كنان العظمة: الوضع الموسيقي في سورية يعيش حالة فورة

الخميس 18 آذار 2010

تميز مُنذ الصغر بحسه المرهف وأدائه المتميز الذي استمر معه إلى أن أصبح يلقب ب"الآسر المتألق" كما قيل عنه في ”los angelos times” حيث عُرف عنه الإبداع الاحترافي ليس في "سورية" وحسب وإنما بأهم القاعات والمسارح العالمية.

eSyriaكان في لقاء مع "كنان العظمة" في آخر زيارة له إلى دمشق وكان الحوار التالي:

*خلال الفترة التي تعلمت بها العزف على "آلة الكلارينت" كنت من القلائل الذين عزفوا على هذه الآلة، من شجعك على ذلك، وكيف بدأت موسيقياً معها ؟

** والديّ هما أول من شجعاني ودفعاني إلى تعلم الآلات الموسيقية حيث كان التذوق الموسيقي بشكلٍ عام جزءاً أساسياً من تربيتنا اليومية، وحكايتي مع الموسيقا بدأت بعمر الخمسة سنوات، وبشكل ٍخاص مع آلة "الكلارينيت"الغير مألوفة آنذاك، وقد كنت قبلها أعزف على آلة "الكمان" لكني أحببت صوت "آلة الكلارينيت" فانتقلت لتعلم العزف عليها منذ ذلك الوقت وحتى الآن.

بالنسبة لدراستي الموسيقية فقد بدأت "بالمعهد العربي للموسيقا" على يد الأستاذ "شكري شوقي"، ثم درست على يد خُبراء من "روسيا"، بعدها تخرجت عام /1998/ من المعهد وبنفس الوقت من كلية "هندسة الكهرباء" اختصاص "الكترونيات". بعدها سافرت إلى أميركا لمتابعة الدراسة الموسيقية في "جامعة جوليارد" التي تٌعد من أعرق الجامعات عالمياً فحصلت على شهادة الماجستير منها، والآن أنا بصدد التحضير للدكتوراة بجامعة نيويورك فيما يتعلق "بالعلوم الموسيقية عامة" وضمنها أيضاً العزف على "الكلارينيت، والتأليف الموسيقي".

*هل واجهتك صعوبات بالسفر، والدراسة، والتعايش مع عالم جديد مختلف عن عالمك في "دمشق" ؟

**الصعوبات التي واجهتُها ليست صعوبات تتعلق بالعزف على الآلة، وإنما واجهت صعوبة باجراءات التقديم لدخول الجامعة فهي مختلفة كلياً عما يتم في جامعاتنا في "سورية" . أيضاً عشت صراعاً داخلياً بين ماتربيت عليه في وطني وماكنت أراه وأتعلمه هناك.

هنا لابد أن أتحدث عن مشاعر الغربة القاسية التي يعيشها أي شخص فينا عندما يضطر للسفر خارج مكانه الذي عاش فيه طفولته، وتربى فيه، لكني استطعت التعايش رغم كل الظروف وأنا حريص دائماً على العودة إلى "دمشق" باستمرار مرة كل شهر تقريباً، لأني لاأستطيع الانقطاع عن هذا التواصل أبداً.

*هل لك أن تُخبرنا عن الفرق الموسيقية التي قُمت بتأسيسها؟

** "حوار" أكثرهم شهرة فهي عبارة عن مجموعة من الموسيقيين المحترفين هم "عصام رافع- كنان العظمة- كنان أبوعفش- عمر نصفي- ديمة أورشو" نجتمع معاً بشكلٍ دائم ونحاول الكتابة والإرتجال والمزج بين الأنماط الغربية والعربية، فما يُميز "حوار" أن أعضاءها أصدقاء مقربين جداً، فالتعامل فيمابيننا مبني على الصداقة والإخلاص في العمل الموسيقي معاً، وكما ذكرت سابقاً أنا أعود إلى "دمشق" كثيراً وعند اجتماعي بأعضاء الفرقة للقيام بالتدريبات الموسيقية يتم خلالها النقاش الموسيقي الجماعي للوصول إلى النتيجة النهائية المرضية حيث أن القطع الموسيقية لاتصل لمرحلتها النهائية للتسجيل، إلابعد أن نكون قد قُمنا بالعديد من الحفلات الموسيقية التي صقلنا من خلالها المقطوعات ومهاراتنا بالشكل المطلوب، حيث أننا أصدرنا اسطوانتين للفرقة في "لبنان، سورية" وهناك اسطوانة ثالثة للفرقة ستصدر قريباً في اليابان. أما بالنسبة للمشروع الثاني "فرقة موسيقا الحجرة"هو مشروع أسسته بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية الذي يجمع موسيقيين محترفين على مستوى عالمي من عدة بلدان عربية هم عبارة عن خمسة أشخاص من سورية- مصر- تونس- لبنان والمشروع يهدف إلى جعل سورية على خارطة الموسيقا العالمية المعاصرة ونشرها في كافة بلدان العالم، ولتحقيق ذلك طلبنا من مؤلفين سوريين كتابة عدة قطع موسيقية خاصة لهذه المجموعة، والعام القادم سيكون هناك موسيقين مشاركين من "لبنان ومصر...." ومن عدة بلدان أخرى.

