عمر حجو مؤسس مسرح الشوك
"ذكرني وجهه النقي ذو التجاعيد برائعة الكاتب الأميركي"إرنست هيمنغواي" رواية "الشيخ والبحر" لأن تلك الأنواء التي اعتلت وجنتيه، لا بدأن تخبرك قصة صراع طويلة محفورة في ذاكرة الأيام، وتلك النبرة الهادئة المتزنة فيالحديث، لابد أن تأخذك بعيدا عن حدود الفن إلى عوالم إنسانية عميقة، نعم هو الفنان،مؤسس نقابة الفنانين في "سورية" وأسرة تشرين المسرحية السيد "عمر حجو".
موقعeSyria التقى السيد "عمر حجو" الذي يعتبر من أهم الوجوه الفنية في "سورية" وفي "حلب" خصوصا وأقدمها جيلا، فحدثنا عن سيرته الفنية منذ نشأتها وعن بداياته الفنية حيث قال: «بدايتي كانت كبداية أي هاو ٍ عشق فناً ما، حيث بدأت مع ثلة من الأصدقاء الهواةومحبي الفن في النوادي الحلبية مقدمين عروضا مسرحية منحصرة في إطار مسرح الهواة،حيث كان هدفنا التسلية وإرضاء شغف اعترانا لا أكثر، إذ أننا لم نكن نجني أرباحاًمما نقدمه بل كنا في بعض الأحيان ندفع مبالغ من جيبنا الخاص وأكثر مما نحصل عليه،راضين بإرضاء مواهبنا فحسب، لأنطلق فيما بعد إلى مجالات أوسع فتحت لي طاقات فنيةجعلتني محترفا للفن وعاملا فيه».
وفي أحد المراحل الهامة من سيرة الفنان"عمر حجو" مرحلة فرقة "الشوك المسرحية" التي عمل على تأسيسها والعمل بها والتي مالبثت أن تلاشت، فيخبرنا السيد "حجو" عن هذه الفرقة قائلا:
«سعينا إلى تأسيسهذه الفرقة منطلقين من مبدأ معروف اجتماعيا يقول "اللي فيو شوكة بتنخزو" إذ عمدناإلى تقديم عروض مسرحية تعتمد مبدأ "السكيتشات" الضاحكة
الناقدة للواقعالاجتماعي برمته، لنوجه رسالة للمخطئين في المجتمع لكي يقوموا على إصلاح ما أخطؤوابه، ومع أن المشروع لم يدم طويلا إلا أنه تطور ونشأ، إذ أنه موجود حتى يومنا هذاممثلا بمجموعة مسلسل "بقعة ضوء" وما شابه من المسلسلات التي تعتمد هذا المبدأ فيالطرح».
ولعل المرحلة الأهم في تاريخ هذا الفنان هي مرحلة أسرة "تشرين" المسرحية التي قدمت العديد من العروض المسرحية المشهورة والتي تذاع وتحجز حيزا فنياكبيرا حتى يومنا هذا حيث يقول عنها السيد "عمر حجو":
«بدأ المشروع بتكاتفبين أعضاء الفرقة كافة، حيث جمعنا هدف واحد وفكر واحد، لنشكل فريقا متكاملا يجمعهالحب والتآخي والعمل الجاد، الأمر الذي يعتبر سراً وراء نجاح أعمال الفرقة التيلاقت صدى كبيراً في الأوساط الفنية العربية والسورية، ويعود سبب غياب هذه المجموعةعن المسرح حاليا هو بعض الأشخاص من أعضاء الفرقة الذين غردوا خارج السرب وسعوا إلىإرضاء رغبات ذاتية بعيدا عن المجموعة مما أدى إلى انسحاب أعضائها واحداً تلو الآخرحتى غدت صورة من ذكريات الماضي».
