الصحافة الناقدة- جريدة الطليعة-عدنان الملّوحي
صدرت جريدة الطليعة في دمشق في 17/12/1953، وكان صاحبها ورئيس تحريرها عدنان الملوحي (1924-2002) وكانت جريدة أسبوعية سياسية مستقلة، في ثماني صفحات من القطع الكبير، وحملت تحت عنوانها كلمة الصحابي الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)، واستمرت في الصدور حتى قيام الوحدة السورية المصرية عام 1958، ثم عادت وصدرت في فترة الانفصال باسم (الطليعة العربية) في 2\8\1962 بشكل يومي فكانت جريدة يومية سياسية مستقلة بست صفحات من القطع الكبير، وقد انضم إلى هيئة تحريرها في تلك الفترة عبد الباقي الجمالي (1927-1990) وهو صاحب جريدة (النور) والتي توقفت عند قيام الوحدة مع مصر عام 1958 ولم تصدر في فترة الانفصال، وحرر فيها أيضا سعيد مراد (1936-1988) ونصر الدين البحرة، وسعيد حورانية (1929-1994) واستمرت في الصدور حتى 8/3/1963 لتتوقف مع باقي الصحف.
ومن مقال نشر في العدد (13) الصادر في 8/3/1954 ينتقد فيه عدنان الملوحي الدول الاستعمارية وتحت عنوان (المشاريع الاستعمارية) جاء ما يلي:
((يخطئ كثيرا من يظن أن المشاريع الاستعمارية التي تسعى أمريكا وبريطانيا لتحقيقها في سورية والأقطار العربية الأخرى، وفي الشرق كله منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، قد توقفت أو حدت نشاطها وحبك مؤامراتها، ذلك لأن هذه المشاريع موضوعة لاستغلال مرافق هذه المنطقة من العالم وتسخير أراضيها لإعداد وتهيئة حرب عالمية ثالثة، وتحقيق استعمار الغرب للشرق من جديد وبصورة أشد وأقسى.
غير أن واحدا من المسؤولين العرب لا يستطيع حتما أن يواجه الشعوب العربية، بقبول هذه المشاريع أو البحث فيها، لأن هذه الشعوب لم تعد من الغفلة بحيث تترك المسؤولين يتصرفون بأوطانهم كما يشاؤون، ولأن هذه الشعوب أصبحت واعية إلى درجة تدعو للاطمئنان رغم كل الحلول التي يفرضها أصحاب المشاريع الاستعمارية على المسؤولين العرب والتي لا تخرج عن كونها مؤامرات تبيت ضد استقلال واستقرار هذه البلاد.
ومهمة الدور الانتقالي في سورية الآن القضاء على كل محاولة يريد المستعمرون بواسطتها فرض مشاريعهم الدفاعية وغيرها على بلادنا ، أو الضغط من أجل الاتجاه وجهة لا مصلحة لبلادنا ولا لشعبنا فيها، وكشف جميع المؤامرات التي يدبرها أصحاب المشاريع في الخفاء ضد الحكم الديمقراطي الشعبي الصحيح الذي لا يمكن تنفيذ هذه المشاريع عن طريقه بحال من الأحوال)).
ومن افتتاحية العدد (16) الصادر في 8/4/1954 ينتقد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وتحت عنوان (دور أمريكا .. في الانقلابات!!) كتب مايلي:
((لم يعد خافيا على أحد أن أمريكا ودولاراتها لعبت دورا خطيرا في تدبير الانقلابات سواء في سورية أو غيرها ولكن الذي خفي على أمريكا وما يزال خافيا عليها حتى الآن، هو أن الانقلابات لا يمكن أن تحقق آمالها في السيطرة وإقامة القواعد الحربية وفرض المخالفات العسكرية وزج بلاد الشرق في أتون حرب، وأن دولاراتها مهما كان ثمنها لا يمكن أن تخدع شعوب الشرق ولا أن تغرر بها لتسير في ركابها وإن كل حكومة تقوم على أكتاف أميركا ودولاراتها في هذا الشرق مصيرها الفشل الأكيد كما دلت على ذلك تجارب السنوات الخمس الأخيرات في بلادنا!
قد تجرب أميركا أن تلعب دورا جديدا في تحضير الإنقلابات ولكنها فاشلة حتما في جميع تجاربها، ودولاراتها لم تعد عملة رائجة ومتداولة في هذه البلاد لأن العسكريين هم من أبناء الشعب ولأنهم يشكلون الجيش الوطني الذي نعده للدفاع عن بلادنا ضد كل المؤامرات الاستعمارية والصهيونية على السواء! فهل اقتنعت أميركا بعد كل هذا الذي جرى أن مهمتها انتهت في هذه البلاد؟)).
ومن مقال نشر في العدد (324) الصادر في 4\3\1957 ينتقد فيه أميركا وسياستها وتحت عنوان (بعد عشر سنوات من النكبة) كتب مايلي:
((هذه الجلسات التي تعقدها الأمم المتحدة.. وهذه التصريحات التي يطلقها كالبركان أيزنهاور وزعماء الكونغرس وقادة مجلس الشيوخ، وألاعيب بريطانيا الخاسرة، ومع ذلك فالأمم المتحدة في انعقاد دائم لتقرير مصير فلسطين، وعلى العرب أن ينتظروا هذا الحق الذي سيأتي مكملا لحقهم الذي أخذوه بالتقسيم وبقرارات مجلس الأمن التي تجاوزت المئات وعلى أبناء فلسطين الانتظار ولو بعد مقتل كل أهلها والتنكيل بكل شيوخها وأطفالها لأن الأمم المتحدة في حالة انعقاد وبانتظار قرار أمريكا التي أسست لإسرائيل ولاتزال تدللها كما تدلل الأم طفلها وبانتظار مباحثات أيزنهاور مع بن غوريون سيظل المجلس في انعقاد ولو من دون متكلم ولا مناقش ولتتعطل الجلسات لحين قرار أميركا..
أميركا التي يلعب الدولار فيها ويسيطر الصهيونيون على ثرواتها وحكوماتها كيف ومتى تستطيع الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن تحل مشكلة فلسطين لقد شردت هذا الشعب رحمة الأمم المتحدة)).
وعدنان الملوحي ولد في حمص وتلقى تعليمه في المدرسة الخيرية الإسلامية ودار العلوم الشرعية بحمص ثم انتسب إلى الكلية الشرعية في دمشق واتجه إلى العمل الصحفي في وقت مبكر في عام 1945 كمندوب صحفي في عدة صحف دمشقية ، وحرر في جريدة( البلد) لصاحبيها إيليا شاغوري وسعيد التلاوي بين عامي 1945- 1946، ثم عمل في جريدة العلم لصاحبها عزة حصرية كسكرتير تحرير من عام 1947 حتى عام 1953 وعندها أصدر جريدته ( الطليعة).
أسس وأصدر عام 1981 مجلة (نهج الإسلام) الفصلية والتي صدرت عن وزارة الأوقاف في دمشق حيث عمل مديرا لتحريرها.
صدر له عشرين كتابا منذ عام 1973 حتى عام 2001 منها السياسية ومنها الصحافية ومنها المذكرات.