"أبواب الشام السبعة"... عبد الله شحادة في حوارٍ مع الغرب

رولا القطب             

 يعد ومايزال من أهم عازفي القانون في العالم. أحب دمشق  بصدقٍ وإخلاص فكانت روحها وعبقها في موسيقاه .

"عبد الله شحاده" مؤسس فرقة ناره العالمية  الذي جعل للقانون مكانةً عالمية تحدث مع موقع المفكرة الثقافية بتاريخ 31/7/2008 وقال:

كان والدايَّ يشجعاني منذ الصغر على دراسة آلة العود  إلى أن دخلت كلية العلوم اختصاص "رياضيات "، حيث قدمت حفلا موسيقيا مع مجموعة من الأصدقاء وكان أحدهم  يعزف على آلة القانون التي كنت لأول مرة أراها وأسمعها فانسحرت بها وبنوعية الموسيقا التي تخرج منها، ومنذ تلك اللحظة قررت أن أتخلى عن أي شيء وأتفرغ بشكل كامل للقانون.

بعدها تدربت عند أهم عازفي هذه الآلة في سورية وهو الأستاذ "سليم سروة" ، وكنت بعمرالثالثة والعشرين ، واستمرت علاقتي به لمدة ثلاث أو أربع سنوات وأكد لي أنه من الضروري المتابعة بشكل أكاديمي بالمعهد العالي للموسيقا حيث تقدمت بعدها لإمتحانات القبول بالمعهد، وكانت اللجنة الموسيقية برئاسة الأستاذ "صلحي الوادي" ومجموعة من الأساتذه الموسيقيين، وكانت فرحتي كبيرة عندما أخبرني الأستاذ صلحي  أنني عازف موهوب وأنه تم قبولي بالمعهد  فكنت الطالب الوحيد لآلة القانون طوال فترة ثلاث سنوا ت. وبعد تخرجي من المعهد قررت إكمال دراسة  العزف على القانون والتأليف في لندن ولازلت هناك منذ ذلك الوقت.

هل كان للغربة تأثير كبيرعلى مؤلفاتك الموسيقية ؟

بالطبع وجودي بالغرب أثرفي اختياري لنوعية التأليف والموسيقا  فمن خلال وجودي اكتشفت أنهم ا بحاجة لسماع مؤلفات لها علاقة أكثر بتراثنا وثقافتنا الموسيقية العربية، ومن هنا جاءت مؤلفاتي التي لهاعلاقة بنوعين من الموسيقا الشرقية والغربية معاً بحيث لايطغى أحد على الآخر، وكانت المعادلة بالنسبة لي أن أقدم ماهو جديد من تراثنا وثقافتنا ليستطيع سماعه أكبر عدد من المستمعين بالعالم ويحوي على التجانس الموسيقي.

ماالجديد الذي أضفته على آلة القانون وأثار ضجة  في عالم الموسيقا ؟

القانون تقليدي بالإصطلاحات الموسيقية  فهو كآلة ييوي ثلاث أوكتافات ونصف أي 26 وترأو 27 وتر، لذلك وأثناء وجودي بلندن كنت في محاولة دائمة لتكبير آلة القانون وذلك لأنني أعزف أعمال غربية تحوي أوكتافات وعلامات موسيقية ليست بالأصل موجودة بآلة القانون مادفعني لتطوير وتكبيرآلتي التي تتألف من خمس أوكتافات وطورتها من الجانب الأعلى والأسفل فأظهرت الآلة الكثير من العلامات الموسيقية العالية والمنخفضة وأصبح المجال الموسيقي واسعاً ماأدى لخلق إحساس غريب عند الغربيين لدى سماعهم عزفي وبالتالي دفعهم  للتساؤل عن كيفية العزف على هذه الآلة المطورة بسرعة وبتقنية عالية.

عبد الله الشحاده قائد ومؤسس "فرقة نارة" هلا تخبرنا عن هذه الفرقة وكيف تكونت؟

"نارة" هي الجمرة التي يتغير لونها عندما تمر بمراحل الإحتراق، وهي الإيحاء الذي له علاقة بنوعية الموسيقا التي ألفتها، كما أنه اسم مرتبط بواقعنا وخصوصاً في الفترة الأخيرة ومدى تعلقنا بالنارجيلة. لذلك وبعد انتهائي من الدراسة في لندن بدأت التفكير بالجمع بين الموسيقيين الجيدين بالغرب والموسيقيين العرب لإنتاج أعمال خاصة ومميزة فبدأ ت "نارة" رحلتها الموسيقية  بأهم المهرجانات  "show case" وكان يحوي أكثر من ألف فرقة تم اختيارنا من ضمنها لنعزف بشكل حي أمام الجمهور.          

