سرير بنت الملك الأثري صاحب القصة الشهيرة في مدينة "بصرى" الأثرية، يعد أهم الأقسام الأثرية في المدينة وحول القلعة. يتميز هذا الصرح بالنقوش والزخارف الحجرية البالغة الدقة التي تبرز نحتاً فنياً بارعاً.
موقع eDaraa زار مدينة "بصرى" الأثرية وخصوصاً سرير بنت الملك الذي حدثتنا عنه السيدة "وفاء العودة" مديرة آثار "بصرى" بتاريخ 5/11/2011بالقول: «بناء "الكليبة" ويدعى باسم سرير بنت الملك، هو صرح موجود في منطقة "بصرى" الواقعة جنوب سورية، وهو أسطورة سادت في المنطقة، يعود هذا البناء للقرن الأول الميلادي، وما يميز شهرة هذه المنطقة القريبة من باب القلعة، وجود عمودين من الحجر يعلوهما حجارة عريقة وضخمة تشبه السرير، وقد تهدم معظم البناء ولم يبق منه سوى بعض أطلاله بزخارفه وأعمدته الرائعة الصنع، والمميز لهذا الصرح هو النقوش والزخارف الحجرية البالغة الدقة التي تبرز نحتاً فنياً بارعاً».
كان هذا البناء يمتد إلى الشمال فيشكل قوساً واسعاً في الشرق، وتمتد المباني على أطرافه حتى العمود الكورنثي القائم في الشمال، وكانت الجدران الخارجية مزينة بمحاريب لا يزال بعضها ظاهراً في الجزء الشمالي المطل على الشارع العام. وخلف سرير بنت الملك ممرات حجرية تؤدي إلى داخل المدينة والتي هدمت العوامل الطبيعية معظمها
وعن امتداد البناء تقول هنا: «كان هذا البناء يمتد إلى الشمال فيشكل قوساً واسعاً في الشرق، وتمتد المباني على أطرافه حتى العمود الكورنثي القائم في الشمال، وكانت الجدران الخارجية مزينة بمحاريب لا يزال بعضها ظاهراً في الجزء الشمالي المطل على الشارع العام. وخلف سرير بنت الملك ممرات حجرية تؤدي إلى داخل المدينة والتي هدمت العوامل الطبيعية معظمها».
الآثاري "ياسر أبو نقطة" يقول عن هذا المعلم الأثري المهم في "بصرى" ومعنى كلمة الكليبة: «"سرير بنت الملك" هو بناء يدل طرازه على أنه شيد في القرن الثالث بعد الميلاد، وأطلق علماء الآثار اسم "الكليبة" على ما يشبه هذا النوع من الأبنية المنتشرة في المنطقة، يقول أحد العلماء انه قرأ هذا الاسم المنقوش على إحدى الكتابات التي وجدت في بناء مماثل في جبل العرب، ولم يعرف لها ترجمة صحيحة تؤدي المعنى اليوناني، كما أنه آثر أن ينقله كما يلفظ إلى اللغات الأخرى. فالكليبة كان الكوخ البسيط الذي يقطن فيه اليوناني البسيط في أقدم عهود اليونان ويطلق أيضاً على مساكن الرعاة وآلهة الماء، استنتج العلماء أنه من المعابد التي تحفظ فيها تماثيل ترمز إلى الآلهة التي يعبدها السكان وينصبونها في صالة واسعة مرتفعة، فكما أن التمثال يرمز إلى صورة الآلهة نفسها فان البناء يوحي بخلود الروح وعظمة السماء.
وبما أن الكتابة المشار إليها تصف المكان بالقداسة فلا مجال للشك انه أقيم لغاية دينية لممارسة الطقوس والشعائر الوثنية التي بقيت منتشرة بين السكان حتى أواخر القرن الخامس بعد الميلاد».
حول هذا الاسم نسج خيال بعض الأهالي عدة حكايا قديمة حدثنا عنها الباحث في التراث السيد "تيسير الفقيه" بالقول: «كانت هناك بنت لملك المدينة في العصر القديم وكانت من أجمل الفتيات وأوفرهن حظا بالترف، ورزق بها بعدما تقدم في السن وشاخ، وعندما كبرت وتقدمت في السن أصبحت سلوة أبيها ومبعث سعادته وكان شديد الخوف عليها. وكانت المنطقة آنذاك معروفة بكثرة العقارب فمن شدة خوفه على ابنته أمر ببناء قصر يقوم فوق أعمدة شاهقة تسكن فيها ابنته الشابة الجميلة لتكون بعيدة عن مصائب الحياة والموت والعقرب، فنقل الفتاة إليه عندما انتهى من بناء القصر، وأمر أن يرفع ما تحتاجه بسلة كبيرة، فاطمأن الملك على ابنته، لكن القدر سار غير ما تأمل ففي إحدى المرات دخل عقرب بين عناقيد العنب التي رفعت إلى القصر بواسطة السلة المثبتة لتأكل منها الفتاة، وما كادت تصل يدها إلى العنقود حتى لسعها العقرب وماتت».
ويتابع حديثه عن تلك الحكايا فتقول حكاية أخرى: «إن أحد الملوك الذين كانوا يحكمون "بصرى" القديمة وذلك في الزمن الوثني ما قبل التاريخ. كان لا يؤمن بالموت كواقع روحي، بل يعتبره أمراً مادياً له مقوماته الحياتية، وليس هناك موتاً كما ذكرت الأديان السماوية، فقرر أن يبني لابنته سريراً على باب المدينة يتيح لها أن ترى كل الداخلين والخارجين منها، ووضع لها خدماً وحشماً وحراسةً مشددة لا تتيح لأي مخلوق أن يمسها بسوء معتقداً بأنه بذلك يمنع عنها الموت، ولأن هناك أسطورة نقلها له الكهنة بأن ابنته ستموت بالسم، فأمر بنشر الفلاحين والحرس في مطلع موسم "سعد الجنايا"، والتي تخرج فيها من الأرض الحشرات السامة من عقارب وأفاع، فيقومون بقتلها حتى لا تصل إحداها إلى ابنته، ولو خلسة على يد فاعل، ولكن الأميرة كان يعجبها منظر التلال الملأى بقطوف العنب التي يحملها المزارعون للمدينة، وأمرت جواريها بإحضار قطف عنب، وما إن مدت يدها إليه حتى لدغتها عقرب صغيرة صفراء لا تكاد ترى أو تلاحظ داخل العنقود الكبير، فماتت بوقتها فلم ينج حرص الملك ابنته من الموت، ولو وضعها في برج على قمة أعمدة كبيرة».