"عدنان أبو منصور"... الرؤية الفنية حسب روح المادة
رهان حبيب
جسد الفنان النحات "عدنان أبو منصور" منحوتات فنية على جذوع الأشجار بحرفية عالية معبرا عن الحلم الإنساني، ومساحات انعتاق الروح . وقد تحدث خلال حوار أجرته "المفكرة الثقافية" بتاريخ 27 تشرين الثاني 2014 عن تجربته بالنحت على الخشب مع العلم أنه عاش تجربة طويلة مع البازلت، فقال: "لكل مادة مزاياها وصفاتها الفنية، والجميل هو تلك اليد القادرة على التفاعل مع البازلت والخشب، وأي نوع من المواد القابلة لخلق مساحة حوار فني تفرغ نتائجها على هذه القطعة وفق رؤية فنية تنسجم مع روح المادة والقدرة على استخلاص وسائل التعبير منها وعليها.
أحب جذوع الأشجار التي قد تصلني بالصدفة، أو من شجيرات منزلية، أو من الكروم ، فيكون لي معها فترات تأمل استنبط منها ما يمكنني تحميله لهذه السطح الذي أتعامل معه بعدة طرق لتكون صالحة للمشروع النحتي، وفي الغالب تخضع لعمليات طويلة للتنظيم لإزالة القطع القابلة للتلف وتقشير اللحاء والحرص على الخامة الأساسية، والجزء الأهم منها وهو مادة الخشب الصرفة التي نتمكن من قراءة تخطيطها وبالتالي التوجه لفكرة العمل وطبعها وفق وسائل النحت التي تعلمتها بشكل ذاتي على هذه المادة الرائعة.
*هل لك أن تحدثنا أكثر عن هذه التجربة؟
**كان للبازلت حضور قوي وتحد طويل الأمد مع نحاتي "السويداء" وكل المهتمين بالفنون على ساحة المحافظة، لكن فكرة التعامل مع الخشب لاتبتعد كثيراً عن مضمون خيارتانا اتجاه البازلت، فأخشاب الزيتون والكرز والتفاح والصنوبر والسرو والجوز أنواع تتوافر بكثرة في منطقتنا الجبلية، وتبدأ من الحدائق المنزلية لتصل إلى الكروم والبساتين، ومايصلني من جذوع مختلفة من أشخاص ومزارعين يستهويني نظرا لما لهذه القطع من ذكريات لدى الأشخاص، ولأنها أخذت أشكالها بمزيد من العناية.
في الغالب أقوم بنحت الطيور والكائنات الطبيعية والوجوه الإنسانية لتعكس تلاحم الإنسان مع الشجر والطير والتواجد البيئي الجميل ضمن تفاعلات انسانية مختلفة .
*هل تتقصد إثارة فضول المتلقي لتلمس منحوتاتك؟
**معالجتي للعمل الفني ترتكز على إخراج حالة جمالية فكرية تنسجم مع جمال الخشب ونقاوة أنسجته، وأنا أتقصد في مراحل العمل النهائية تنعيم الأسطح وصقلها رغم أن ذلك يأخذ وقتا طويلا من العمل، لكن النتائج غالبا ماتكون موفقة لدى الناظر، إضافة إلى قدرتي على استخراج ألوان أكثر صفاء من باطن القطعة ومعالجتها بمواد لحمايتها من عوامل الطبيعة حيث تكتمل اللوحة.
*تستعد لتقديم هذه الأعمال في معرضك الأول خلال الشهر القادم فهل نسمع رأيك في ذلك؟
**هو المعرض الفردي الأول في مدينتي التي اغتربت عنها سنوات طويلة واليوم عدت لها بهدف الاستقرار ، والمعرض يتخصص بمنتجي الفني بشكل عام، ليكون لدينا العمل التصويري وتجارب اللون التي اختبرتها إضافة للبازلت، وسيكون هناك ركن مهم للمنحوتات الخشبية التي سيكون الظهور الأول لها في معارضي الفردية، وهذه العملية ستكون متممة لرسالة أنقلها للمجتمع وللمهتمين بالفن للتنويع والخروج من الأطر الجامدة. إن الفنان في منطقتنا قادر على استثمار تنوع غني وكبير من المواد الخام التي تحرك مشاعرنا كفنانيين، وهي خامات مؤهلة للعمل الفني وليس علينا إلا البحث عنها وتقديمها ضمن مشاريع كبيرة تعالج الواقع والحالة الإنسانية .
*تظهر جماليات أعمالك الفنية في حديقة منزلك، فكيف قررت ذلك؟
**مع عودتي للاستقرار قررت شراء منزل يحوي حديقة منزلية، وبالاعتماد على تجارب في تصميم الديكور وتشكيل تكوينات من مواد مختلفة قمت بعمل منحوتات بازلتية أنتجتها في مراحل مختلفة، والأشكال صممتها بالاستعانة بالاسمنت والخشب إلى جانب الاستفادة من النباتات والشجيرات التي أنتقيها لتكمل الحالة الجميلة الجديدة التي أرغب أن أراها بشكل مختلف عن الحدائق المشاهدة في المنطقة.
يذكر أن الفنان مارس العمل الإخراجي والفني في دولة الإمارات العربية، وله مشاركات في معارض جماعية ، وهو اليوم متخصص بإخراج عدد من الدوريات في مدينته "السويداء".