"ثائر مشوح"... حوارات المسرحي المثقف
الثلاثاء 15 شباط 2011
تعتبر مدينة "الرقة" الحالية، من المدن الفتية التي لا يتجاوز عمرها /150/ عاماً على أبعد تقدير، وهي بالتالي حديثة عهدٍ بكافة أنواع الفنون وعلى رأسها فن المسرح، والذي بدأ بالظهور بشكل خجول في الستينيات من القرن العشرين، ولم يتبلور إلا في أواخر السبعينيات وفترة الثمانينيات، ليبقى متأرجحاً بعدها صعوداً وهبوطاً حتى وقتنا الحالي.
إلا أن ذلك لم يمنع من بروز بعض الأسماء الهامة على صعيد المسرح في المشهد المسرحي السوري، ولعلَّ الفنان المسرحي "ثائر مشوح" واحد من أبرز هذه الأسماء المسرحية التي عرفتها "الرقة".
الفنان ثائر مشوح |
يقول عنه الممثل المسرحي والتلفزيوني المعروف "فواز الجدوع":
«عرفت "ثائر مشوح" منذ بداياته الأولى، وقد قدمت معه مؤخراً عرضاً مسرحياً على مسرح اتحاد العمال في مدينة "دمشق" بعنوان "يا دنيا"، و"المشوح" بحق مثال للممثل والمخرج والمؤلف المسرحي الحقيقي، فهو من الفنانين الذين ضحوا بالكثير في سبيل المسرح، وأنا شخصياً لم أعرف ممثلاً أو مخرجاً مسرحياً في هذه المدينة تعب على نفسه وثقفها كما فعل "المشوح"، لذلك فأنا أعتبره ودون أدنى شك، ممثلا من الطراز الأول، وهو برأيي أفضل مخرج مسرحي عرفته مدينة "الرقة" منذ تأسيس المسرح إلى يومنا هذا».
المخرج فواز الجدوع |
موقع eRaqqaوبتاريخ (27/1/2011) التقى المسرحي "ثائر مشوح" الذي تحدث عن بداياته الأولى مع المسرح قائلاً:
«البداية كانت في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، عندما كنت في المرحلة الابتدائية، حيث شاركت في بعض المسرحيات التي كانت تقيمها المدرسة، ويبدو أنني كنت موهوباً حتى يتم اختياري لتلقي دروس ومحاضرات عن المسرح وأنا في الصف الرابع الابتدائي، وذلك على يد الأستاذ والمؤلف المسرحي "سامي حمزة"، حيث اطلعت وأنا في ذلك العمر على العديد من مفردات المسرح، كالبروفة والديكور والكواليس والماكياج والنص وغير ذلك الكثير.
وفي المرحلة الثانوية أي حوالي عام /1980/م، شاركت بأول عمل مسرحي متكامل، وكان العمل بعنوان "الصراط" وهو من تأليف الكاتب "وليد إخلاصي"، وقدم لمصلحة المسرح المدرسي، ثم بعد ذلك شاركت بمسرحية لمصلحة المسرح العمالي، وهي بعنوان "خدعة الشيطان" وهي مأخوذة عن نص "لتولستوي" وأخرجها الفنان "نجم العليان"، وقد شارك في العمل عدد من نجوم المسرح الرقي آنذاك أمثال: "موسى الخضر" و"صبحي الدسوقي" و"نصار يونس" و"يحيى الكفري".
وشاركت بعدها في العديد من الأعمال المسرحية، أذكر منها: "لعبة التاجر" تأليف وإخراج "موسى الخضر"، و"إدارة عموم الزير": تأليف "سامي حمزة" وإخراج "نجم العليان"، و"الفرواتي مات مرتين": تأليف وإخراج "حمدي موصللي"، وفي عام /1998/م، شاركت بعمل مسرحي بعنوان "بانوراما حكي عربي" حيث قدم على ضمن فعاليات مهرجان المسرح الجامعي في مدينة "حلب"، وحصلت يومها على جائزة أفضل ممثل في المهرجان.
كما شاركت في تلك الفترة في مهرجان "حماه" المسرحي مع الممثل "رأفت حقي" بعمل حمل عنوان "حدث في الليلة الأخيرة" عن نص للكاتب "غريغوري غورين"، ومسرحية "الغريب والسلطان" في مهرجان المسرح الشبيبي في مدينة "السويداء" حيث حصلت على جائزة ثاني أفضل ممثل، كما شاركت في مهرجان "الرقة" المسرحي بأكثر من عمل آخرها كان مسرحية "السفلة"».
