"أمل غزلان": العمل النحتي تجسيد لمشاعر وعاطفة وجمال
علاء الجمّال
«هدفي من الحالة التعبيرية المغيبة المعالم للشكل الإنساني التركيز على ملمس الجسد ككل دون الوجه، لأن الملمس يبقي شيء من أثر الفنان على عمله، أما تفاصيل الوجه فتعد هوية الشخص وذلك لا يهمني وإنما اهتمامي ينحسر بحس المتلقي بعد رؤية عملي النحتي وتلمس الحالة التعبيرية فيه».
هذا التحليل للنحاتة السورية "أمل غزلان" التي تحدثت لموقع eSyria calendarأثناء حوارها في غاليري "فري هاند" ـ دمشق" حول رؤيتها لفن النحت ووجهتها التعبيرية فيه، ومعها كان الحوار التالي:
* نبذة مفصلة حول المراحل التي مر بها عملك النحتي؟
** أعشق النحت منذ طفولتي، وأرى فيه شيئا من التكوين، وأشعر بوجودي وذاتي عندما أرى عملي، وقد درست النحت في كلية الفنون لأنه حلم طفولتي والآن أحاول جهدي أن أنجح كنحاتة وأترك بصمة خاصة في الفن التشكيلي السوري، لذا أفكر باستمراري في النحت. وطريقة عملي تنحسر بالفكرة الجميلة عندما تتراءى في مخيلتي، فأسرع بتنفيذها على الورق ثم أتخيلها بالشكل الثلاثي الأبعاد ثم أنفذها بالصلصال وأضع لها القالب الجصي ثم النسخة التي غالباً ما تكون بخامة البوليستر وبعدها ألونها وأعتقها.
* صفي الكينونة التعبيرية في عملك النحتي؟
** إنها شعورك وشعور كل مشاهد يقف أمام عملي الذي أتركه دائماً تحت حكم الذوق والحس والتفاعل.
* ما الخامة التي تعملين عليها وكيف ترين خصوصيتها في العمل؟
** البوليستر إنه المادة التي تحافظ على تفاصيل الصلصال بعد تشكيله كعمل نحتي ولا تفقده شيئا من ملمسه الذي أتعمد إظهاره.
* كيف تجدين التوجهات النحتية الآن في "دمشق" وخاصة عند الشابات؟
** قليلة ومظلومة والتقصير برأيي من المتلقي نفسه، فالناس لا زالت لا تتقبل النحت وتراه على أنه أصنام وأنا كنحاتة من واجبي أن أخبرهم أنها منحوتات جمالية نجسدها لغاية جمالية وشاعرية وعاطفية كلوحة جميلة، وهي لا ولن تصل إلى درجة الكمال الخلقي فأنا زرت "تركيا" ورأيت حدائق جميلة تزينها منحوتات أبقار رائعة الشكل وتعطي للناظر إحساساً بروحانية الحديقة. أيضاً وجود تماثيل أخرى مثل منحوتات الغزلان في الساحات العامة الصغيرة وأمام البيوت…
في "أميركا" إجمالاً هناك حركة نشيطة للفن النحت، وأتمنى في راهن هذه الفترة أن يستقر فن النحت لدينا وخاصة بوجود دعم من صالات العرض للمواهب الشابة، ولا أظن أن هناك فرق بين الشابات والشباب بالاستمرار إلا أن الواقع يثبت أن عدد النحاتات الشابات قليل.
* تقومين بدراسة حول النحت التدمري، ما تداخلات هذا اليحث؟
** النحت التدمري أكبر بكثير من الحديث بسطور، ولكن من واجبنا كمثقفين ونحاتين أن ننقل التفاصيل الجمالية بعين الفنان النحات عن النحت التدمري لتكون مرجعاً يسلط الضوء على الأشياء التاريخية والأثرية التي قد لا يراها المتلقي.
إن جماليات بلدنا رسالتنا البصرية، ورسالتي كطالبة التعمق بها، وفتح الطريق أمام غيري لمتابعتها فتدمر مزيج حضارات قديمة وعريقة… ليس من السهل الإلمام بها لأنها تأثرت بفنون هذه الحضارات وحافظت في نفس الوقت على طابعها المحلي الجميل.
* إلى أي مدى نحن بحاجة إلى دراسة التاريخ والإطلاع على محتواه الأثري والإنساني ومنجزه المعرفي برأيك؟
** إذا كانت لدينا الحضارة العريقة فنحن بحاجة ماسة للكشف عنها ومعرفتها لأن حضارتنا وآثارنا منتشرة في متاحف العالم وتشكل جزءاً كبيراً من أبحاث الغرب فلماذا لا نكون السباقين في قراءة ومعرفة حضارتنا؟
* يلاحظ في وسطنا الإعلامي والمحلي عجزا وفقرا شديدا من جانب الاهتمام بالبعد الأثري ولاسيما المناطق الأثرية البعيدة مثل "تدمر" "أفاميا" وغيرها الكثير، كيف يمكننا برأيك الإفادة من الثقافة البصرية والجمالية والسياحية من هذه المناطق؟
** يكفي زيارة هذه الأماكن والتمتع بها، فأنا مثلاً عندما أقرأ عن "تدمر" أو غيرها من حضاراتنا أرغب بزيارتها لمرات عديدة حتى أرى فنونها وبدائع نحتها الجميل. هذه مفردات الغنى البصري والثقافة البصرية المستمدة من عمق التاريخ والحاضر الأثري، إنها وقود الأيدي المبدعة.
* يعرف عن "درعا" غناها بالمكتشفات واللقا الأثرية، هلا أوضحت قراءة لبعض من تلك المكتشفات... وتأثيرها عليك كنحاتة؟
** الطبيعة بالنسبة للفنان ذاكرته البصرية التي تظهر في أعماله، وطبيعة "درعا" ذاكرة لها حضورها وتأثيرها في أعمالي كنحاتة. آثار "بصرى" مثلاً جميلة جداً وحجر البازلت رافق عيوني منذ الصغر حتى أني كنت أرى في الأعمال التي ضاعت بعض تفاصيلها خلال التنقيب الأثري أن فيها شيئا من ملمس الحداثة، أنا لم أتأثر بعمل معين إنما وجودي في هذا الجو ساعدني لأن أكون أنا.
* تودين قول شيء في نهاية الحوار؟
** هناك مواهب رائعة في بلدنا، ولكني أصر على أن النحت مظلوم كاهتمام من قبل الجمهور والمتلقي، وأتمنى أن يحظى بالمثابرة والاستمرارية.
في سطور
ولدت الفنانة "أمل غزلان" في درعا عام /1983/، تخرجت في كلية الفنون الجميلة ـ جامعة "دمشق" قسم النحت عام /2005/، شاركت بعدة معارض مشتركة… وهي الآن تعد رسالة الماجستير حول النحت التدمري.