الصحافة المتخصصة- مجلة العندليب للأطفال
إعداد الدكتور مهيار الملوحي
لم يرد ذكر المجلة من قريب أو بعيد في كتب الصحافة التي تحدثت عن تاريخها في سورية، سوى في الكتاب القيم للدكتور جوزيف الياس (تطور الصحافة السورية في مئة عام) الجزء الثاني، الصفحة 572 حيث جاء ذكرها في أربعة أسطر (مجلة مدرسية شهرية صاحبها زهير القوادري، ومصطفى البحرة، رئيسة تحريرها سعاد مالك، صدر العدد الأول من هذه المجلة خلال عام 1947 وهو يقع في 16 صفحة من القطع المتوسط ، ولا نملك عنها أي معلومات أخرى)).
تم الاطلاع على عشرة أعداد متفرقة من هذه المجلة، من ضمنها العدد الأول والعدد الأخير، وقد صدر العدد الأول في 17تشرين الأول عام 1947، وصدر العدد الأخير في 9/4/1949 بعد انقلاب حسني الزعيم بأيام.
كان غلاف المجلة فقط مطبوع بالألوان، وكان يحمل عنوان المجلة وخلفه رسم لعندليب يقف على غصن، ويتغير الرسم مع تغير الأعداد ويتكرر أحيانا، كما كتب في أسفل الغلاف ضمن دائرة صغيرة (زنكوغراف الجامعة) وجاء ضمن مستطيل (طبعت في مطبعة الترقي بدمشق– قيمرية)، وكانت من القطع الكبير.
وقد جاء على الغلاف الداخلي الأول ما يلي: العندليب مجلة مدرسية نصف شهرية أسست عام 1947 وسنة المجلة 16 عددا....
الموجه التربوي الدكتور جابر عمر وصاحبا الامتياز المسؤولان زهير القوادري ومصطفى البحرة والمدير الفني الأستاذ محمود جلال ورئيسة التحرير سعاد مالك وسكرتيرة التحرير وفيقة المنجد ومديرة الإدارة نبيهة زبيدي والمحاسبة مهربان جندي وأمينة الصندوق وداد سبيني وثمن العدد 25 قرشا سوريا.
إذا كانت مجلة العندليب نصف شهرية وأعداد سنتها 16 عددًا فذلك بسبب العطلة الصيفية التي كانت تتوقف فيها عن الصدور لمدة ثلاثة أشهر أي ستة أعداد ، وكذلك في الشهر الأخير من العام الدراسي بسبب الامتحانات فيذهب عددان أيضاً فتبقى سنتها 16 عددا.
ظهر العدد الثالث عشر الصادر في 20/5/1948 يحمل على غلافه صورة رئيس الجمهورية السيد شكري القوتلي 1891-1967 وذلك بمناسبة زيارة هيئة تحرير المجلة للقصر الجمهوري وأخذ حديث من القوتلي وجهه في حينه لأسرة المجلة وقرائها.
ضمت المجلة أبوابا كثيرة وكانت كالتالي: (تلامذتي الأعزاء) وهو المقال الافتتاحي ويدور موضوعه حول مناسبة احتفالية ما، أو مرور ذكرى وطنية أو قومية.
الباب الثاني يحمل اسم (اسمعوا أطفالي الصغار)، وفيه بعض المعلومات والتوجيهات.
الباب الثالث هو(أصدقاء العندليب يقصون) وهو عبارة عن مقاطع صغيرة لقصص أو خواطر بقلم التلاميذ مع الإشارة إلى اسمائهم وأسماء مدارسهم وصفوفهم.
وهناك باب بريد العندليب، وفيه ردود قراء المجلة على المسابقات التي كانت تنشر فيها. كما كان هناك الفكاهات والتسليات، وأسئلة القراء، وهل تعلم، وما مدى معرفتك، ومسابقة العدد. ومع العندليب في بلاد العالم، وهي رسائل يرسلها والد إلى أبنائه وهو يطوف في العالم ويحدثهم عن مشاهداته. اضافة إلى أن المجلة حملت عددا من القصص منها القصيرة، ومنها الطويلة ومنها التي تتابع في أعداد أخرى وهناك القليل من القصص المرسومة برسوم متسلسلة مثل قصة (السندباد البحري).
كما كانت جميع المقالات ورسوم المجلة غفل من التوقيع وهذا ما اتفق عليه من هيئة التحرير، وظهر مقال واحد في العدد الأخير ذيل بقلم الأستاذة فائزة عبد العال مديرة مدرسة (الفاطمية) بدمشق، ورسم جندي في نفس العدد موقعة باسم صلاح كديمي، مع علمنا أن رسام المجلة كان الأستاذ محمود جلال.
