الصحافة المتخصصة- مجلة الإذاعة السورية– أحمد عسة-
اعداد الدكتور مهيار الملوحي
صدر العدد الأول من مجلة (الإذاعة السورية) في دمشق في 1/9/1953 وكانت مجلة نصف شهرية تصدرها دار الإذاعة السورية، وقد حلت المجلة مكان نشرة مجانية كانت تصدرها دار الإذاعة السورية تنشر برامج الإذاعة فقط، وصدرت بالحجم الكبير (27 .21) سم، وذات غلاف مصقول وملون وعدد صفحاتها (48) صفحة، وقد تغير اسم المجلة فيما بعد وصارت تعرف بـ(هنا دمشق)، وكانت كثيرة الأبواب والزوايا المتنوعة ومنها: مع الأعلام، واعرف بلادك، وجولة حول الشعر، والنهضة الفنية في سوريا، وصفحة المرأة وغيرها، وكانت تضم في نهاية كل عدد برامج الإذاعة السورية لمدة نصف شهر باللغة العربية والإنكليزية والفرنسية كما استقطبت العديد من الأقلام الأدبية والعلمية في ذلك الوقت.
كان المدير المسؤول لمجلة الإذاعة السورية أحمد عسة (1915-2005) وهو المدير العام للإذاعة السورية والصحفي المعروف الذي ولد في دمشق، وتلقى علومه الأولية فيها، عمل في الصحافة في وقت مبكر، فقد حرر في جريدة (ألف باء) لصاحبها يوسف العيسى تلك الصحيفة التي كانت تصدر منذ عام 1920 وحتى عام 1958، كما حرر في جريدة (الأيام) لصاحبها نصوح بابيل.
ترأس تحرير جريدة (الكفاح) لصاحبها أمين سعيد، وترأس بعد ذلك تحرير جريدة (الشعب) الناطقة بلسان حزب الشعب، والتي صدر عددها الأول عام 1949، وبعد ذلك صدر العدد الأول من جريدته الخاصة (الرأي العام) في دمشق عام 1954، واستمر في اصدارها حتى قيام الوحدة بين سورية ومصر عام 1958، ثم أعاد اصدارها في فترة الانفصال تحت اسم (الصدى العام).
وأما رئيس التحرير فكان سعيد الجزائري (1913-1981) الذي ولد في دمشق وتلقى علومه الأولية فيها وعمل بالصحافة منذ عام 1933 في جريدة (الاستقلال) لصاحبها محمد راغب العثماني اللاذقاني التي كانت تصدر في دمشق منذ عام 1928.
كما حرر في جريدة (الجزيرة) لصاحبها تيسير ظبيان، وكذلك حرر في جريدة (القبس) لصاحبها نجيب الريس والتي صدرت في عام 1928، وكذلك في جريدة (ألف باء) لصاحبها يوسف العيسى، كما شغل منصب سكرتير تحرير جريدة (النظام) لصاحبها فوزي أمين، وترأس تحرير مجلة (النقاد) التي أصدرها فوزي أمين بدلا من جريدة (النظام)، وحرر في جريدة (الإنشاء) لصاحبها وجيه الحفار، وفي جريدة (دمشق المساء) لصاحبها نصوح الدوجي، وفي مجلة (عصا الجنة) لصاحبها نشأة التغلبي، وكان يعد برنامجا إذاعيا أسبوعيا باسم (أدب وأدباء) وتحول اسمه إلى (مع الكلمة) وذلك لمدة خمسة عشر عاما، وراسل عددا من الصحف والمجلات العربية، وكان في غاية النشاط الصحفي يعمل ويحرر ويكاتب عدة صحف في ذات الوقت.
شغل وظيفة أمين مكتبة مديرية الإذاعة، وله مخطوط بعنوان (ناس في طريق حياتي السياسية والفكرية) لم يطبع.
جاء في افتتاحية العدد الأول من مجلة (الإذاعة السورية الصادر في 1/9/1953 بقلم أحمد عسة، وتحت عنوان (هذه المجلة..).
مايلي:
((عندما جلت الجيوش الأجنبية عن سوريا، لم يترك لنا المستعمرون في حقل الإذاعة إلا جهازا باثا واحدا قوته ربع كيلوات، نحتفظ به في متحف الإذاعة للذكرى والتاريخ، إذ لم يكن صوته مضمونا لإسماع عاصمة بلادنا، فكيف بالعالم؟! واليوم بعد سبع سنوات مرت على استقلال بلادنا، أصبح في سورية محطات للبث على الموجات الوسطى والقصيرة يبلغ مجموع قوتها (1255) كيلوات، أي إننا زدنا قوتنا الإذاعية (1500) مرة خلال بضع سنوات، وأنجزت سورية المستقلة في حقل البناء والإنشاء الإذاعي ما عجز الانتداب عن إقامته بنفسه خلال (26) عاما رزح فيها كابوسه على صدورنا.
ذكرنا هذه الحقائق المدعومة بالأرقام إذ كنا نفكر بالتقديم لمجلة الإذاعة التي يتصفح القارىء عددها الأول، لنخرج منها إلى القول بأننا نضع اليوم (لبنة) جديدة في هيكل بنائنا الإذاعي كانت تنقصه، وأننا نأمل أن تنمو هذه المجلة وتتقدم، بعد أن حلت محل (نشرة المناهج) التي كانت توزع مجانا، لتبلغ ما بلغته دار الإذاعة السورية، فنكون بذلك قد أوجدنا نوعا جديدا من الصحافة الاختصاصية تنقص بلادنا وقد يقول قائل:
هذا حلم وضرب من الخيال.... فنجيبه: إن الإنشاء والإبداع يحتاجان إلى الحلم والخيال.
نحن نتوخى أن تجمع هذه المجلة بين البساطة والأناقة في الإخراج، لتكون جميلة جمال بلادنا، وأن تكون متنوعة المواضيع، معنية عناية خاصة بالشؤون الإذاعية، لتسد شيئا من فراغ الصحافة الاختصاصية، وإذا كان ثمنها قد جعل نصف ليرة سورية أو مايعادلها، فهذا الثمن قد حسب على أساس تغطية النفقات لاغير، وتحملت ميزانية الإذاعة نفقات التحرير، إذ لا إذاعة في العالم من غير مجلة دورية.
تهدف هذه المجلة لأن تكون مجلة الأسرة بسائر أفرادها تجد فيها الأم ما يفيدها ويسليها، ويجد فيها الأب ما يتوق لمعرفته وزيادة اطلاعه، ويجد فيها الولد ما يغنيه عن كثير من المطالعات حينا، وما يشحذ فكره للتعمق في بعض المواضيع حينا آخر، وهي بكلمة مختصرة أقرب لأن تكون مجلة (خفيفة) ولا يعني هذا أنها مجلة بعيدة عن الجد والفائدة وإنما يعني أنها تفضل أن تصل لجميع أفراد الأسرة والمجتمع.