"الغرافيك" فن عرفته "الرقة" في الثمانينيات
السبت 09 كانون الثاني 2010
«فن الحفر واحد من أهم الفنون القديمة التي تأخذ الآن منحى تطويرياً جديداً، فهو يختلف جذرياً عن التصوير الزيتي والنحت، وقد حقق تطوراً مذهلاً في القرن العشرين، وبدأ يحقق استقلالية، ويسعى لأن يكون الأول دون منازع، بانتشاره والإقبال عليه».
هذا ما قاله الفنان التشكيلي "عبد الحميد فياض" لموقع eRaqqaبتاريخ 5/1/2010 في معرض حديثه عن فن الحفر "الغرافيك"، الذي بدأ بالانتشار في السنوات الأخيرة في ساحة الفن التشكيلي السوري، والذي عرفته "الرقة" في ثمانينيات القرن العشرين، من خلال خريجي كلية الفنون الجميلة، من أبناء هذه المدينة.
ويتابع "الفياض" حديثه قائلاً: «لقد ترافق هذا الفن مع بداية تشكل الوعي الإنساني، وبروز حاجة الإنسان للتعبير عن مكنوناته، ورصد حالاته اليومية، فبرزت عبر رسوم الحفائر لتكون شاهدة على الإنسان، ولم يكتفِ فن الحفر بذلك، بل رافق نمو وتطور الإنسان في التعبير والأداة.
وبتعقيدات الحياة الإنسانية في مراحلها المختلفة ازدادت الحاجة إلى فن الحفر، وزادت أهميته أكثر بعد أن أصبح الوسيلة الأولى للمراسلات الرسمية، وصك الأختام، والكتابة التاريخية عبر اللوحات المحفورة، والتي تخلد البطولات والمناسبات، وتسجل وقائع الحروب».
وعن مدى إمكانية تطويع فن الحفر لخدمة الفكر الإنساني، يقول: «لقد كان لفن الحفر مرحلة ازدهار خاص، وذلك في فترة الثلاثينيات من القرن العشرين، نابعة من أهميته في العمل السياسي، فكان فن الحفر نافذة ممتدة يمكن من خلالها رصد الحركة السياسية التحررية النضالية في العالم من خلال
البيانات المطبوعة والمحفورة، والملصقات الجدارية، التي تعكس مواقف الفنانين، ورؤيتهم من حركات التحرر».
وبسؤاله عن مدى انتشار هذا الفن في سورية، يقول "الفياض": «تشهد الحركة الفنية في سورية الآن، تطوراً ملحوظاً باتجاه دفع فن الحفر نحو تأكيد هويته وتوضعه بشكل حقيقي وفعال في مسيرة الحركة الفنية السورية، وليكون فن الحفر في مستوى الفنون الأخرى، ذلك بعد أن أصبح هناك عدد من الفنانين الحفارين البارزين، والذين يرتقون إلى مستوى عالمي، وباتت تقام معارض سنوية في القطر لفن الحفر، وهذا ما يؤكد حضوره والقدرة على استمراريته وتطوره الدائم».
ويتحدث "الفياض" عن المعوقات التي تحول دون انتشار فن "الغرافيك" بشكل أوسع، بحيث يتساوى مع غيره من الفنون التشكيلية الأخرى كالتصوير الزيتي والنحت على سبيل المثال، حيث يقول في ذلك: «هذه التجربة، وفي سورية تحديداً ما زال عمرها قصير، وتعود إلى بداية الستينيات من القرن العشرين، وهي مدة ضئيلة نسبياً إذا ما قورنت بعمر التصوير الزيتي أو النحت في هذا البلد، ويتبع ذلك قلة عدد الحفارين، وهي تجربة وفدت إلينا مع عودة الكوادر الفنية المتعلمة في أوروبا، وبلدان العالم الأخرى، فنقلت ما شاهدته إلينا، وما زال الطريق
أمام انتشار فن الحفر شائكاً بعض الشيء، لأن الجمهور الفني في سورية ما تزال معلوماته عن هذا الفن بدائية، رغم أننا نلاحظ في السنوات الأخيرة إقبالاً كبيراً على المعارض الفنية الخاصة بفن "الغرافيك".
كما نستطيع أن نرصد بداية تشكل وعي فني لدي المتلقي، من خلال ما يقدمه الفنان من معلومات، وإضاءات على الأعمال الفنية المعروضة، وذلك بشكل مبسط وغير عصي على الفهم، وبالنسبة لمدينة "الرقة"، فقد عرفت هذا النوع من الفن عام /1983/م، من خلال خريجي كلية الفنون الجميلة من أبناء هذه المدينة».
وبسؤال "الفياض" عن طريقة تنفيذ أعمال الحفر "الغرافيك"، أجاب بقوله: «الحديث في ذلك يطول، ويحتاج إلى تدعيم مصور بسبب أن أدواته كثيرة وطرائقه متعددة، ويتطلب شرحاً عملياً في ذلك، لكنه باختصار شديد يتم على مرحلتين، المرحلة الأولى هي الحفر على المادة التي يراد العمل بها، سواء أكانت معدناً، أو حجراً، أو "لينيوم"، أو خشباً، أو شاشة حريرية..الخ، أما المرحلة الثانية فهي الطباعة، أي طباعة "الكليشيه" على الورق، وقد تحتاج اللوحة إلى عدة ألوان، مما يتطلب "كليشيه" لكل لون، وتتم طباعتها بالتتالي، هذه باختصار شديد جداً طريقة تنفيذ الحفر».
والجدير ذكره أن الفنان "عبد الحميد فياض" من مواليد "الرقة" عام /1953/م، حائز درجة امتياز من كلية الفنون الجميلة بـ"دمشق" قسم "الغرافيك" لعام /1983/م، وهو عضو مؤسس لتجمع فناني "الرقة"، وهو يشغل منصب عضو اتحاد التشكيليين في سورية، واتحاد التشكيليين العرب، ورئيس فرع "الرقة" لاتحاد التشكيليين، منذ منتصف الثمانينيات وحتى تاريخه، عضو لجنة الحفاظ على التراث الهندسي في "الرقة"، عضو لجنة جائزة الإبداع في "الرقة".