"أديل" موهبة تشكيلية من المدارس الداخلية

نورس علي

من فضاءات المدارس الداخلية، وعملها في عدة دول عربية، تشكل خطها الفني وكان الرسم التشكيلي وسيلة تعبيرها الافتراضية عن خلجاتها.

فالفنانة التشكيلية "أديل جبرائيل الحلو" وعلى مدار حوالي /40/ عاما كانت ومازالت المحبة والمهتمة بالريشة والألوان، وهذا ما أكدته خلال حوار موقع المفكرة الثقافية معها بتاريخ "16/8/2011":

* سيدة "أديل الحلو" كيف ترين الفن التشكيلي وخاصة الرسم منه وأنت الفنانة التشكيلية؟

** الفن التشكيلي حاجة فكرية لدى الإنسان الذي يملك الموهبة للتعبير عن حواسه وذاته، أي هو تلبية حاجات ورغبات تصبح مع الممارسة حاجة ضرورية لترويض النفس، وهو بالنسبة لي مكافئ لذاتي بعد انتهاء العمل لذلك لا يمكنني اعتباره حاجة مادية كما البعض، فالفنان الموهوب عندما يدرك ذلك يعمل على تطوير هذه الموهبة التي منحها إياها الله، والإنتاج فيها يكون إرضاء لذات ضمن وجهة نظر موضوعية .

 

* هلا حدثتنا عن بدايتك الفنية وخط فنك الخاص؟

** درست في الكلية الأمريكية ب"بيروت" وانتسبت بعد الانتهاء إلى معهد "حيدر حموي" للفنون الجميلة في "بيروت" أيضاً، وفي عام /1976/ طعمت أفكاري وما تعلمته من مبادئ فنية بأفكار ورؤى فنية من جمعية "دبي للفنون الجميلة" وبإشراف مختصين وأكاديميين من مختلف الدول العربية والأجنبية ومن مختلف المدارس الفنية، وهذا كان بداية مشواري في المدرسة الانطباعية، التي شاركت من خلالها بالعديد من المعارض الجماعية الناجحة.

* لكل فنان رسالة فنية يرغب بإيصالها، فما هي رسالة الفنانة "أديل" من الفن التشكيلي؟

** مشاركة الناس جميعاً بأشياء تمنحهم شعورا بالارتياح، فأي شيء يتعلق بالفكر والذات الداخلية تعطي وتمنح هذا الشعور، فمشاركة المتلقي بالنجاح والفرح وجميع الحالات النفسية هي رسالة إنسانية فنية أحب العمل عليها.

* ما هي أهم الألوان التي يتم العمل عليها ضمن أغلب لوحاتك؟

** أغلب أعمالي تميل في ألوانها إلى الطابع المرح، لهذا السبب لدي عناية خاصة بالزهور ورسمها بكامل طبيعيتها، فهي ملعبي وملعب ألواني ومحرك أحاسيسي وأساس العمل لدي والتحفيز لذاتي.

 

* هل تعتبرين ألوانك هادئة أم مثيرة على السطوح الغرافيكية للوحات؟

** أغلب ألواني هي إطلاق العنان لعفويتي التي هي مصدر إبداعي الهادئ، فهي في مرحلة اللاوعي انعكاس لحالة نفسية داخلية منشأها العفوية الهادئة.

* كيف تصورين الأنثى في لوحاتك وأنت الفنانة والأنثى؟

** أنا ابنة بيئة مشهورة بمناظرها الطبيعية وطبيعتها الجميلة الهادئة، وهما أضخم أعمال أنثوية يمكن العمل عليها بكل بساطة وجرأة في التعامل مع الأنثى، فأنا لا أملك موهبة التصوير الشخصي لذلك اخترت الطبيعة التي هي أنثى وكل ما هو أنثى من غير البشر وجميع مكنوناتها أنثوية للعمل عليها في أعمالي الفنية.

* هل هذا الزهو الذي نراه في ألوانك هو صور ومخزون من ذاكرة الطفولة التي يمكن أن تكوني قد عشتِ بها؟

** لا شك في هذا لأن طفولتي قضيتها في مدارس داخلية لها أنظمتها وخصوصيتها التعليمية والحياتية، وهذا كان دافعا كبيرا لي فيما بعد للانتساب إلى العديد من المدارس الفنية بغية قضاء مرحلة عمرية تملؤها الألوان والأشكال التي تزهو بها مخيلتي رغم أن ذاكرتي اختمرت جيداً بالموسيقا الكلاسيكية التي تعلمتها في هذه المدارس، وهذا كان أيضاً شيئا يضاف إلى مخزوني الفكري من مرحلة الطفولة والشباب، لذلك كنت دوماً أطلق العنان لللاوعي لدي للإبحار في كافة الأزمنة والأوقات لكي ينضح بمكنوناته ويظهر ما يملك.