هل واجهت صعوبات بخلق التجانس بين أعضاء الفرقة المتنوعة موسيقيا؟

 بالتأكيد  لقد كان هناك نوع من التحدي في التأليف الموسيقي، فمن الناحية الموسيقية  كان جميع أعضاء فرقة ناره قادرين على قراءة وعزف ما أقوم بتأليفه، ولكن الصعوبة تكمن بآلية التنفيذ ونوعية الإحساس، وبما أن الموسيقيين عرب وأجانب لذلك حرصت على أن يحافظ كل موسيقي على طبيعة إحساسه ولكن بمزجها بطريقة مميزة ومدروسة وبشكل منظم، فأظهرت المجموعة  بصورة متناغمة محافظاً على خصوصية "نارة".

أصدرت ألبوماً مميزاً بعنوان "بوابات الشام السبعة" فحمل معه الكثير من الغموض والتأمل، فما الرسالة التي أردت ايصالها للغرب ؟

خلال وجودي بالغرب شعرت بوجود خطأ وسوء فهم وتفاهم من نحن كعرب؟ من نحن كسوريين؟ هل نملك حضارة ؟ هل نحن أشخاص قتله أوإرهابيين؟ وهذا دفعني لتوضيح هذه المسائل والعمل على  نشر المعرفة الحقيقة عن العرب والسوريين فتوجهت لهم بطريقة إنسانية وبشكل فني بعيداً عما يسمى سياسه أو حرب وذلك عن طريق الموسيقا التي  تدخل لأحاسيس الناس من غير "حوار"، وفكرة أبواب الشام السبعة جاءت لإعطاء فكرة للغرب أننا نملك حضارة وثقافة لايعرفون عنها شيئا للأسف.

أنا من سكان منطقة "باب توما" في دمشق،  وقضيت طفولتي وصباي فيها حيث تحوي ديانات متعدده تم التعايش فيما بينهم  بشكل متناغم،  فإذا اتجهنا باتجاه "باب السلام" نجد الأجواء ونوعية اللباس والناس تختلف ضمن مساحة زمنية ومكانية لاتتجاوزالدقائق باتجاه "باب الجابية"، أما إذا مشينا باتجاه "باب شرقي" فسنجد أن الأجواء لها علاقة بالسهر،   ومن هنا رأيت أن الاختلافات البيئية للناس بين أبواب  الشام السبعة لابد أن تظهر بموسيقا الألبوم.

هل عَبرت"بوابات الشام السبعة" عن حالتك النفسية عند سفرك من دمشق لبريطانيا عام 1999 ؟

 بالتأكيد الموسيقا الموجودة بالألبوم لها علاقة بماضيي وبالوطن الذي عشت به  وبرحيلي من الشرق إلى الغرب، فهناك شيء واضح أردت تقديمه في الغرب وهو الموسيقا التي أساسها عربي سوري ولكن بقالب مختلف وبوجهة نظر أخرى.

بالفترة الأخيرة لاحظنا غيابك الموسيقي الطويل عن دمشق فما سبب ذلك؟

شخصياً لاأدري سبب الغياب ولكن السبب أن أعمالي الموسيقية كانت موجهة للغرب ولكن هذا لايعني عدم رغبتي بالعودة لسورية وإقامة حفلات، كما أن عملي  يتم عن  طريق وكالات وشركات علاقاتهم مع بلادنا العربية وبسورية قليلة وكان هناك صعوبة بخلق هذا الجسر، لذلك أنا أرى  أننا بحاجة لوجود أشخاص مختصين   لديهم اهتمام بحركة الموسيقا ويسعون بشكل دائم لخلق علاقات موسيقية مع الموسيقيين السورين المقيمين بالغرب.

 ماسبب تعدد اللغات بمشروعك؟

هو دعوة العالم للحوار بين الشرق والغرب بغض النظر عن اللغة التي تتحدث بها الدولة،  وفكرة الغناء بأكثر من لغة كانت كي أثبت للغرب بوجود إنسان عربي يستطيع التحدث بلغات عديدة وأن يحاكي ويستوعب أشخاص من ثقافات مختلفة .