوي على البسملة بأشكال خطوط مختلفة.
** هناك من الشبه في ذلك، فالفكرة عند جميع الفنانين واحدة، وتعتبر من أصعب المراحل حينما يبدأ الفنان بعمله، وبالنسبة للخطاط يجب عليه أن يعرف ما هي الفكرة أو الجملة وما هو شكل الخط المناسب لها والوقت المقدر لإنجاز ذلك العمل، ولكن نقاط الاختلاف تكمن في أن الفنان التشكيلي يرسم من خلال اللون ويكون هو هدفه الأساسي على عكس الخطاط الذي يركز على الخط من حيث قوته وليونته،
إضافة إلى أن الفنان التشكيلي يستقي موضوعاته من الواقع، لكن الخطّاط يسير وفق قواعد وأصول منهجية وفي بعض الأوقات يتأثر بالواقع، فأحياناً أقوم بكتابة شعر وأكون متأثراً بواقع فلسطين المحتلة فتظهر الكلمات على شكل دموع.
** أولاً يجب أن أقوم بتعتيق اللوحة لكي تعطي دلالة على قدم الحرف المكتوب فيها، ومن ثم الكتابة لكي أعمد بعدها إلى تجعيد وحرق الورق من الحواف لكي توحي اللوحة بالقدم، ولا ينطبق ذلك على جميع اللوحات طبعاً.
** في عالم الألوان يصنّف اللون البني باللون القديم الذي يأخذ اللون الجوزي أو حبة الجوز المحروقة، وليس فقط بالخط وإنما يكون أيضاً على لون الفخار، ولا يمكن بأي حال أن ترى لوحة صوّرت زمن قديم وقد أخذت اللون الفوسفوري أو غيره من الألوان، وقديماً كان يستخدم لون هباب "الفحم" لتصنيع الحبر والكتابة به.
** يتم من خلال قيام وزارة الثقافة بإجراء دورات تدريبية على هذا الفن والحض على استعماله من قبل المعلمين في صفوف التدريس، ومنه يتم تدريب الطلاب وبشكل مستمر.
** الاستمرار في الكتابة وعدم الانقطاع فمن خلال التمرين والصبر يستطيع الموهوب صقل موهبته وبذل جهده في فهم الخطوط وقواعدها، والبداية يجب أن يتقن مسك الريشة ويتعلم خطاً واحداً ومن بعد إتقانه ينتقل للخط الثاني، لأنه من الخطأ أن يجمع الخطين في الوقت ذاته، ومن بعد إتقانه للحروف المنفصلة يبدأ بالكلمات ويكون تدريبه بشكل يومي لا يقل عن ساعتين.
** إن الخط العربي وعلى الرغم من أهميته فإنه لم يلق الاهتمام والدعم الكافي، ووزارة الثقافة لم تعطه الجانب الأوفر من حيث التصنيف، فبقي بزمرة المهنة ولا يمت لأي نوع من أنواع الفنون، وعلماً بأن الخط يضم الفن التشكيلي والتطبيقي، والعمل على المحافظة عليه، إما أن تكون لنا نقابة خاصة بالخطاطين أو السماح لنا بالانتساب إلى نقابة الفنون الجميلة.
وممن أثنوا على أعماله واعتبروه بأنه قدم الشيء الجيد في عالم الخطوط وخصوصاً لإحيائه للعديد من الخطوط القديمة الخطاط "أمين السم" وحول هذا يقول: «إن من صفات الخطّاط "أيمن الأمين" هو الإتقان في عمله ويمكن ملاحظة ذلك من خلال بذل مجهود في إنجاز أعماله المعروضة والتي تظهر فيها نوعيات مرتبة ورتيبة، وبالنسبة للوحات التي يقدمها فهو يعتمد على كل من الخطوط والأرضيات وفي مقدمتها الخطوط البسيطة والتي شكلت إحدى الفترات الأولية التي انتشر فيها الإسلام، ومن خلال معرضه الذي أقيم مؤخراً فقد بذل مجهوداً كبيراً حتى استطاع إحياء خطوط الفترة القديمة والتي تميزت بنوع من البساطة والجمال وعلى الرغم من أن تلك الخطوط تتضمن قواعد سهلة وبسيطة، إلا أنه استطاع أن يمتطي ذلك النموذج ويقدمه بشكل جميل».
يذكر أن الخطّاط "أيمن الأمين" من مواليد 1969، درس بمركز الفنون التشكيلية عام 1987وعمل مدرساً في ثانويات الفنون النسوية، له العديد من المعارض ومن بينها معرض نقابة المعلمين عام 2002 وحتى عام 2009، ومعرض في معهد التراث العلمي العربي بـ جامعة "حلب" عام 2009، معرض الخط العربي في المؤتمر الثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب، ومعرض رحلة الحرف العربي الذي أقيم مؤخراً بمديرية الثقافة، إضافة للمشاركات التي أقيمت بـ "تركيا" و"الإمارات" في مسابقة القرآن الكريم.