"دمشق" بعدسة المخرجة "كعدان"

الثلاثاء 08 آذار 2011

«"سقف دمشق وحكايات الجنة"، هي إحدى معالم حياة الناس في مدينة "دمشق" تنتقل القصص والأقاويل من الأجداد إلى الأحفاد مصطحبة معها صوراً غنية من أسماك تطير إلى صداقات مع الأفاعي، لكن كل ذلك قد طواه الزمان إثر التحديث العمراني الذي تشهده "الشام القديمة"، "سؤودد كعدان" تصنع فيلماً كي لا تضيع القصص التي تغلف "دمشق" القديمة وحتى لا تختفي الحكايات في الأبنية القديمة».   

هكذا تقدم أسرة مهرجان "دوكس بوكس" الفيلم السوري التسجيلي "سقف دمشق وحكايات الجنة" للمخرجة "سؤودد كعدان"، الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان أيام سينما الواقع "دوكس بوكس" في صالة "الكندي" بدمشق، وهو العرض الأول من بين العروض السورية الستة التي تتنافس في الحصول على جائزة مسابقة "أصوات من سورية" ضمن المهرجان.

لقطة من الفيلم

 

موقع "eDamascus" حضر عرض الفيلم السوري "سقف دمشق وحكايات من الجنة" ضمن فعاليات مهرجان "أيام سينما الواقع"، حيث تناول الفيلم بين حارات ومنازل "دمشق القديمة" ليروي لنا أساطير، قصصا، أفاعي وحكايا تسكن تلك البيوت القديمة بجدرانها وذكرياتها، حيث تناولت المخرجة التحدث عن هذه الذكريات على ألسنة ساكني "دمشق القديمة" ومقارنتها بالحاضر وسط الحداثة التي يعيشها سكان تلك البقعة من "دمشق".

من الحضور التقينا الأستاذ "حازم" ليحدثنا عن رأيه بالفيلم قائلاً: «الفيلم يعبر عن مشكلة وواقع وعين نعرفه، ولكن الذاتية التي عُلج به الفيلم لطيفة وخصوصاً موضوع المدينة القديمة وغوطة "دمشق"، حيث هناك محالات جديدة وجدية في إحياء المدينة القديمة، وهنا الفيلم يخدم هذه الفكرة بشكل موضوعي وواقعي».

كاميرا "كعدان" تجولت وسط تلك الذكريات لتروي لنا أساطير عن وجود الكنوز في تلك البيوت القديمة، وبالطبع هي خيالات قديمة تتحدث عن أن في كل منزل كنزاً، حيث تتبين في النهاية أنها الحضارة والأصالة وبساطة العيش لدى أهاليها، كما انتقلت المخرجة للحديث عن "بردى" وأهميته بالنسبة لسكان المدينة القديمة، والتطرق أكثر إلى جفاف تلك المنطقة من المياه، وذلك بوجود صور غرافيكية رمزية للنهر والأسماك التي كانت تعيش فيه.

إلا أن شخصية "العوف" الذي كان يشكو من ترميم منزله، ومحاولته لمرات عدة التنويه عن طريق المحافظة وبعض الجهات المختصة بترميم المنزل وعدم تساقطه كان المقطع الأخير الذي تحدث بقوة عن أهمية الاعتناء بالمدينة القديمة وعدم المساهمة في ضياع هويتها العمرانية الجميلة.

