- مالذي تعنيه هذه الحياة؟ إنجاب أبناء؟ جمع مال؟ المال يأتي ويذهب دون عودة ، والأبناء يتحولون إلى عذاب كلما ابتعدوا عن طفولتهم ، بل قد تتحول إلى عبد لهم ولأمزجتهم غير المعتدلة وإن حاولت أن تدخل عوالمهم لكي تهدئ من روعهم يتحولون إلى غرباء مستنكرين عليك اهتمامك .
مالذي يفعله الأولاد لرجل مثل "مصلح الكايد"؟ لاشيء أكثر مما يفعله المرء لكلبه ، قليل من الماء وبقايا زاد وربما حفلة تنظيف كل شهرين ليس إلا.
- أهو الطريق الذي طالما بحث عنه ولم يجده ، وكان في متناول يديه طوال حياته؟
أي قدر ساخر هذا الذي جلبه إلى بلاد الكفر الصريح ليزرع الايمان في قلبه؟
أكان بحاجة إلى كل هذه الرحلة المضنية لكي يقتنع أخيراً بما اقتنع به آباؤه وأجداد أجداده؟
- وفي يوم الزفاف ، وبعد أن غادر الجميع قبيل غروب الشمس ، رفع الخمار عن وجه عروسه ، فصعق مما رأى ، كانت العروس شقيقة عمشاء لفتاة أحلامه.
كان لابد من وضعها مكان العروس الأصلية تداركاً لفضيحة هربها مع حبيبها إلى جهة مجهولة.
بعد أيام اسيقظ "صالح" من الصاعقة التي ضربت رأسه ، وأدرك ماجرى دفعة واحدة ، فغرق في صمت مطبق لم يخرج منه ، حتى بعد أن توفيت عروسه العمشاء بحادث سير بعد أن فروا فرارهم الكبير من الهضبة بأيام.
وحتى عندما تزوج من فضة الناصر لم يغادره الصمت.
- في الأيام التالية لصحوة الميت أصبح الليل جحيم صالح ، كانت هواجسه تكبر في الظلمة ، وتزداد كثافة حول رقبته عندما يغفو قليلاً ، فينهض على حين غرة إلى النافذة ويستنشق هواءً نقياً.
حاول النوم فلم يفلح ، رغم التعب والنعاس الشديدين.
تبغ، وقهوة مرة، وصمت وعيون تطلع من كل زوايا الغرفة ، عيون تجهز عليه ألف مرة.
|