* هُناك العديد من اللحظات والمحطات الموسيقية التي تعنيك بشكلٍ خاص، هل لك أن تُحدثنا عنها؟

**من أهم المحطات الموسيقية بالنسبة لي انتقالي من آلة "الكمان" إلى "الكلارينت" لأن درس الكمان كان بغاية الصعوبة، أما المحطة الثانية عندما وافقت عائلتي على متابعتي للموسيقا، فهذا الأمر من النادر حصوله في "سورية" خاصةً أن الأمر تم منذ عشرة أعوام ماضية في فترة ٍ لم يكن يٌنظر إلى الموسيقا كمهنة محترمة، أما الآن أرى أن الأمر قد تغير، وأنا أُقدرلهم هذا التفهم الكبير لرغبتي حيث أنهم لم يعترضوا على ذلك وإنما قدموا لي المساعدة كثيراً.

المحطة الثالثة هي فوزي بمسابقة "روبنشتاين الدولية" في "روسيا" عام /1997/، فرغم صغر سني البالغ /21/ عاماً آنذاك ربحت المركز الأول في العالم الأمر الذي دفعني وشجعني أكثر على المتابعة موسيقياً.

المحطة الرابعة الهامة جداً بالنسبة لي موسيقياً عندما تم قبولي بجامعة "جوليارد" العالمية، لأن الفترة الزمنية بين فوزي بالمسابقة وقبولي بالجامعة مدتها تسعة أعوام، وقبولي بهذه الجامعة العريقة كان بمثابة شهادة اعتراف أنني تطورت بما يكفي موسيقياً، لأن شروط القبول فيها دقيقة جداً وبغاية الصعوبة.

*ماذا عن مشاريعك ؟

** أسست مؤخراً فرقة تُدعى "مجموعة كنان العظمة" التي من خلالها أُقدم أعمالي المؤلفة، وقدمت الفرقة حفلا مميزا بأوبرا "الباستيل" بباريس، وقد تمت دعوتنا لإحياء حفل موسيقي في "واشنطن" حيث سيتم عرض مشاريع "جلجامش" بعدة مدن أمريكية، وحالياً أنا بصدد تأليف موسيقي لعرض مسرحي في رومانيا يُدعى"العاصفة" للكاتب "شكسبير" سيتم عرضها قريباً، كما أنني بصدد اصدارأربعة أسطوانات موسيقية وهي"حوار" الذي سيصدر في اليابان- و CDمع عازف بيانو من سيرلانكا تم تسجيله بكندا- CDلفرقة موسيقا الحجرة الذي سيتضمن قطع موسيقية لمؤلفيين سوريين هم "زيد جبري- ضياء سكري – كريم رستم- شفيع بدر الدين"بالإضافة لـ CDخاص بأعمالي المؤلفة لآلة الكلارينت مع الكترونيك.

*بالنسبة لمجالك في التأليف الموسيقي، كيف تتكون لديك الخواطر والأفكارالموسيقية لتأليف عمل ما؟

**يتوقف ذلك على طبيعة العمل المطروح فإذا كان موسيقا لفيلم أو لمسرح أو لسينما فإني أسعى لفهم العمل من كافة الجوانب ومن ثم تبدأ الخواطر بالقدوم ، وإن لم يكن هناك عمل محدد فالخواطر تأتي باستمرار ، ولكن أصعب أمر في التأليف هو تتمة العمل الموسيقي المؤلف وجعله يحمل معنى ومضمونا موسيقيا جيدا بحيث يكون لكل قطعة موسيقية خصوصيتها التي تتميز بها عن الأخرى.

*بشكلٍ عام ماتقييمك للوضع الموسيقي في "سورية"؟

**بصراحة من الصعب تقييم الوضع بشكلٍ دقيق، لأنني أعود إلى دمشق مرة كل شهر، حيث أن تعاملي الموسيقي مع المعهد يتم بشكلٍ احترافي من خلال "الحفلات الموسيقية ، أو ورشات العمل"، وبشكل عام أنا أرى أن الوضع الموسيقي في سورية يعيش حالة فورة كمستوى ثقافي موسيقي، واذا لاحظنا قليلاً عدد الأسطوانات التي أصدرتها الفرق الموسيقية السورية منذ عشرة سنوات حتى الآن نجد أن هُناك زيادة ملحوظة جداً، وعدد الحفلات الموسيقة المُقامة مذهلٌ أيضاً، بالتأكيد لم نصل بعد للمرحلة المطلوبة وإنما هي خطوة كبيرة من المفترض أن لاتكون مجرد فورة ، وذلك عبر التكاملٍ بين "المؤسسات الأهلية، الدولة، الجمهور" لأن الموسيقيين وحدهم لايستطيعون خلق حياة موسيقية مستمرة بشكلٍ فعال بمعزلٍ عن الدولة وكذلك الأمر بالنسبة للدولة.

*لقد وصلت إلى الشهرة العالمية في سنٍ مُبكرة، إلى أين تطمح بعد ذلك؟

**بصراحةٍ تامة طموحي بسيط ومتواضع، وهو رغبتي باستمرارية تطوري الموسيقي والإستمتاع بما أُحب، والتأثير بقلوب الناس التي تسمعني وأن أبقى مشحوناً عاطفيا،ً أُعبر عما أُريده من خلال الموسيقى التي أعزفهافأنا انسان محظوظ لأنني عندما أستيقظ صباحاً أكون متوثباً للذهاب إلى عملي..كما أنني أتمنى في يومٍ من الأيام أن أقدم من خبرتي لهذا البلد الحبيب الذي أعطاني الكثير فهذا الأمر يعنيني جداً، وبالتأكيد سيكون ذلك بالعودة إلى "دمشق".