 

* هل يمكن اعتبار لوحاتك مرآة لذاتك أو للبيئة المحيطة بك، أي قراءة غير مباشرة لصفحات ذاتك؟

** أنا أملك لمسة خاصة في هذه الفكرة تميزت بها عن بقية أقراني، ويمكن قراءتها بسهولة وسلاسة، فأغلب المتابعين لأعمالي يستطيعون قراءتها من بين عدة أعمال معروضة، ومعرفة الفكرة والهدف منها.

* هل تعتبرين أعمالك من الأعمال الرمزية أم التعبيرية؟

** أنا عشت في منزل ريفي تراثي رائع الجمال، استطعت رسم أجزائه بطريقة واقعية جميلة شد العديد من المتلقين لمتابعة المزيد منها وهذا جانب، أما الجانب الأخر فهو تمكني من الرسم بأسلوب رمزي عبرت فيه عن مكنونات الطبيعة، والأهم من هذا هو التمكن من العمل بأسلوب تجريدي لبعض الأحيان ولبعض الظروف في مرحلة اللاوعي ضمن العمل.

* كيف تعملين لمتلقي الفن التشكيلي، وخاصة أننا أصبحنا نلاحظ ثقافة خاصة تنمو لديه؟

** بشكل عام أنا لا أعمل لمجرد وجود مخزون من اللوحات يجب أن يكون لدي، بل أعمل من مخزون ناتج عن تفجير رغبات وإمكانات خاصة تلامس حسن المتلقي، ففي كل معرض أقوم به يكون لدي معرفة مسبقة بنوعية الحضور وأذواقهم ومداركهم الفكرية والفنية، وبناء على ذلك يجب أن تكون لوحاتي وأفكارها متناسبة معهم، وهذا إشراك للمتلقي في الفن التشكيلي الخاص بي برضا مني، وهو ما اعتبره مكافئة لي وتحفيز للمتابعة.

 

* كيف تتم عملية التدرج بالألوان وصولاً إلى الألوان المباشرة المعبرة عن مضمون اللوحة؟

** إن الإحساس سيد لوحاتي، فخلال العمل أقوم وبشكل دائم بمراقبة نفسي الداخلية ومدى الرضا فيها عما ينبع عنها في كل خطوة أو انتقال بين الألوان، لذلك يمكن القول أن التدرج بين مختلف الألوان سيده السلاسة والهدوء والتلقائية، مع مراعاة التحكم البسيط بين درجات اللون الواحد- الفاتح والغامق.

* الأكاديمية والموهبة المهنية عنصران يمكن أن يتوفرا في الفنان ويمكن أن يتوفرأحدهما فقط، فماطبيعة العلاقة بينهما، وكيف ترين هذه العلاقة؟

** الموهبة والأكاديمية عنصران وخطان مهمان للفنان، وهما في الغالب يلتقيان بشكل مباشر في الفنان، وهذا تأكيد على أن الفن ليس وسيلة مباشرة لكسب المال، وإنما هو علاقة قوية ومتينة بين الموهبة الموهوبة من الله وبين المثابرة البشرية من التحصيل العلمي لها.

* كيف تجدين متلقي الفن التشكيلي وخاصة الرسم منه في أيامنا هذه بعد وجود الكثير من التقنيات المساعدة والتوضيحية؟

** المتلقي لدينا إنسان واع ومثقف جداً ولديه فكر متنامي باستمرار، فتجده مهتم بالمعارض ويتوقف مطولاً عند اللوحات، محاولة الوصول إلى مشاعر الفنان في لحظة رسمها ومنحها الحياة على السطح الغرافيكي البعيد.

* ما الذي ساهم في تنمية وتطور الحس الفني لدى الفنانة "أديل الحلو"؟

** هما عاملان أساسيان كانا صاحبي فضل بالنسبة لي، الأول منهما الطبيعة المشتاوية المميزة بمناخها وتضاريسها وطبيعة سكانها ومكانتها التجارية القديمة على طريق الحرير، أما العامل الثاني فهو التحاقي بالمدارس الداخلية التي منحتني الإحساس بكل شيء والانفتاح على كل شيء.

 

يشار إلى أن الفنانة "أديل الحلو" من مواليد "مشتى الحلو" عام /1938/، أقامت العديد من المعارض الفردية السنوية منها معرض فندق "كارلتون الشارقة" عام /1980/، ومعرض فندق "شيراتون دبي" عام /1985/، ومعرض "جمعية الشابات المسيحيات" في بيروت عام /1996/، ومعارض سنوية في "فندق منتجع مشتى الحلو"، إضافة إلى العيدي من المعارض الجماعية كمعرض "جمعية السيدات الاجانب" في "دمشق" عام /1991/، ومعرض في محافظة "ادلب" عام /2001/، ومعرضي "اليونيسكو" ووزارة السياحة عام /2011/ .