اجتماع العوامل الطبيعية والمناخية والتضريسية في مزرعة "المدايا"، إضافةً إلى ما يتمتع به سكانها من طيبة وكرم وبساطة في العيش؛ جعلها واحدة من أكثر مزارع ريف "القدموس" تميّزاً.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 أيار 2018، "باسم عيسى" من أهالي المزرعة، ليحدثنا عن الموقع والسكان، حيث قال: «هي مزرعة تتبع إلى قرية "القديميسة"، التي تتبع إدارياً إلى منطقة "القدموس"، وتبعد عنها مسافة تقدر بنحو سبعة كيلومترات إلى الغرب، وترتفع ما يقارب الستمئة وخمسين متراً عن سطح البحر. أما أراضيها، فهي منحدرة نحو الأسفل على هيئة مدرجات جبلية. كما تحيط بها مجموعة من القرى؛ فمن جهة الجنوب الشرقي قرية "زهرة الجبل"، ومن الجنوب ناحية "حمام واصل"، أما من جهة الغرب، فتحيط بها قريتا "تعنيتا" و"خربة القبو"، ومن جهة الشمال الغربي قريتا "كرم التين"، و"وادي السقي"، ومن جهة الشمال قرية "القديميسة"، وشرقاً مدينة "القدموس".
أجري في السابق مسح أثري على مزرعة "المدايا"، ولم يتبين حينئذٍ وجود آثار ضمن أراضيها. أما عن تسميتها، فلفظ "امدايا" سرياني الأصل، ويعني الصاحبة أو الرئيسة، و"دويا" تعني الشقي المرذول أو المهمل، وبهذا يصبح المعنى صاحبة الشقاء أو الشقية، والشقية هنا تعني من وقعت في ضيق أو شدة وبُئس، وفي هذا المعنى دلالة على وقوع أهل هذا الموقع قديماً في ضائقة شديدة كانت يوماً ما سبباً لتسميتها بهذا الاسم، أو قد يكون المعنى الرئيسة أو سيدة القوم التي أهملها أهلها وخرجوا عن طاعتها نظراً إلى ضعفها، وهناك معنى آخر لها كتسمية سريانية، وهي منافذ الحياة
يسكن في المزرعة عدة عائلات، وهي: "عيسى"، و"عباس"، و"مرهج". كما لا يتجاوز عدد سكانها خمسمئة نسمة؛ بعضهم يعيشون فيها أو في مدينة "القدموس"، وآخرون اختاروا الاغتراب خارج البلاد. وهي تتألف من عدد من الحارات، أذكر منها: حارة بيت "إبراهيم"، وحارة بيت "إسماعيل"، وحارة "الضهر"، وحارة "حريك"».
أما عن الجانب الخدمي فيها، فأضاف: «تتوافر في مزرعة "المدايا" العديد من الخدمات، منها: شبكة كهرباء، وشبكة لمياه الشرب، وشبكة خطوط هاتفية. أما من ناحية الطرقات، ففيها طريق رئيس معبد يصلها بالمناطق المجاورة، إضافةً إلى مجموعة من الطرق الزراعية التي تحتاج إلى تعبيد واهتمام لتسهيل وصول الأهالي إلى أراضيهم. ومن الناحية التعليمية، ففي المزرعة مدرسة ابتدائية صغيرة فقط، أما باقي المراحل التعليمية، فيضطر الطلاب إلى الذهاب لمدارس القرى المجاورة أو مدارس "القدموس"؛ وهو ما يترتب عليه زيادة الأعباء المادية على الأهالي، ولا تتوفر هنا خدمات الإنترنت، ويعود السبب في ذلك إلى البعد عن مركز الهاتف، كما أنها غير مخدّمة حتى الآن بشبكة للصرف الصحي».
وعن الطبيعة والوضع المعيشي للسكان تقول "هلا اسكندر" من سكان المزرعة: «إن أكثر ما يميّزها سكانها الطيبون جداً، الذين ما زالوا يحافظون على بساطتهم وإكرامهم للضيف، ومساندة بعضهم بعضاً في كل المناسبات والأعمال. وهي أيضاً متميزة بمناخها المعتدل وطبيعتها الساحرة وكثرة أشجارها وينابيعها وغنى تربتها، ويعمل معظم أهاليها في الزراعة، ويعتمدون عليها في معيشتهم بوجه رئيس. ومن محصولاتها التبغ إلى جانب زراعة القمح، وهما المحصولان الرئيسان، هذا إلى جانب أنواع أخرى من الخضراوات الحقلية التي تزرع حول المنازل، وهنا أيضاً أنواع متعددة من الأشجار المثمرة، منها: الزيتون، والتفاح، والجوز، والرمان، والتين، والكرمة، ويجري ضمن أراضيها نهر صغير تغزر مياهه في موسم هطول الأمطار، ويجفّ في الصيف، إلى جانب مجموعة من الينابيع، أهمها: "المقبلة"، و"الشروبة"، و"الحورة"؛ حيث تزداد تدفقاً وغزارة في الشتاء، وتشحّ مياهها صيفاً».
أما فيما يخص تاريخها ومعنى التسمية، فقد قال "بسام وطفة" رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار "طرطوس": «أجري في السابق مسح أثري على مزرعة "المدايا"، ولم يتبين حينئذٍ وجود آثار ضمن أراضيها. أما عن تسميتها، فلفظ "امدايا" سرياني الأصل، ويعني الصاحبة أو الرئيسة، و"دويا" تعني الشقي المرذول أو المهمل، وبهذا يصبح المعنى صاحبة الشقاء أو الشقية، والشقية هنا تعني من وقعت في ضيق أو شدة وبُئس، وفي هذا المعنى دلالة على وقوع أهل هذا الموقع قديماً في ضائقة شديدة كانت يوماً ما سبباً لتسميتها بهذا الاسم، أو قد يكون المعنى الرئيسة أو سيدة القوم التي أهملها أهلها وخرجوا عن طاعتها نظراً إلى ضعفها، وهناك معنى آخر لها كتسمية سريانية، وهي منافذ الحياة».