النحات "همام السيد".. أنا أعمل على التعبير المتحرك
هيسم شملوني
تتسم تجربة النحات همام السيد بالبحث والمثابرة، فنراه منسجماً مع شخصيته وموجداً مصالحة خاصة بين الذات الفتية والذات الشخصية، ويتجلى ذلك من خلال البحث الملموس في تجربته الشابة والغنية بشكلها ومضمونها. المفكرة الثقافية التقته وعن تجربته النحتية كان لنا معه هذا اللقاء:
* إلى أي مدى تعتقد أن وجودك بالقرب من بعض الفنانين الكبار قد أغنى تجربتك (في معهد الفنون التطبيقية، والملتقيات النحتية) اكتسابك الخبرة؟
** لم يسبق لي أن عملت مساعداً للفنانين إلا مرةً واحدة مع الدكتور "عبد الله السيد"، خلال عمله لمنحوتته الشهيرة "راهام جنين"، ولم أكتسب خبرةً منه بالمعنى الحرفي، لكني تعلمت منه متعة العمل والتأمل، وحبّه للفنون الشرقية التي تُعنى بالكتل الكبيرة والضخامة، وهذا ظهر في أعمالي لاحقاً.
* قلة هم الفنانين الشباب الذين حصلوا على فرص شبيهة بفرصك بالملتقيات الفنية حبذا لو تحدثنا عن هذه المشاركات..
** شاركت في عدد من الملتقيات خارج إطار المعهد كالملتقى العالمي الذي أقيم في "مشتى الحلو" والذي يشرف عليه الفنان "فارس الحلو" الذي أحبّ عملي كثيراً ودعاني إليه، وقد شاركت فيه بمنحوتة خشبيّة ضخمة، (حيث لم أجد الرخام الذي أريد)، وكان العمل يتحدث عن "حواء" وقد أعجب به ممثل الفاتيكان في سورية وتحدث عنه مطوّلاً، وكان العمل عبارة عن تجميع لأخشاب محلية من ذات المنطقة (خشب الجوز، والتوت، ومجموعة أخشاب معينة أخرى) وكان العمل بارتفاع أربع أمتار، وربما هو العمل الخشبي الأضخم في سورية.
كما شاركت مرّتين مع الفنان أكثم عبد الحميد في ملتقيات خارجية في "إسبانيا"، وكان تجربة مميزة بسبب الاختلاطات الشعورية، فالمكان من حيث الجغرافيا يعتبر بعيداً، بينما على المستوى الوجداني فإنه قريب، وأنجزت عملين في عام 2006 وعام 2007.
* فلننتقل إلى الحديث عن أعمالك كتقنية على مستوى المادة وعلى مستوى التكوين.
** بدأت تجربتي بأشخاص فيهم ملمح الكرتون وليس الكاريكاتير، فإذا لاحظت أن شخوصي تشبه كثيراً الشخصيات الكرتونية، وها ما ركزت عليه في تجربتي، فأغلب الفنانين في سورية يعملون على التعبير الصامت، وأنا قمت بتحريكه، أنا أعمل على التعبير المتحرك، ففي أعمالي تظهر بوضوح الحالة النفسية للوجه كالكآبة، أو الانتظار، وفي جلسته المتحركة، التي تحوي سكون الحياة، ليس سكون الحركة، بمعنى الجمود، يقولون أن هناك شخص بارد, وشخص هادئ، وهما لا يشبهان بعضهما البعض، فهذه النقطة التي ركزت عليها، هناك فنانين كبار نبهوني بأن عملي يتحول إلى كارتون، فقلت لهم أني أريده هكذا، وهناك من قال أن توجهي أوروبي، لكن سبق أن ثبّت هذا المفهوم من خلال من سبقني إليه في محاولات بسيطة في كلية الفنون من خلال الفنان "محمد عمران" والذي كان يعمل بأسلوب أكثر وحشية، أحببت هذا الاتجاه وعملت عليه فهو لا يشكل مشكلة أو عائقاً بالنسبة لي.
ولا أقف كثيراً أمام هذا السؤال: لماذا اخترت هذا الخط، أو لماذا هو اختارني؟ بالنهاية لا أفكر إلى أين يذهب العمل الفني الذي أنجزه، أدع الخط ليذهب إلى المكان الذي يريد، باعتبار أني آخذ من مضموني النفسي، ويكون العمل أكثر عفوية وأكثر صدقاً من العمل الأكاديمي.
أعتقد أن الكارتون يعبر عن الحياة التي نعيشها، فأغلب الأمور من حولنا نجد فيها المضحك المبكي، ونشعر أن هناك ما لا يتوازن مع العقل البشري الذي وصلنا إليه، وكأننا نضحك على بعضنا البعض، ونتعامل بالأدوات الغربية القديمة.
الجدير ذكره أن الفنان "همام السيد" هو نحات ومصور زيتي، وحفار "غرافيكي" وله تجربته الخاصة على هذه الصعيد تجلت في معرضه الفدي الذي أقيم في "دبي" وكان المعرض باسم "Ink, Oil, Bronze" فكل قطعة نحتية موجودة كانت لها لوحتها الغرافيكية ولوحتها الزيتية.