اختار فن الكاريكاتور هواية ومهنة

الكثيرون منا يحبون الرسم وزيارة المعارض الفنية، لكن قلة منا من يستطيع التعبير عن هواجسهم وتفاعل القضايا الحياتية بداخلهم، إلا أن فن الكاريكاتور هو واحد من أصعب الفنون التي يقصدها الرسام ليمزج فيها صورة مجتمعه وهواجسه الداخلية.

"مرهف يوسف" فنان ركب  الموجة الصعبة فاختار فن الكاريكاتور والرسوم المتحركة لتكون هواية ومهنة في حياته.

موقع المفكرة الثقافية التقى الفنان "يوسف" وكان معه الحوار التالي:                                                                                                                                                    

 * حدثنا عن بداياتك مع فن الكاركاتور ؟

**بدأت الرسم في سن مبكرة  وتلقيت  الدعم من عائلتي  و أصدقائي الذين كنت أرسمهم بطريقة الكاريكاتور مما شكل لي بعض المشاكل في البداية، رغم أني كنت أرسم نفسي مع اصدقائي المقربين على شكل قصص متسلسلة، لكن  تشجيعهم  وطلب رسومات دائمة منهم كان له الأثر الأكبر في توجهي المستقبلي، إلى أن التحقت بمعهد الفنون التطبيقية ودراسة فن النحت إلى جانب العمل في مجال الرسوم المتحركة والكاريكاتور

*ماهي أوجه الاختلاف والتشابه بين الكاريكاتور والرسوم المتحركة حسب رأيك؟

**لكل منهما عالمه ومبدعيه، فهما يتبعان لجنسين فنيين مختلفين  لذلك عندما نتحدث عن الرسوم المتحركة فإننا نتحدث عن عمل جماعي، ومكلف ويحتاج إلى الكثير من التحضير والجهد، أما الكاريكاتور فهو عمل فردي ويحتاج لأدوات قليلة كي يتم إنجاز العمل.

* أين ترى نفسك بين هذين العالمين؟

**لطالما أحببت عالم الإخراج ولكن شاء القدر أن لا أدرسه أكاديمياً، وعندما دخلت عالم الرسوم المتحركة حقق لي  ذلك شيئا من ذلك الحلم،  لذلك تمسكت به وحاولت تطوير أدواتي باستمرار حيث أن  العديد من رسومي الكاريكاتورية كانت مشاريع متحركة ولكنها جُزأت وتحولت إلى كاريكاتور، ولكن هذا لا يخفي أن هناك سحرا خاصا للكاريكاتور هو أن تلخص قضيةً أو موقفاً في مشهد بصري واحد .

*ماهي مكانة الكاريكاتورحسب رأيك، وماهي فرص التدريب لهذا الفن في سورية؟

**هو  متواجد بقوة بين الشباب السوري الموهوب والقادر على الإنتاج،  ولكنه غير متواجد كصناعة وإنتاج  أو كأولوية بين الفنون الأخرى .نحن ليس لدينا دراسة أكاديمية للرسوم المتحركة، و لا يوجد لدينا سوق أو فرص عمل لهذا النوع من الفنون على الرغم من أهميته الكبيرة. والحقيقة أن الجيل القديم احتكر فرص العمل الوحيدة، والقليلة لمدة طويلة وأعتقد أن ذلك من حقهم،  في ظل غياب الفرص الجديده للشباب لقبول أعمالهم في الجرائد والمطبوعات رغم أن  الإعلام الإلكتروني يقوم بجمع الكاريكاتور من الإنترنت، و لا يوجد فنانين مختصين بمواقع معينة إلا القليل.

*هل لك أن تحدثنا عن أعمالك ومشاركاتك والمشاريع التي عملت عليها  ؟

**أنا أعمل في مجال الرسوم المتحركة والكاريكاتور منذ حوالي ثمانية أعوام شاركت خلالها في العديد من مسلسلات وأفلام الأطفال مع العديد من الشركات، كما نفذت العديد من الإعلانات بطريقة الرسوم المتحركة .
لدي ثلاثة أفلام قصيرة بطريقة الرسوم المتحركة عن الطفولة والسلام، ولدي فيلم قصير من إنتاج دمشق عاصمة الثقافة العربية . شاركت في العديد من المعارض في مجال الكاريكاتور ولدي العديد من الجوائز من داخل وخارج سورية . توجهي الحالي هو القيام بمشاريع فنية ذات صيغة تربوية أو توعوية  لخدمة رسالة الفن الهادف في إيصال قضايا الناس والمجتمع .

