"فلاش سوري كتير" الحدث السوري في دراما الكترونية
دراما من رحم الأزمة السياسية السورية
عبد الله القصير
شاءت الظروف أن يكون عرضها الأول على شبكة الانترنت، فكان لها أن تسجل كأول دراما سورية "الكترونية"، بعنوان "فلاش سوري كتير".
"علي وجيه" كاتباً، "وسيم السيد" مخرجاً، سلـّط الأول قلمه والثاني عدسته على الممثلين "وئام اسماعيل" و"حسام جليلاتي" فخرجوا جميعاً بسلسلة لوحات درامية تناقش الأزمة التي تشهدها سورية، ولسان حالهم يقول: «إن أهم ما في تناولنا لمواضيع تتعلق بالظرف السياسي الراهن هو بعدنا عن فكرة إلغاء الآخر من المشهد السياسي والفكري والاجتماعي السوري، لا بل نسعى لتكريس الحوار والجدل والنقاش والاختلاف كوسيلة للارتقاء بالوطن». فكيف كان البدء؟
يقول الإعلامي "علي وجيه" مؤلف السلسلة: «البداية كانت من الأستاذ "وليد سلمان" سكرتير التحرير في "موقع بوسطة" الذي طرح فكرة عمل درامي يجسد انعكاس رأي الشارع السوري في ظل الأحداث التي تشهدها سورية، تحمست للفكرة وبدأت كتابة "الفلاشات" حيث لا تتجاوز مدة كل منها ثلاث أو أربع دقائق، وبإمكاناتنا المادية المتواضعة، وبالمساعدة الممكنة من موقع "بوسطة" وأصدقاء آمنوا بالمشروع فعملوا مجاناً، بدأنا المشروع فأنجزنا عدة لوحات أو "فلاشات" هي الآن متاحة لمن يرغب بمشاهدتها على شبكة الانترنت عبر موقع بوسطة www.bostah.comوعلى موقع فيسبوك على الرابط www.facebook.com/SyrianFlash، ومن خلال صفحة خاصة بالمشروع على موقع فيسبوك، وأيضاً قمنا بإتاحتها للمتلقي من خلال صفحاتنا وصفحات أصدقائنا على الفيسبوك».
وفي حديثه عن الرؤيا التي تجسدها لوحات "فلاش سوري كتير" والحامل الفكري يقول مؤلف العمل: «الأفكار المطروحة في السلسلة ليست للإتجار السياسي بأي شكل من الأشكال، ولا تمثل وجهة نظر طرف محدد في سورية دون الآخر، فنحن لسنا بصدد الدفاع عن أحد ولا نقصد أن نهاجم أحداً، هي سلسلة موجهة للناس للمواطن السوري، نرصد من خلالها انعكاس الأحداث الأخيرة على الشارع السوري. ندعو من خلال ما نقدمه إلى التعاطي بإيجابية مع ما يحدث من أجل الوصول لحل أو حلول ترضي الجميع وهذا ما يفسر حالة التفاؤل التي نحاول بثها مع نهاية كل لوحة، ومع ذلك فقد تم تصنيفنا من قبل المعارضين على أننا مؤيدون كما وضعنا المؤيدون في صف المعارضين، ولربما كان ذلك دليلاً على الموقف المعتدل الذي اتخذناه حيال الأزمة، ففي أول لوحة عرضت على الانترنت بعنوان "ليس حلاً" رفضنا فيها الخيار الأمني كحل لتهدئة الأوضاع، وفي اللوحة الثانية وهي بعنوان "حوار وطني" دعونا فيها إلى الحوار بشكل صريح، أما اللوحة الثالثة فتتلخص مقولتها في أنه ليس بالضرورة أن يكون من يخالفنا الرأي مرتبطاً بأجندة خارجية».
ولكن ألا يعتبر الاعتماد على شخصيتين- إحداهما تمثل الموالاة والثانية تمثل المعارضة- ألا يعتبر ذلك بمثابة فرز أو تقسيم للمجتمع السوري إلى فئتين رغم الرسالة المتضمنة فئة ثالثة؟ يجيبنا الكاتب "وجيه" بقوله: «ربما يفهم ذلك من خلال ما تم عرضه، ولكن ذلك لا يعبر عن واقع المشروع أو رسالته ولا يختصرها بهذه الزاوية الضيقة، وفي اللوحات الجديدة القادمة سيكون الرد واضحاً على ذلك، ولكن الإمكانيات البسيطة التي عملنا بها جعلتنا ننطلق بالاعتماد على ممثلين اثنين فقط، أما الآن فقد تلقينا عدة عروض من ممثلين سوريين معروفين للمشاركة في العمل وهذا سيكون عاملاً مساعداً على كافة الصعد».
