«رشا رزق» ..سحر الصوت والتخطيط الحذر
رولا القطب
بصوتها سحرت الجميع بمحبةٍ وإحساسٍ كبيرين، فهي عندما تؤمن بفكرة ما تسعى لها بتخطيطٍ وإصرارٍ كما تقول، فقد عُرف عنها الصبر والعناد في تحقيق النجاح.
المفكرة الثقافية التقت الفنانة "رشا رزق" مُغنية الأوبرا السورية بتاريخ 11/11/2008 وكان الحوار التالي:
ببداية لقائنا معك نود أن تُخبرينا عن بدايتك الموسيقية، التي تُعتبر من أهم المراحل التأسيسية لأي فنان؟
بدايتي معالغناء ظهرت منذ الصغر "فوالدتي" أول من دفعني وشجعني نحو الغناء، ففي عمر تسع سنواتاكتشف صوتي وموهبتي أستاذ مادة الموسيقا في المدرسة "نعيم حنا" الذي تبرع بإعطائيدروساً في الغناء الشرقي الطربي وأصول الموشحات واستمر ذلك لمدة أربع سنوات، وخلالفترة مراهقتي أحببت سماع الموسيقا الحديثة والغربية خاصةً التي لها علاقة بالروكوالبلوز ،و بعد انتهائي من المرحلة الثانوية بسنتين قررت دخول المعهد العالي للموسيقا،إلا أن الغناء الأوبرالي لم يخطر لي أبداً لأن ثقافتي شرقية وغربية حديثة وليستغربية كلاسيكية. فتم التحضير لدخول المعهد مع آنسة الغناء "لبانة قنطار" خلال فترةقصيرة، فتقدمت للإمتحان وتم قبولي بالمعهد ومن هنا ابتدأ المشوار الموسيقي بعالمجديد يختلف تماماً عما اعتدت عليه، لأن دراسة الغناء بالمعهد كانت تقتصر علىالغناء الأوبرالي الأكاديمي إلا أنني أحببته فأخذ حيزاً كبيراً مناهتمامي.
نسمع كثيراً بالإختلافات التقنية بين الغناء الشرقيوالغناء الأوبرالي، حيث يصعب على المغني الجمع بينهما فكيف استطعتالتوفيق بينهما بهذا المستوى الإحترافي؟
في فترة دراستي بالمعهد كنت أمارس الغناء الشرقي والقليل من الغناء الحديث (الجاز- البلوز- الروك) لكن لحسن حظي أن الصوت المُدرب منذ الصغر يتطور بسرعة،فالمغني كلما تعمق بالغناء أكثر وجد تقاطعات بين هذين النوعين من الغناء بطريقةتسهل عليه الأداء، وهذا ما حصل معي، أما بالنسبة لتجربتي الخاصة فعندما يكون لدي حفلشرقي أتمرن كثيراً على الغناء الشرقي حتىيعود صوتي لصوت الحنجرة لأن الغناء الشرقي صوت حنجرة أكثر من صوت رأس كما في الغناءالأوبرالي وذلك كي أؤدي الحفل بالشكل المطلوب، وأيضاً عودتي للغناء الكلاسيكي تحتاجلوقتٍ من التمرين حتى أعود بصوتي للغناء الكلاسيكي ولكن المُغني المحترف الذي يُدرككيفية التمرين الصحيح والذي لديه منهجية يستطيع التوفيق بين الغناء الكلاسيكيوالشرقي.
ما هي أهم المحطات الموسيقية التي قُمت بها، والتي تركتأثراً كبيراً لديك؟
أهمها كان حفل تكريم "سعاد محمد"، فالحفل كان يعني لي الكثير، حيث كنا نتمنى حضورها لبلدها سورية ولكن ظروفها الصحية الصعبة لم تسمح لها، فسعاد محمد من أهم الأصوات التي عرفت في تاريخ الموسيقا العربية فهي بمرتبة "أم كلثوم وأسمهان"، و تمنينا حضورها لترى وتسمع مغنين شباب يؤدون أغانيها.
