روان الكردي:أنامل سورية تُبدع في برلين
رولا القطب
العازفة "روان الكردي" عازفة كمان سورية، وهي واحدة من أعضاء الأوركسترا الوطنية السورية، لها العديد من المشاركات مع أهم الفرق الموسيقية العالمية .
موقع "المفكرة الثقافية" كان له هذا الحوار معها:
*كيف كانت بدايتك الموسيقية ومن شجعك نحوها؟
**لقد نشأت بعائلة تعشق الموسيقا والفن، فوالدي كان عازف غيتار كلاسيكي، وهو من حثني على تعلم الموسيقى بالمعهد العربي منذ عمر ثمانية أعوام، ومنذ ذلك الحين تابعت دراستي الموسيقية حتى تخرجي من المعهد العالي للموسيقا.
*هل لك أن تُخبرينا كيف استطعت التوفيق بين دراستك في كلية الآداب /قسم اللغة الانكليزية، والمعهد العالي للموسيقا دون أي تقصير؟
**الصعوبة كانت تتركز أثناء فترة الامتحانات، لكن شعوري بالمسؤولية اتجاه التمرين الموسيقي، ودراسة اللغة جعلني أحاول التوفيق من حيث تنظيم الوقت والمتابعة بشكل لايتعارض مع كليهما.
*هل صحيح أن الآلات الوترية وتحديداً آلة الكمان هي من أصعب الآلات الموسيقية من ناحية" العزف ، الإحساس، وضعية الأصابع واليدين"، ماهي وجهة نظرك الموسيقية تجاه هذا الأمر؟
**هذا صحيح، لأن الطفل ببداية تعلًمه على آلة الكمان يجد صعوبة كبيرة بطريقة حمل الآلة، وبوضعية الأصابع، وبطريقة إصدار الصوت، لأن مكان النوطات الموسيقية على الآلات الوترية غير محدد مقارنةً مع بقية الآلات مثل البيانو، الكلارينيت، والغيتاروهذا يحتاج منه إلى الكثير من الوقت والجهد والسماع الجيد للنوطات الموسيقية أثناء تمرينه، كما أن الاعتماد على ذاكرة الأصابع يُساعد إلى حدٍ ما في العزف، أما بالنسبة لبرامج آلة الكمان فهي تتطلب تكنيكاً كبيراً من خلال التمرين المستمر.
*في بعض الأحيان يؤدي عازفو الكمان نفس المؤلف الموسيقي ولكن كُلٍ منهم بأسلوبٍ مختلف، ماسبب هذه الإختلافات في الأداء حسب رأيك؟
**لأن إحساس العازف له تأثير كبير على تأدية وعزف المقطوعة الموسيقية، كما أن ثقافته الموسيقية التي تلقاها خلال فترة دراسته وكيفية تحليله للجملة والقطعة الموسيقية ككل لها دور كبير في العزف، فاختلاف هذه العوامل ستؤدي بالنهاية إلى اختلافات في الأداء لذات المُؤلف الموسيقي، أعتقد أن هذا الأمر جيد لأنه سيميز العازفين عن بعضهم، إلا أن هناك بعض القطع الموسيقية التي كُتبت من قبل مؤلف ما خلال فترة موسيقية معينة، مثل "موتزارت"، هنا يُفترض على العازف تأدية مقطوعاته بدقة تامة دون أي تغيير ضمن اطارٍ معين.
*ماهي أهم الأعمال الموسيقية التي قُمت بعزفها كعازفة كمان "منفرد" واستمتعت بها كثيراً؟
**بصراحة هما عملين موسيقيين الأول: كونشرتو "خاشودريان" للكمان خاصةً الحركة الأولى لأنها تحوي على تكنيك مختلف بكل جزء فيها، فهي حركة طويلة وتحتاج إلى القدرة على التركيزالطويل والعزف بسويةٍ واحدة دون الإحساس بالتعب.
أما العمل الثاني: "كونشرتو سيبليوس": الذي قُمت بعزفه في امتحان التخرج ويحوي العديد من الألحان العذبة التي تحتاج من العازف إلى تكنيك وإحساس موسيقي عالي جداً فهو عمل يستمتع به كل من يعزفه ويسمعه.
*هل لك أن تُطلعينا على أهم محطاتك الموسيقية ؟
**هناك عدة مشاركات، فنحن كموسيقين جزء من عملنا هو السفر والعزف مع عازفين آخرين، لأن ذلك يمنحنا خبرة جيدة.
أهم محطاتي الموسيقية هي مشاركتي بأوركسترا الشباب الفلسطينية، لأنها تجربة هامة بالنسبة لي على كافة الأصعدة حيث أن الأوركسترا جمعت الموسيقيين الفلسطينيين من كافة أنحاء العالم بمكان واحد في هذه الأوركسترا، التي كانت عبارة عن ورشة عمل استمرت لمدة اسبوعين تحت اشراف أساتذة ألمان بقيادة المايسترو "آنا برونيك" وهي مايسترو ألمانية، فكانت نتائج الحفل مختلفة تماماً عما كنا فيه ببداية التمرين، حيث تم تقدم العازفين بالعزف بشكلٍ ملحوظ لأن التدريب كان يومياً بشكلٍ مركز، أعتقد أنها تجربة هامة جداً لأنني تتعاملت فيها مع عازفين من عدة دول بخبرات موسيقية متنوعة.
