أوركسترا لأطفال "سورية"... تغني من "أوغاريت" للسلام
كمال شاهين
في تجربة إبداعية ليست جديدة على "البيت العربي"، انطلقت قبل أيام قليلة التدريبات الأولية لمجموعة من الأطفال من مختلف المحافظات السورية لفرقة "أوركسترا" تضم أكثر من مئتي طفل، وحملت اسم أوركسترا سورية".
التجربة التي يقودها الفنان "ياسر دريباتي" ويشارك في التعليم فيها نخبة من الموسيقيين السوريين أيضاً، اختارت أن تنطلق من اللحظة السورية الراهنة، فتختار للتدريب مجموعة من أطفال تتراوح أعمارهم بين السابعة إلى الثانية عشرة، لتجمع أطفالاَ قدموا من محافظات سورية "ساخنة" مع أطفال مدينة "اللاذقية".
الطفلة " فرح شاهين" (12 سنة) إحدى الطفلات المشاركات في الاوركسترا قالت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 أيار 2014 أنها سعيدة بالمشاركة في هذه التجربة الجديدة التي تتيح لها قبل الغناء التعرف على أطفال آخرين المشاركين في الكورال والغناء، والاستماع اليهم وإلى تجربتهم وتبادل أفكار والقصص معهم.
في التفاصيل تحدث الفنان "ياسر دريباتي" مشيراً إلى أن فكرة "أوركسترا سورية" هي لإيجاد كورال غنائي متكامل الأصوات، يشارك مع فرقة العازفين في تقديم مجموعة من الأغاني للجمهور في حفلات لاحقة، ستقدم في عدة أماكن، قد يكون بعضها في الهواء الطلق، لجذب اهتمام الناس ليس إلى الموسيقا بحكم كونها حاملاً فكرياً وإنسانياً فقط، بل من خلال الرسائل الموجهة للجميع في سورية بالعمل لإحلال السلام.
ويرى الفنان "ياسر دريباتي" أن الحاجة إلى تقديم نوع غناء مختلف من قبل الأطفال للناس تفيد في تعريف وتعزيز ثقافة الموسيقا من جهة، وفي التعرف على أنماط موسيقية مختلفة ذات جودة عالية من جهة أخرى، عدا عن الحامل المعرفي المتمثل في انتماء هذه المنظومة من الأغاني والأناشيد إلى الذاكرة السورية التراثية والجمالية، وتمثل إعادة إحيائها شكلاً من أعادة بناء الهوية السورية.
التدريب مجاني بالكامل، ويمثل هذ الأمر دعوة لكل من لم تساعده الظروف على الانخراط في تجربة الأوركسترا دون وجود عوائق مادية تبعاً للظروف الراهنة في البلد، ويقسم التدريب في الأوركسترا إلى مرحلتين: أولى لاكتشاف أصوات المناسبة للكورال، والثانية التدريب أسبوعي على مجموعة مختارة من أغاني تم اختيارها بناء على رغبة أطفال أنفسهم، أي أن الأطفال ساهموا في اختيار الأغاني التي يظنون أنها الأكثر تأثيراً في ذهن المتلقي، بالتعاون مع الملحنين "زياد مليّس" من "حلب"، و"زياد عجان" من اللاذقية، إضافة إلى الإشراف الفني والتدريبي للملحن والموسيقي "مروان دريباتي".
الملحن "زياد ملّيس" القادم من "حلب" رأى في التجربة خطوة طيبة سوف تساهم في إيصال صوت أطفال إلى كافة السوريين، الرسالة التي أرادها الأطفال رسالة محبة وسلام، وأضاف قائلاً: «هذه التجربة ليست جديدة على "البيت العربي"، فهناك فرقة أوركسترا في البيت قدمت وتقدم كل عام حفلاً سنوياً وآخر كل ستة أشهر، تقدم فيها المحصول الموسيقي والغنائي للجمهور، ورغم صعوبات إيجاد عازفين من مختلف الاختصاصات، خاصة تلك الاختصاصات غير "الشعبية" كـ "التشيلو" و"الكونترباص"، إلا أننا من خلال الجمع بين الأوركسترا هذه، والعازفين ـ والذين ليسوا حصرياً من أوركسترا "البيت العربي" ـ نطمح إلى أن نقدم موسيقا وغناءً مختلفاً».
يلتقي هذا الطموح مع رؤية الملحن "زياد عجان"، الملحن الذي كتب أكثر من ستين نشيداً متنوع الموضوعات، وغنتها مختلف الفرق والكورالات السورية والعربية منذ الستينيات إلى الآن، وصدرت في كتاب خاص عن وزارة التربية السورية، وخاصة تلك التي لا تغيب عن الأذهان بفعل غياب الحدث المرتبط بها، يقول الملحن "عجان": «هناك أناشيد حفرت في الذاكرة لا تخرج منها أبداً، خاصة تلك التي تتغنى بحب الوطن والإنسان، منذ أكثر من عشرين عاماً لحنت القصيدة الأجمل في الثقافة الأوغاريتيه، وهي رسالة المحبة لبعل التي وجهها لأخته "عناة"، التي يدعوها فيها بعد اشتراكها في عدة معارك بقوله:
أقيمي في الأرض وئاماً
وابذري في التراب محبة
واسكبي سلاماً في كبد الأرض
وعسلاً في كبد الحقول
فعندي خبر انقله إليك
كلام أسرده إليك
حكاية الشجر
وهمس الحجر
وتنهد السماء الى الأرض
ونجوى الغمر إلى الكواكب".
هذه الأغنية سوف نعيد تقديمها في "الأوركسترا"، كما سنقدم أناشيد أخرى كلها تركز على المحبة والسلام والوئام، وهي تأكيد من الأطفال ومنا على أن سورية كانت وستبقى أرض السلام والمحبة».
بدأت التدريبات باختيار أغنية "حلوة يا بلدي" للفنانة "داليدا"، وبرر الفنان "مروان دريباتي" الأمر بقوله: «تتمتع الأغنية بشعبية كبيرة بين الأطفال قبل الكبار، ومقاماتها على العموم سهلة الأداء فلا تحتوي على أرباع، وكلماتها جميلة ويمكن تأديتها من قبل الأطفال، وإضافة إليها هناك أناشيد وأغان أخرى نقوم بالتدريب عليها منها نشيد موطني، ونعتمد في التدريب على بناء الصوت وأن يكون الأداء مطابقاً للحن».