في باب بريد العندليب نجد أسماء كثير من التلاميذ في ذلك الحين، فقد ورد في العدد الثالث أسماء من نجحوا في مسابقة العدد السابق، ومنهم التلميذة سهام ترجمان من مدرسة التجهيز الثالثة، وخالد بيطار من مدرسة الوليد بن عبد الملك، وفي العدد السابع في بريد العندليب أيضا نجد أن الحظ لم يحالف التلميذ هاني الروماني من مدرسة التطبيقات وجاء فيها ( نود يا هاني أن يكون اسمك بين الناجحين هذه المرة لكن للأسف أخطأت الخطيئة التي أخطأها معظم المتسابقين، وهي إبدال كلمة نثور بنثأر فإلى المرة القادمة).
وجاء اسم التلميذ قتيبة الشهابي من المعهد العربي بين أسماء الناجحين في المسابقة في العدد الثالث عشر، ووردت أسماء التلاميذ الناجحين في المسابقة في العدد الثاني عشر ومنهم التلميذ معتز الهبل، مدرسة التطبيقات والآنسة التلميذة نهلة الهبل من دوحة الأدب، وأسامة الروماني من مدرسة التطبيقات، والتلميذ إلياس الزيات من المدرسة الأرثوذكسية وهي المعروفة بالمدرسة الآسية في الوقت الحاضر.
جاء في العدد السادس في باب أصدقاء العندليب يقصون مقطع بعنوان– ذكاء إياس– للطالب النابه نصر الدين البحرة من ثانوية ابن خلدون.
نلاحظ أن صدور مجلة العندليب قد تزامن مع أهم قضية شغلت الوطن والأمة في ذلك الوقت ومازالت تشغله حتى الآن، وهي قضية فلسطين وأعوام النكبة، وإعلان دولة إسرائيل 1948 فنرى أن ذلك الحدث الجلل قد انعكس بصورة جلية على صفحات المجلة من قبل المحررين ومن قبل التلاميذ.
في العدد الرابع، على الصفحة الأولى مقال افتتاحي عن فلسطين، وعلى الغلاف الأخير صورة القدس.
وفي العدد الخامس نجد في الصفحة الرابعة وضمن مستطيل عنوان (طلاب مدرسة الوليد بن عبد الملك يتبرعون ببندقية لتحرير فلسطين) وخلفه مقال يبدأ بحديث المدرس إلى طلابه (لقد انتهى دور الكلام والمظاهرات، وبدأ العمل المجدي لنصرة فلسطين وإنقاذها من براثن الصهيونية الغاشمة، هذا ما قاله أستاذ الصف الخامس الابتدائي، وما كاد يتم جملته حتى تقدم التلميذ السيد رفيق ايلوش من أستاذه، وقدم خاتمه الذهبي وليرتين سوريتين قائلاً: إن لم نستطع أن نشترك مع جيش تحرير فلسطين لصغر سننا، فإن بقدرتنا جميعا أن نقدم بندقية للجيش العربي الباسل، ومتمنيا أن يساهم زملائي في التبرع لشراء هذه البندقية، فشكره الأستاذ وطلب من الطلاب تقديم كل غال وعزيز في سبيل انقاذ فلسطين).
أما العدد السادس فجاء في صفحته الأولى افتتاحية بمناسبة عيد رأس السنة الميلادية وجاء في نهايتها (أصدقائي الأعزاء: لئن شاب حفلاتكم في هذا العام بعض الألم من أجل فلسطين، فإني أقول، إنه لن يمضي هذا العام الذي دخلتموه منذ ثلاثة أيام، حتى تكون آمال البلاد العربية قد تحققت).
في العدد السابع نجد على الغلاف الأخير قائمة باسم السجل الذهبي لطلاب المدارس المتبرعين لإنقاذ فلسطين، ونجد هذا السجل في أكثر من عدد، وقد وردت أسماء عدد كبير من التلاميذ لا مجال لذكرهم، ولكن تشاء المصادفات أن يذكر بينهم اسم التلميذ ممتاز البحرة الذي تبرع بمبلغ خمس ليرات سورية وكان في مدرسة التطبيقات، وهو الذي أصبح فيما بعد من أبرز رسامي مجلات الأطفال، والذي ملأ صفحات مجلة أسامة والطليعي وغيرها من سلاسل قصص الأطفال.
بقي أن أذكر أن القائمين على اصدار المجلة جميعهم من التربويين وهم الدكتور جابر عمر وهو عراقي حصل على الدكتوراه من ألمانيا وانتقل إلى دمشق وعمل مدرسا في المعارف، وكان صاحب الامتياز زهير القوادري 1917-1981 حائز أهلية التعليم الابتدائي وكان مديراً لمدرسة التطبيقات، والثاني مصطفى البحرة الذي حصل على أهلية التعليم الابتدائي ودرس في مدارس دمشق وتخرج في كلية الحقوق عام 1949.
أما المدير الفني فهو الأستاذ محمود جلال 1911-1975 وهو من رواد الفن التشكيلي في سورية، وكانت رئيسة التحرير سعاد مالك 1927-1985 قد تلقت علومها الأولية في المدارس الأرثوذكسية وحصلت على الثانوية الأولى، والثانية في العربية والفرنسية، وحصلت على أهلية التعليم الابتدائي، ودرست في مدرسة زينب فواز.