وتحدث "وسيم السيد" مخرج العمل عن فكرة عرض اللوحات على الانترنت وليس عبر إحدى شاشات التلفزة المحلية، يقول: «لم يكن خيارنا أن نعرض هذه السلسلة على شبكة الانترنت لو قبل التلفزيون السوري أو غيره تبني هذا المشروع وعرضه، ولأنه وصف من قبل القائمين على هذه المحطات بالعمل الجريء فقد لاقى الرفض رغم الموافقات المبدئية التي حصلنا عليها، لذلك لم يكن أمامنا خيار سوى ذلك، مع العلم أننا ما زلنا نسعى لعرضه على إحدى هذه الشاشات بغية وصوله لأكبر شريحة ممكنة، كما نتمنى أن نجد جهات راعية لهذا المشروع تتكفل بتمويله لنخرج برؤى فكرية أكثر اتساعاً نعالجها بحلول بصرية تغني العمل، بحيث لا نبقى نعمل بقدر ما هو متوافر».
ومع ذلك فإن هذه المجموعة الشابة وجدت لنفسها بعض العزاء فيما يقدمه الانترنت من ميزات لا يستطيع التلفزيون توفيرها، يقول مخرج العمل: «ميزة العرض على الانترنت أن المشاهد لا يفوته أي عرض لأنها موجودة دائماً، كما يمكن أن يقوم بتحميلها واقتنائها، إضافة لذلك يمكنه التعليق عليها مباشرة أعجبته أم لم تعجبه، وهذا يفيدنا في عملنا أن نتلقى ردة فعل المشاهد على الفور وبشكل متواصل، كما أن وجود النسبة العظمى من الشباب العربي على شبكات التواصل الاجتماعية يعتبر فرصة أوسع للانتشار بين الناس، وقد وصلت نسبة المشاهدة إلى أرقام جيدة جداً على الرغم من مشكلة بطء الانترنت في سورية التي تعيق الكثيرين من متابعتها».
يشكل الممثلان "وئام اسماعيل" و"حسام جليلاتي" شريكين أساسيين في المشروع، إلا أن السؤال يكمن حول قيمة الدور الذي يلعبه الممثل في عمل يعتمد في معظمه على فكرة أو رأي أو مقولة أكثر من اعتماده على تقنية ما، أياً كان نوعها، كشخصية الممثل وقدرته على تجسيد "كركتر" معين أو على صعيد الرؤية البصرية للمخرج أو الفرجة، يقول الممثل "حسام جليلاتي": «في الأعمال التي تعتمد على المقولة الفكرية يكون دور الممثل سهلاً وصعباً في نفس الوقت لأن البطولة هنا لمقولة العمل، إلا أن هذا لا يعفي من دقة التعامل مع الشخصيات الحاملة لها لتكون في النهاية من لحم ودم، وإلا فكيف ستصل الفكرة إلى الجمهور؟».
أما الممثل "وئام اسماعيل" فيقول: «على طاولة واحدة اجتمعنا منذ البداية، ناقشنا الأفكار المطروحة وساهمنا في بعضها، ومن هنا تكون شراكة الممثل في مشروع كهذا، عدا المهمة التقليدية للممثل وهي إيصال الفكرة من خلال أدائه».
في النهاية تمنى جميع المشاركين في هذا العمل على الإعلام السوري استيعاب ما يحدث الآن من اختلاف في الآراء والاتجاهات والرؤى، والانتباه إلى أن تلـقـّي الناس للرسالة الإعلامية لم يعد كما كان سابقاً.
تأليف: "علي وجيه"، إخراج: "وسيم السيد"، تمثيل: "وئام اسماعيل" و"حسام جليلاتي"، مهندس الديكور: "سامر السيد"، مدير الإضاءة والتصوير: "ماهر الصحن"، تصوير: "محمد عرموش"، موسيقا: "شادي علي"، مونتاج: "كنان صيدناوي" و"زاهر الفضلي"، غرافيك: "كنان صيدناوي"، مدير الإنتاج: "وليد سلمان"، الإشراف العام: "بشار سلمان".