وتليها مشاركتي بأوركسترا "وستين ديفان" بقيادة "دانييل بارانبويم"، وهو مايسترومشهور وقد أصبح الآن المايسترو الرسمي لبرلين، فعلى المستوى الموسيقي تم اختيار الموسيقيين لكي يشاركوا بهذه الأوركسترا بدقةٍ تامة على أن يتمتعوا بمستويات محترفة، لأن البرامج الموسيقية التي تُقدمها من النوع الصعب جداً لذا يجب أن يتمتع عازفيها بالاحتراف، فبعد التحضير الموسيقي تجول الأوركسترا على عدة دول أوروبية لتقدم العديد من الحفلات، فمن سورية تم اختيار عشر موسيقيين لكي يُشاركوا بهذه الأوركسترا حيث أنني كنت ضمن الموسيقيين الذين تم قبولهم، فقدمنا عدة حفلات هامة من ضمنها حفل وداع "كوفي أنان" وحفل آخر بقاعة "الكارنيغي هول"، فالخبرة الموسيقية التي يكتسبها العازف ضمن هذه الأوركسترا،لايمكن أخذها من أي مكانٍ آخر لأنها أوركسترا احترافية يتم التعامل فيها مع عدد كبير من الموسيقيين ذوي الخبرةٍ والموهبة العالية جداً،ً بالإضافة إلى أنها سنحت لنا فرصة العزف بأهم قاعات ومسارح العالم، وبأهم المهرجانات الموسيقية العالمية.
كما شاركت بالعزف مع الأوركسترا السورية في حفلها الهام الذي أُقيم في أبوظبي مع مغني الأوبرا الشهير "بلاسيدو دومينغو" حيث تم بناء مسرح خاص له في منطقة صحراوية رائعة، وكانت الأوركسترا السورية هي المدعوة لمرافقته في الحفل، أعتقد أن هذا الحدث هام جداً للأوركسترا ولعازفيها.
*متى كانت أول مشاركة لك بالعزف مع الأوركسترا الوطنية السورية؟
** قبل دخولي إلى المعهد العالي للموسيقا عام 1999 والتي كانت بقيادة المايسترو الأستاذ "صلحي الوادي". لقد كانت بداية هامة بالنسبة لي لأنني انطلقت منها موسيقياً، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن أنا عضو بالأوركسترا الوطنية السورية.
*هل لك أن تٌطلعيننا عن عضويتك بفرقة "وشاح"؟
**عضويتي بفرقة "وشاح" الوترية لموسيقى الحجرة مختلفة نوعاً ما لأن العزف مع مجموعة موسيقى الحجرة تختلف عن العزف المنفرد مع الأوركسترا، لأن عدد عازفي الحجرة قليل جداً، فهذا الأمر يرتب على العازفين مسؤولية أكبر فالحجرة عبارة عن مجموعة مصغرة من "العازفين المنفردين" الذين يقومون بأداء عمل جماعي إلا أن كل عازف عليه أن يؤدي دوره بإتقانٍ تام، لأن الدور مكتوب لعازف واحد فقط فلا أحد سيشاركه في هذا الدور. أما بالنسبة لبروفات "تمرينات موسيقى الحجرة" تكون مدتها أطول لأن التركيز يكون على أدق التفاصيل الصغيرة، كما يترتب على العازف في الحجرة بالإضافة لإتقان دوره حفظ أدوار زملائه من العازفين، لأن أي خطأ سيظهر بسرعة على المسرح، وقد قامت فرقة وشاح بعدة حفلات في سورية، المغرب، أوكرانيا وغيرها من الدول، ونالت حفلاتنا استحسان الجمهور.
*كنت أستاذة الموسيقا لمدة ثلاث سنوات في المدرسة الأميركية بدمشق كيف كانت تجربة التدريس مع الأطفال هناك؟
** درست بالمدرسة الأميركية لمدة ثلاث سنوات، بشكلٍ أساسي على آلة الكمان، ولكن للأسف بسبب سفري لم أستطع المتابعة ولقد كانت تجرية رائعة، لأن العمل مع الأطفال يحوي على العديد من التحديات المفاجئة ففي بعض الأحيان نجد طلابا موهوبين ولديهم القدرة على التقدم والتطورالسريع جداً،ً وهذا الأمر يُحفزني على البحث عن أسرع الطرق لتطويرهم، كما أنه يتوجب علي معرفة نقاط ضعفهم كي يتم تعديلها، وهناك بعض الطلاب لايتم تقدمهم بشكل سريع لأسباب لانستطيع ادراكها مايأخذ منا الكثير من الجهد والوقت، وبالنسبة لانتقاء البرامج اذا كان لدى طلابي حفل ما من الواجب علي أن أقوم بتحضيرهم على أتم وجه بحيث يكون أداءهم جيدا على المسرح.
*ماهي أهم مشاريعك الموسيقية المستقبلية؟
**مؤخراً كان تركيزي الكبير هو السعي للحصول على منحة لمتابعة الدراسة الموسيقية في" برلين"، وبالفعل حصلت على منحة لمدة عام لمتابعة الدراسة بشكلٍ عملي على آلة الكمان مع الكونسرت ماستر لأوركسترا "شتاك بيلا" لأوركسترا دار الأوبرا في برلين.