صحافة الأحزاب– جريدة الأيام- نصوح بابيل
صدرت جريدة (الأيام) في دمشق في 10/5/1931، لتكون ناطقة بلسان حزب (الكتلة الوطنية)، وحمل العدد الأول لجريدة الأيام بجانب عنوانها أسماء ستة من أعضاء الكتلة الوطنية وكتب فوق أسمائهم (أصحاب الامتياز)، وهم هاشم الأتاسي (1875-1960) وإبراهيم هنانو(1869-1935) ولطفي الحفار(1891-1968) وعارف النكدي (1887-1975) وسعد الله الجابري (1891-1948) وفخري البارودي (1889-1966).
وقد أوكلت الكتلة الوطنية إلى عارف النكدي أمور سياسة الجريدة التي صدرت في ثماني صفحات كبيرة وبشكل يومي، وكانت تطبع في مطابع (بابيل اخوان)، أما مديرها المسؤول فهو الصحفي المعروف الدكتور نجيب الأرمنازي (1897-1968)، وقد لاقت رواجا كبيرا وكانت معارضة تنتقد سلطات الانتداب بشدة، فعطلت بعد شهرين وقررت الكتلة الوطنية بيع امتياز الجريدة إلى الصحفي نصوح بابيل (1905-1986) وتم ذلك وصدرت من جديد، لكنها عطلت أيضا بسبب مواقفها من سياسة الانتداب، رغم ذلك حافظت على انتشارها وحجمها واستقطبت عددا كبيرا من خيرة المحررين مثل أحمد عسة وبشير العوف ووجيه الحفار ورشيد الملّوحي ونذير فنصة وأحمد قدامة ومنير الريس وكامل البني ومطيع النونو وإيليا شاغوري وسامي الشمعة وغيرهم، منهم من حرر فيها سنتين أو أربع سنوات ومنهم من استمر حتى آخر أيامها. كان يكتب قصة العدد الأسبوعي يوم الخميس تارة فؤاد الشائب وتارة ميشيل عفلق أو حنا مينة، وكانت تصدر يوم الجمعة ضمن اثنتي عشرة صفحة.
ظهرت (الكتلة الوطنية) في فترة المفوض الفرنسي هنري بونسو الذي تولى هذا المنصب في سوريا ولبنان عام 1926، وذلك أثناء الثورة السورية الكبرى، وقد نشأت الكتلة الوطنية وحلت محل حزب الشعب الذي تفرق بعد قيام الثورة، وكذلك انضم عدد كبير من قيادات حزب الشعب إلى الكتلة الوطنية بعد أن غادر زعيم حزب الشعب الدكتور عبد الرحمن الشهبندر إلى الأردن ومصر وفلسطين والعراق وظل يطالب باستقلال البلاد ووحدتها وبتقرير مصيرها.
وكان هاشم الأتاسي وإبراهيم هنانو هما قطبي الكتلة الوطنية في بداية نشأتها، وعقدت الكتلة أول مؤتمراتها في بيروت في تشرين الأول عام 1927 برئاسة هاشم الأتاسي وإبراهيم هنانو والدكتور عبد الرحمن كيالي، وعبد الحميد كرامة وعبد الله اليافي، والأمير سعيد الجزائري، وأسفر المؤتمر عن بيان رد فيه على المفوض السامي ودعا إلى تحديد نقاط الخلاف وأخذ على السلطة إبقائها القيود على الحريات، وتفتيت سورية إلى عدة دويلات، واتهم المؤتمر سلطات الانتداب إهمالها لمصالح البلاد الاقتصادية.
وقام أنصار الكتلة الوطنية بمظاهر سلمية مرخصة احتجاجا على تعطيل الحياة النيابية، اشترك فيها بعض وفود الأحياء والنقابات والشباب وأصدر مكتب المجلس بيانا أعرب فيه عن استعداده لبذل الجهود لإنجاح سياسة الحزب، ومنذ ذلك الوقت أصبحت الكتلة الوطنية حزبا مرخصا، تتألف من رجال السياسة ومؤيدي الاستقلال، ولم يكن لها برنامج مكتوب فقد كان يعتمد برنامجها على ما يصدر عنها من بيانات في مختلف المناسبات والأزمات السياسية، ومن الممكن اعتبار الدستور الذي أقره المجلس التأسيسي الذي وضعته الكتلة والذي أشرف عليه فوزي الغزي (1891-1929) في 7 شباط عام 1928هو مبادئ وأهداف الكتلة الوطنية، فقد نص الدستور على وحدة البلاد السورية المنفصلة عن الدولة السورية المنفصلة عن الدولة العثمانية، وعدم الاعتراف بما طرأ عليها من تجزئة منذ نهاية الحرب الأولى عام 1918، وقرر الدستور "الجمهورية" كنظام حكم، ونص على حرية الأديان وعلى أن تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية، وأفرد الدستور بابا خاصا يتألف من اثنتين وعشرين مادة لتعيين حقوق الشعب.
وصارت شقة الخلاف واسعة بين الفرنسيين ورجال الكتلة الوطنية وطالبت بعقد معاهدة مع فرنسا تحدد العلاقة بين الدولتين ورفض الانتداب واعتباره استعمار حقيقي تجب مقاومته بكل الوسائل، وطالبت بإلغاء الإدارة المباشرة واعلان العفو عن المحكومين السياسيين، وتشكيل جيش وطني، وصيانة القضاء الوطني وإنهاء الديون العامة ونشر التعليم الوطني ودخول سورية في عصبة الأمم....