*من المعروف أن الاطلاع على أعمال الفنانين العالميين أو المحليين الرواد يعد رافداً للفنانين المبتدئين والشباب فمن أين بدأت مع هؤلاء؟

**  في كل  مجالات الحياة هناك قدوة أو مثلٌ أعلى نقتدي به،  وعن طريق الإطلاع المستمر يتكون التأثر بأسلوب فنانين عن سواهم،  ومن هنا كان "والت ديزني" هو الملهم الأول,  أما محليا فإن لفنان السوري "موفق قات" يعتبر عراب سينما الكارتون بسورية حيث عمل بها حين لم يكن أحد في سورية يعرف أي شيء عن هذا الفن.  إن فنان الرسوم المتحركة او الكاريكاتور بشكل خاص يستقي أفكاره من الشارع والمحيط الخارجي وهذا يشكل إنعكاسا فنيا لمشاكل مجتمعه، ومن هنا تبدأ روافد العمل التي لا يمكن أن تنضب مادام نهر الحياة مستمرا.

*هل لك أن تحدثنا عن تجربتك المتميزة في فيلم الصور المتحركة السوري الذي شاركت فيه ؟

** "جزيرة المغامرات"  هو أول مسلسل سوري كامل من  إنتاج دائرة الرسوم المتحركة في سورية وهو من  إخراج الفنان "موفق قات"،  وقصته تحكي عن مجموعة من الأطفال يعيشون ضمن جزيرة مستوحاة  من البيئة السورية، ويقومون بالعديد من المغامرات ضمن قالب تعليمي. وكان لي الشرف أن أشارك في ثلاث حلقات في مجال التحريك ضمن فريق عمل سوري كامل ومتكامل.   سيعرض المسلسل قريبا على شاشة التلفزيون كما يتم التحضير حاليا للجزء الثاني .

 *انتقل فن الكاريكاتور إلى شاشة الكمبيوتر بعد أن كان على الورق ، كيف تنظر إلى هذا التحول؟

**لكل مرحلة أدواتها، فقد كان الكاريكاتور فن ورقي بامتياز، أي كان يرسم على الورق ويطبع على الورق، ولكن مع تطور التكنولوجيا وأدوات الإعلام، وانحسار دور المطبوعات الورقية على حساب الإعلام الالكتروني، ظهرت أساليب جديدة للرسم وهنا أتكلم عن  برنامج "الديجيدايزر" أي الورق والقلم الالكترونيين، حيث تكون الرسوم ضمن برامج معينة من من عملية نقل الرسوم إلى الكمبيوتر وعملية فرز الألوان, طبعا هناك العديد من الرسامين العرب والعالميين مازالو يستخدمون الحبر والطرق اليدوية إيمانا منهم بأنها الطريقة الأمثل، لأنهم لا يتقبلون فكرة الرسم على الكمبيوتر من أساسها إلا أني أختلف معهم بفكرة  بأن لكل عصر أدواته وسرعان ما سيتحول الناس الى طرق التكنولوجيا الحديثة لمواكبة العصر، ومن الممكن أن يرفض الكثيرون منا التوجه الكامل للكمبيوتر ولكن بتصوري لا يمكن للرسام أن يكون رساما بأدوات الكمبيوتر ما لم يكن رساما بأداوته العادية وعلى الورق.  أنا أرى في النهاية أن الكمبيوتر  يمكن أن يكون أداة بيد الفنان وليس العكس .
 

 

يذكر أن:

مرهف يوسف- سوريا -دمشق خريج نحت
-  رسام كاريكاتور- مخرج أفلام رسوم متحركة قصيرة يعمل في مجال الأنميشن يعمل أيضا كرسام كاركاتور لعدد من المواقع الإلكترونية حائز على العديد من الجوائز الدولية في كل من سورية - مصر - رومانيا - إيران- كندا- ومشارك في العديد من المعارض الجماعية داخل وخارج سورية -- أؤمن برسالة الفن الحضارية كوسيلة للتعبير والتغيير .