أما المحطة التي سبقت ذلك الحفل فكانت عبارة عن ست حفلات بانوراما عن الموسيقا الدينية بسورية وقُدمت بمهرجان "مرسيليا" بفرنسا، والموسيقا كانت سريانية وبيزنطية وصوفية إسلامية الألحان تعود لـ 7 آلاف سنة أيام الكلدانيين، وكان لها صدى كبيرا جداً، لأننا أظهرناالخصوصية الموسيقية الموجوده بسورية. أما بالنسبة لأهم المحطات الأوبرالية: أوبرا "دادو اينياس" بتونس فهي أوبرا كانت بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس المسرح البلدي بتونس الذي هو أوبرا قديمة إيطالية (يعود عمرهالـ 100 عام)، وبعام 2002شاركت بدور البطولة بأوبرا "ابن سينا" عن دور "جمانة" بنت السلطان، والأوبرا مهمة جداً لأنها أول عمل أوبرالي يتم باللغة العربية، حيث قدمت بقطر "الدوحة" وكانت عن شخصية الطبيب العربي ابن سينا فقدمت باللغة العربية والإنجليزية مؤلفها مؤلف حديث هولندي حيث كُتبت باللغة العربية وقدمها مغنو أوبرا عرب سوريون ولبنانيون ومصريون وأوروبيون.
عادةً الأوبرا تُقدم باللغة الإيطالية، فهل واجهتم صعوبات كبيرة بأداء العمل الأوبرالي باللغةالعربية؟
واجهنا بعض الصعوبات التقنية من حيث اللغة، لأنه بالفعل الأوبرا عادة تقدم باللغة الإيطالية التي هي أسهل لغة بالأوبرا، فهناك أوبرات تُقدم باللغة الألمانية والإنجليزية والفرنسية والروسية، ولكن أوبرا باللغة العربية هي تجربة جديدة، وبالتأكيد المغني الجيد الخبير بتقنيات الأوبرا ولديه خلفية جيدة عن قواعد اللفظ العربي بالتأكيد يستطيع غناء الكلمة العربية بصوت أوبرالي.
في الأيام الأخيرة كَثرت الإنتقادات الموجهة لك وذلك لعدم اتباعكخط موسيقي واضح بالنسبة للجمهور فما ردك على ذلك؟
نوعاً ما هذا صحيح، وذلك بسبب قلة النشاطات الفنية بسورية، فأنا أضطر للعمل بعدة خطوط والمشكلة الأهم من كلذلك أنني واقعة بغرام كل هذه الأنواع الموسيقية "الجاز، الطربي، الأوبرالي" فإذا تم تنشيط النشاطات الثقافية أكثر بسورية، فمن الممكن أن أختار خطاً أساسياً من هذه الخطوط وأفرغ وقتي له كاملاً ، عملي بهذه الخطوط مهمة صعبة جداً وبحاجة لتركيز ذهني وجسدي فالنشاطات السورية قليلة جداً إذا ما قُورنت بمهرجان ببلدة صغيرة بأوروبا.
مارأيك بواقع الموسيقا العربية "الأصيلة" في ظل تعدد الفضائيات هل هي معرضة للزوال؟
مايحدث بالنسبة لواقع الموسيقا الكلاسيكية الطربية كالتالي: نحن لدينا مشكلة بظهورأنواع موسيقية جديدة، وذلك بدعم من شركات إنتاج لأهداف تجارية، ونحن نرفض ظهورالموسيقا التجارية عندما تغطي على بقية الأنواع الموسيقية الأخرى.
بالعالم الغربي يوجد موسيقا تجارية، ولكن هناك محطات للموسيقا التجارية ومحطات للموسيقا الكلاسيكية ومحطات لموسيقا الشعوب، لكن لكل نوع له جمهوره وكل نوع من هذه الأنواع الموسيقية له شركات تدعمه ومؤسسات. فنحن بحاجة لجهات حكومية تدعم كل الجهات الخاصة، لكن المشكلة بالجهات الخاصة أن الربح فقط يأتي من الموسيقا التجارية، وذلك لأن رؤوس الأموال فيها "جبانه"، فلماذا لا يوجد شركات تحاول "الرهان" على الموسيقا الجادة وتقدم لها الدعم والرعاية والحفلات مثل أي دعم تقدمه الموسيقا التجارية؟