وعند سؤاله عن أسباب سعيه لتأسيس نقابة الفنانين في "سورية" يقول الأستاذ "عمر" مسترسلا:
فكرة تأسيس النقابة انطلقت من وفاة أحد زملائنا الفنانين الذي زرع فيناحزنا كبيرا، فسعينا "نحن أصدقاؤه" إلى الاجتماع على مساعدة أهله وذويه الأمر الذيأربكنا كثيرا، فولدت فكرة إنشاء منظمة ترعى حقوق الفنانين وتقوم على حمايتهم ورعايةذويهم، ونجحنا بعد سعي دؤوب إلى تأسيس هذه المنظمة التي أطلق عليها اسم نقابةالفنانين السوريين وكانت ترضي الهدف الأسمى الذي تأسست لأجله حيث عملت على مساعدةالفنانين ورعاية حقوقهم بشكل كبير، إلا أنها سرعان ما حادت عن هذا الهدف، لتتحولاليوم إلى مؤسسة حكومية لا أكثر، بموظفين يتقاضون رواتب من عائدات النقابة التي هيبالأصل مرهونة لرعاية الفنان وأسرته».
وفي تقلبات الحديث أشاد الفنان "عمر" بالدراما السورية ولام المسرح الحلبي خصوصا حين قال:
«تشهد الدراما السوريةتطورا عربيا كبيرا وتقدما ملحوظا إذ أنها تقدم أعمالا ضخمة تستحق المتابعةوالاحترام، نالت شهرة عربية كبيرة، بينما وفي المقابل ألوم المسرح الحلبي لما يقدمهمن عروض بعيدة عن القيم الفنية المسرحية، إذ أنها تعتمد المبدأ التجاري لا الفنيلذا لا يصح تسميتها بأعمال فنية إنما
هي حفلات سمر يتم فيها تبادل النكات والطرف،وألوم في هذا الجمهور المسرحي أولا، ومديرية الثقافة التي لا تولي اهتماما لهذاالشأن، إذ أن أكثر الفنانين السوريين والحلبيين ومنهم "عمر حجو" يبدون استعدادكبيرا لإحياء المسرح لكنهم مترقبون الدعم من وزارة الثقافة الغافلة عن هذا الموضوعإذ أن النهوض بالفن لا يعتمد على شخص أو مؤسسة دون أخرى، بل هو مشروع جماعي تتكاتففيه كافة الأطراف ساعية إلى هدف واحد».
وختاما لم يكن منا إلا رفع القبعاتإجلالا لهذا الفنان المناضل الذي رسم لوحة منسقة الأبعاد واضحة الملامح عن الفنالسوري الأصيل وعن النضال المشروع من أجل الرقي بهذا الفن.
يذكر أن الفنان"عمر حجو" من مواليد مدينة "حلب" وعمل في مسرحها وفي تلفزيونها إذ سجل باسمه العديدمن المسلسلات التلفزيونية والعديد من الأعمال المسرحية كان أهمها مع أسرة "تشرين" المسرحية إذ نذكر منها (كاسك يا وطن – ضيعة تشرين – غربة)، كما يعتبر المؤسس الأوللنقابة الفنانين في سورية، وخلف جيلا فنيا مشهودا له بأولاده الاثنين المخرجوالفنان السوري "الليث حجو" والمخرج المسرحي الفنان طالب المعهد العالي للفنونالمسرحية الشاب "سالم حجو".
يذكر أن الفنان "عمر حجو" من مواليدمحافظة "إدلب" عام 1931 ، درس في مدارس "حلب"، كما رغب والده ولكنه سرعان ما انجذب إلى مسارح الفن التي كانت مُنتشرة كثيراً في "حلب" في خمسينيات القرن الماضي، وأدرك في قرارة نفسه أنه لن ينجح في تحقيق حلم والده بأن يُصبح موظف حكومة بل ليكون فناناً.
أسس مع زملائه الرواد الأوائل المسرح الشعبي ثم المسرح القومي في "حلب"، ومن ثم ذهب إلى "دمشق" ليؤسس المسرح القومي، وليدخل فن المسرح الإيمائي "بانتو ميم" إلى الحركة المسرحية، إذ يعدّ "عمر حجو" رائد هذا النوع المسرحي في "سورية" إن لم نقل في الوطن العربي، ومع الراحل "سعد الله ونوس" والمخرج "علاء الدين كوكش" عمل على نشر المسرح في الأرياف.
ما يزال الفنان "عمر حجو" نجماً في التلفزيون والإذاعة والمسرح، ساهم في تأسيس نقابة الفنانين في القطر العربي السوري بـ"دمشق" و"حلب" ومن أعضاء إدارتها لدوراتٍ متتالية. فما عُرف عن عمله النقابي أنه ساهم في رفع سوية الفن، وتحقيق المكاسب للفنانين فيما يتعلق بالتنمية الثقافية.