المخرج السينمائي السوري الأستاذ "أسامة محمد" يقول: «الفيلم يتضمن الكثير من الإيجابيات من حيث الجانب الفني وما يحتويه بداخله، فالأسلوب الفني بما يحمله من معنى فيه معلومات، حقائق ظلم وفرح، وهي معطيات بإمكاننا رؤيتها في الحياة، الفيلم فيه من الجانب الإيجابي من وجهة نظري، وذلك من خلال البحث والجهد الواضحين، وهما اهتمام السينمائي بالحياة، البشر والمستقبل، أما الجانب الإيجابي الآخر والعام في الفيلم هو ما تخلقه الكاميرا وتتضمن حساسية داخلية تضيف قيمة جديدة للكلام المحكي بين حساسية الضوء والجدران، كما أن الأمكنة فيها شيء يزيد كل شيء أمامنا إنسانية، وكله يلعب دورا إيجابيا فيما يحاول الفيلم نهاية الوصول إليه وهو الدفاع عن هذا النوع من الحياة كإنجاز إنساني وهو أمر هام بحد ذاته، من الجهة الأخرى للأمور اعتقد أن السينما التسجيلية فيها إشكالية ضخمة وهي مستمرة، والإشكالية بمعنى أن المشاهد نوعان، إما يطرح أسئلة باستمرار حول الفيلم أو يلعب دور المؤيد، وأنا من النوع الذي يطرح هذه الأسئلة التي تتعلق بالقسم الذي يتضمن السرد للحكايا، ففي جزء من الفيلم شعرت بأنه لا يشبه روح الصورة والأشياء الصامتة المعبرة عن ذاتها».

المخرج السينمائي أسامة محمد

يتابع: «ففي بعض الأحيان كانت الشخصيات تروي الحكايا دون أن نكون نحن كمشاهدين شركاء في المشهد، وأنا اعتقد أن ذلك  

بالنهاية يضعف من البنيان العام للفيلم ومن القوة الكلية للكلمة النهائية للفيلم، وهو شيء موجود في الفيلم وفي بعض الأحيان، وكأنه لم يتمكن من العثور على الحل الذي يشبهه، فشخصية الرجل الهرم "العوف" الذي يظهر بنهاية الفيلم بشكل مفاجئ ليكون الحل الذي يصرح بعدم وجود حدود في الفن بين الفيلم السينمائي التسجيلي والروائي، فنحن لم نعد أمام أحد هذين النوعين من الأفلام السينمائية بوجود شخصية بحركتها وسلوكها وداخلها النفسي تقول أشياء كثيرة وأكثر عمقاً من أية معطيات أخرى، وهو الجزء الذي أظهر ذكاء المؤلف والبطل بشدة، والكلام هنا لم يعد كلاماً موجهاً للمتلقي بقدر ما يكشف واقعاً نفسياً يكرس واقع الظلم في الحياة ويضعك في المكان الأكثر فاعلية في القصة ككل».

"سلام الحسن" يعمل في مجال الرسوم المتحركة، يقول: «إن إدخال تأثيرات الرسوم المتحركة في الفيلم مع العرض الحي والواقعي كان نابعا من طبيعة القصص التي يتناولها الفيلم كقصة الأفعى، وهي أسطورة نوه إليها في الفيلم، وتقول إن كل بيت تسكنه أفعى ضخمة خفية لحماية الدار، وهو المخلوق الأبدي الذي لا يموت دلالة على استمرارية البيت أيضاً، وهي فكرة يمكن تصويرها، لذا اختارت هنا المخرجة فكرة إدخال الرسوم المتحركة كمحفز أو مساعد للتخيل ولإتمام المشهد، كما أرى أن أهم ما تناوله الفيلم هو فكرة البيت والوطن من حيث إن بيت الإنسان يعبر له عن وطنه، وفقدانه يعني الضياع أو الغربة، الفيلم بالمجمل جميل جداً ومن الضروري أن نشاهد الكثير من الأفلام والأعمال الفنية التي توثق "دمشق" بهذه الطريقة».

الصحفي "أنس زرزر" يحدثنا عن رأيه بالفيلم: «الفيلم على الرغم من أنه يرصد الذاكرة الشفهية أو الشعبية لمجموعة قصص من بيوت وسكان أحياء "دمشق القديمة" لكني أجدها قصصا ذاتية جداً باستثناء الفصل الأخير، وهو "حكاية دونكي شوت الدمشقي"، وأرى أن الفيلم كان يجب أن يندرج بكل فصوله بين قصص مشابهة لهذه القصة لأشخاص لديهم ارتباط وصلة وطيدة بهذه المدينة وبنفس الوقت يعايشون معاناتها».

من الجدير بالذكر أنه قد نال الفيلم الذي أخرجته الجزيرة الوثائقية على الجائزة الثانية للفيلم التسجيلي العربي في مهرجان "دبي" السينمائي 2010.