شكلت كلية الهندسة الزراعية في جامعة دمشق ومنذ إحداثها ركناً أساسياً في إعداد وتأهيل كوادر متخصصة في مختلف المجالات ذات الصلة بالواقع الزراعي، ما أسهم في تطوير القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج وتالياً الارتقاء بالاقتصاد الوطني.
تطور لافت
قبل إحداث الكلية جرى افتتاح المعهد العالي الزراعي بالمرسوم رقم /254/ عام 1960، بهدف إيجاد اختصاصات في الدراسات الزراعية ذات طابع علمي، ثم أحدثت كلية الزراعة عام 1963 بالمرسوم التشريعي رقم /84/ كواحدة من كليات جامعة دمشق، لتحل محل المعهد بهدف إعداد مهندسين زراعيين مؤهلين تأهيلاً زراعياً صحيحاً والقيام بأبحاث زراعية تطبيقية في مختلف ميادين العمل الزراعي.
وفي هذا السياق تؤكد عميد كلية الهندسة الزراعية الدكتورة "عفراء سلوم" في حديثها لموقع " مدونة وطن" أن الكلية تطورت بشكل ملحوظ في ظل الحركة التصحيحية المجيدة، حيث افتتح الرئيس حافظ الأسد مباني الكلية الجديدة في منطقة أبي جرش عام 1973، بعد أن جهزت المخابر اللازمة للعملية التدريسية والبحوث العلمية، وأصبحت المحاضرات النظرية جميعها ومعظم التطبيقات العملية والمخبرية في المقر الجديد والمزرعة المحيطة به، بعدما كانت تجرى في المقر القديم في خرابو (غوطة دمشق).
وتشير "سلوم" إلى أن كلية الهندسة الزراعية شهدت تطوراً ملحوظاً مع تنامي عدد أعضاء الهيئة التدريسية من (7) أعضاء عام 1970 إلى (159) عضواً حالياً، إضافة إلى التطور الكبير في المخابر والأبنية والمزارع واستخدام التقنيات الحديثة في العملية التدريسية، كما شهدت الكلية تطوراً من الناحية الكمية، حيث تستقبل سنوياً ما يقارب الألف طالب وطالبة يستمرون في الدراسة لخمس سنوات.
تخصصات شاملة
تتعدد أقسام الكلية إلى 9 تخصصات على مستوى الإجازة الجامعية، وفق ما ذكرت الدكتورة "سلوم" ومدة الدراسة فيها خمس سنوات، وتتضمن اختصاصات (الاقتصاد الزراعي والإرشاد الزراعي والإنتاج الحيواني//مجترات ودواجن// وعلوم البستنة وعلوم التربة وعلوم الأغذية والمحاصيل الحقلية والهندسة الريفية والموارد الطبيعية المتجددة والبيئة ووقاية النبات) .
وتتابع سلوم حديثها بالقول: " تضم مرحلة الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه، حيث يدرس طالب الماجستير سنتين تكون الأولى عبارة عن عدد من المقررات التخصصية، وفي الثانية يعد فيها رسالة في موضوع محدد يختاره مع مشرفه حسب تخصصه، أما في الدكتوراه يتم الإعداد للأطروحة حول موضوع معين وفق فترة زمنية تمتد من سنتين إلى أربع سنوات".
وترى "سلوم" أن أبرز أهداف الكلية الزراعة هو العمل على بناء كوادر أكاديمية مميزة ومنافسة في سوق العمل، تسهم في دفع عملية التنمية، عبر الاجتهاد والنشاط والإصرار على التحصيل العلمي المتميز والتفوق والنجاح ومساعدتهم على تحقيق ذلك.
وتضيف الدكتورة "سلوم": "تركز الكلية على ربط العلوم النظرية بالتطبيق من خلال القيام برحلات علمية للطلاب بحسب الاختصاص على بعض المناطق والمراكز البحثية الخاصة بالإنتاج الزراعي النباتي والحيواني، إضافة إلى الندوات وورشات العمل المتخصصة التي تقيمها الكلية بالتعاون مع بعض الجهات ذات الصلة، وكذلك المعسكرات الإنتاجية والمراكز البحثية التابعة للكلية."
بين الماضي والحاضر
بدوره يبين الدكتور "حسين محاسنة" من الكوادر التدريسية في الكلية" أن الكلية مرت عبر مراحل مختلفة على المستوى التعليمي والتدريبي للكوادر الطلابية، ويستذكر عندما كان طالباً من عام 1995 وحتى 1999 بأن المعلومات كانت كثيرة ومفيدة والكتب الجامعية قيمة وتزخر بالمعلومات، لكن أساليب التعليم كانت بدائية فلا يوجد كمبيوتر أو لابتوب أو إنترنت، حيث لم يكن المحاضر يستخدم جهاز العرض أو البوربوينت لإيصال المعلومة أو الفكرة أو خطوات التجربة العملية في المخبر، كما كانت اللغة الإنكليزية لدى معظم المحاضرين ضعيفة، وفق الدكتور "محاسنة" حيث لا يستخدمون المصطلحات العلمية الزراعية باللغة الإنكليزية، أو يطلعونا على آخر الأبحاث المنشورة باللغة الانكليزية في المجلات العالمية.
ويؤكد الدكتور "محاسنة" أنه تم تطوير أساليب التعليم، ولا سيما بعد إيفاد عدد من الكوادر آنذاك لاكتساب المهارات العلمية والمعرفية المطلوبة، والحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه وتوظيفها في إغناء المحاضرات بالمعارف اللازمة النظرية والعملية، والاطلاع على أهم التقنيات والتكنولوجيا المطبقة بعلوم الزراعة في العالم، والاستناد إلى المراجع العربية والأجنبية والاستفادة من التجارب الأجنبية وإعطاء محاضرات باللغة الإنكليزية.
ووفق عضو الهيئة التدريسية فقد تمت الاستفادة من المخابر الخاصة بالتقانات الحيوية وتقانات زراعة الأنسجة، كأحد أهم التطبيقات الحديثة لاستنباط أصناف من مختلف أنواع المحاصيل متحملة للظروف البيئية وعالية الغلة، وفي برامج الدراسات العليا تم استخدام التكنولوجيا الحديثة في عرض المحاضرات والتدريب العملي
للطلاب في المختبرات، وتطبيق الأبحاث العلمية الزراعية الحديثة لإعداد مهندسين زراعيين يمتلكون الخبرة النظرية والعملية والتطبيقية في كافة التخصصات، مع الاستفادة من التجهيزات والمعدات والمختبرات التي تمكنت الكلية من المحافظة عليها رغم ظروف الحرب.
على الأرض
الخريجتان (عبير سليمان و لمى قطريب) أكدتا أن كلية الهندسة الزراعية كانت منطلقاً مهماً لتعلم الركائز الأساسية لمختلف المجالات المتعلقة بالعلوم الزراعية، وإمكانية توظيف المعارف المقدمة في المحاضرات نظرياً وعملياً في المشاريع الزراعية مستقبلاً، حيث شكلت المخابر قاعدة تخصصية مهمة لجميع طلبة الزراعة، ولا سيما المتعلق بالتعرف على الحشرات الزراعية وتسويق المنتجات الزراعية، والتعرف على علمي الحيوان والهندسة الوراثية، والاستشعار عن بعد وطبيعة الغذاء وتطوير الدواجن وسلالاتها، وبحث تأثير الظروف المناخية في المحاصيل الزراعية وتحويل المخلفات الزراعية إلى أسمدة عضوية ومنتجات للطاقة.