وعن تجربته مع التأليف والإخراج المسرحي يقول "المشوح": «كانت لدي العديد من المحاولات لكتابة النصوص المسرحية، لكنني في عام /1999/م، شاركت بأول نص مسرحي في مسابقة الشباب للنص المسرحي في مدينة "الرقة"، من خلال نص بعنوان "الرهان" والذي حصد الجائزة الأولى في المسابقة، وقد أخرجت بنفسي هذا العمل في عام /2000/م، وذلك لصالح مديرية الثقافة في "الرقة"، وكتبت كذلك مسرحية "لا تهرب يا قيس" و"حكاية الأمير شهاب" و"الغروب الأخير" ومسرحية "يادنيا" التي تم عرضها في مهرجان المسرح العمالي المركزي في "دمشق" عام /2009/م، وعدد من النصوص المسرحية الخاصة بمسرح الأطفال، كمسرحية "طائر الأوز" و"اللص والنجار" وهذه الأخيرة سيتم عرضها- إنشاء الله- بعد أشهر قليلة».
من مسرحية : يادنيا |
وبسؤاله عن واقع المسرح الرقي أجاب: «نشأ المسرح في "الرقة" في الستينيات وكان أغلب ما يتم عرضه عبارة عن "طقاطيق" مسرحية- إن صح التعبير- حيث لم تتبلور أي صورة لحياة مسرحية حقيقية حتى جاء مهرجان المسرح العمالي في أواخر السبعينيات، الذي رسم المسار الصحيح للمسرح في هذه المدينة، فظهرت أعمال جيدة آنذاك كمسرحية "الجمجمة" و"الطاعون يعسكر في المدينة" و"عراة على بلاج السياسة" وغيرها من المسرحيات.
وفي الثمانينيات أصبح هناك حراك مسرحي واضح، وذلك على يد مجموعة من المسرحيين أمثال: "نجم العليان" و"موسى الخضر" وصبحي الدسوقي" و"منير الحافظ" و"فواز الجدوع" و"بسام الحافظ" و"يحيى الكفري" و"أسعد الجابر" و"حمود الصطاف" و"مصطفى الحاج" و"طلال شاهين"، وكان معهم الكاتب المسرح "سامي حمزة" الذي كان له أيادٍ بيضاء على المسرح الرقي من خلال النصوص المسرحية التي كان يقدمها، بالإضافة لكونه من أهم المثقفين في مجال المسرح الرقي.
وقد شهدت الساحة المسرحية تراجعاً ملحوظاً ابتداءً من عام /2000/م، إلى يومنا هذا، اللهم ما كان يحمله مهرجان "الرقة" المسرحي، من حراك ثقافي ومسرحي يستمر طيلة أيام المهرجان التي لم تكن تتجاوز سوى بضعة أيام».
ويضيف "المشوح" أخيراً: «استمعت إلى الكثيرين ممن يلقون باللائمة على الجمهور في معرض حديثهم عن أسباب تأخر المسرح، وأنا أخالفهم الرأي تماماً، فالجمهور غير معني أبداً بهذا التأخر، فالفنان الذي يقدم فناً راقياً سيجد جمهوراً عريضاً يقف إلى جانبه، لكنني- في الوقت نفسه- ألقي اللوم على شريحة واسعة من جمهور مدينتنا لعاطفيتهم الزائدة، ومجاملتهم غير المبررة، فالتصفيق ومنذ العصر الروماني- وقد يكون قبل ذلك- ما هو إلا دلالة على الرضا، إلا أن جمهورنا لا يتوانى عن التصفيق لكل من يصعد خشبة المسرح، سواء أكان راضياً عن أدائه أم لا، وبرأيي أن في ذلك إجحافا كبيرا بحق المسرحي البارز الذي لن يشعر بتميزه عن غيره، وبحق المسرحي السيئ الذي سيظن في نفسه الفنان الملهم الذي لا يحتاج لتطوير أدواته.
وأودُّ الإفصاح وأنا أتحدث هنا حول دور الجمهور على المسرح، عن أمر يعرفه وعايشه أغلبية المسرحيين في القطر، وهو أن هناك شريحة من الجمهور السوري لا تصفق أبداً إلا لمن يستحق، فعلى سبيل المثال، فإن جمهور مدينة "حماة"- الذي أقدره كثيراً- يستحيل أن يصفق إلا لمن يدهشه، وهو لا يجامل المسرحيين الذين يقدمون عروضاً متواضعة، وبرأيي فإن هذا هو الجمهور الحقيقي، الذي يساهم بتطوير المسرح، دون أن يمنح أي فرصة لبعض متسلقي خشبة المسرح بأن يطربوا بتصفيق الجمهور».