"مازن الفيل":التجربة تُذكي الإبداع
صهيب غازي
بين الجرأة والوضوح، إلى ذكاء التجريد وعمق المعنى، يشكّل الفنان الشاب "مازن الفيل" لوحاته دون أن يلزم نفسه بمدرسة فنية واحدة، بل يدع للّوحات اختيار الطريقة الأنسب لإيصال رسالتها.
الفنان السوري الأصل أقام معرضا خاصا في غاليري زمان بيروت في "لبنان" عام /2005/، واشترك عامي /2004-2006/ في معرض الشباب بدمشق، وشارك بالمعرض السنوي في خان أسعد باشا /2004-2005/.
eSyriaالتقى بالفنان بتاريخ 15/10/2011 وأجرى معه الحوار التالي:
*حدّثنا عن تجربتك الأبرز وهي معرضك الفردي ببيروت عام /2005/؟
**اعتمدت بهذا المعرض على الخط العريض والخلفية الحمراء التي ليس فيها درجات، وصار اللون الأحمر "يؤطّر" الرماديات، وجعلته أساسيا مثل خلفية جامدة وكان كجدار؛ والحركة تركّزت في الرمادي والأبيض والأسوَد.. هنا جعلت اللون الأسود لتخفيف الكثافة الصادرة من الأبيض والأحمر، وفي الحقيقة لقد اعتمدت بهذا المعرض على الفكرة الواضحة بشكل أساسي، ولاحظت من الزوار أنهم كانوا أمام خيارين إما أن يحبوا الأعمال المقدّمة أو يكرهونها فليس هناك حل وسط، وكان ذلك من أهم الميزات التي قدمتها عبر هذا المعرض.
في الحقيقة أنا أستخدم مواد كثيرة وأقوم بتحويل أي مادة لتكون عنصرا أساسيا في لوحتي، فأعتبر كفنّان أن المادة محرّض لمزيد من العمل في اللوحة وهي تذكر المتلقي بالرسالة التي أود توجيهها له.
*هل شكّلتَ خصوصيتك الفنية لدى المتلقي وكيف ذلك؟
**أعتقد أني نجحت بذلك منذ ستة سنوات في معرض بيروت، فقد شكّل اللون الأحمر حينها صدمة لمن يريد الدخول إليه، وقد إحتاج هذا الموضوع جرأة وإصرارا كبيرين وكنت واضحا فيما أريد ايصاله، وأنا ما أزال أجرّب إلى اليوم كي أصنع هذه الخصوصية التي تتكلم عنها، وسأعتمد في مجموعتي الجديدة على اللون والمساحات اللونية الواسعة، وسأكتسب خصوصية جديدة عبرها فهي تتجه نحو التعبيرية والتجريد ..
*كيف ترى حركة الفن التشكيلي في سورية مع مقارنتها بالخارج؟
**في سورية لم يدخل الفنانون كثيرا في التركيب والفنون التي تعتمد على الفكرة أكتر من الأدوات، فمثلا في لبنان دخلوا كثيرا بهذه الأمور وأضاعوا بعض خصوصيتهم فيها؛ فقد استوردوا مدارس جاهزة قد لا تتوافق مع المجتمع، فكيف بك اذا كان ذلك المجتمع يعاني من بعض الضياع في هذا المجال، وباختصار الناس عندنا ليست معتادة على الفن التركيبي.
*هناك مدة زمنية كبيرة في مشاركاتك الأخيرة، هل الفنان بحاجة لذلك دائما؟
**أعتقد أن على الفنّان المحافظة على عملية "التجربة" بشكل دؤوب حتى يصل إلى نتيجة، وعندما يصل إلى اللوحة الفنية التي يرضى عنها يكون قد أنهى فترة الخمول التي تعتريه، وهذه حالة صحية ستتيح للفنان أن يشكّل مايشبه ردّة فعل عن لوحاته السابقة، فما قدّمته الفترة الماضية بألوان رمادية غامقة سيرتد بشكل معاكس بألوان متنوعة، وطبعا يعود ذلك بشكل أساسي إلى شخصية الفنان، فهو يرسم تبعا للواقع أو عوامل اخرى، أما أنا فأبدأ بأربعة أعمال معا، ولا أبدأ بعمل واحد أبدا، ذلك أني بشهر واحد قد أكون بأكثر من حالة، وأشبّهها بأنك من المستحيل أن تستمع لأغنية واحدة مئتي مرة ولعدة ساعات، إذا لا بد من العمل بأكثر من لوحة ويمكن العودة لها عندما تعود "حالتها"، وعندما ترجع لها قد تتفاجأ بأن اللوحة مكتملة أو ينقصها بعض الرتوش، لأنك عندما تعود لها تراها بشكل صحيح أكثر وتكتشف فيها مواطن الضعف.
*كفنان شاب بماذا تلخص العقبات التي اعترضتك أو تعترض الجيل الجديد؟
**أعتقد أن قلة الدعم الرسمي للفن التشكيلي مقارنة بالسنوات السابقة هو المشكلة الأساسية، وأيضا هناك مشكلة في كلية الفنون الجميلة حيث أنها "تتراجع" عاما بعد عام وعلى جميع الأصعدة، حتى أن "الكافيتيريا" التي كانت تجمّعا معروفا للفنانين التشكيليين لمساعدتهم على التواصل والنهوض دائما تم إلغاءها ما يؤثر سلبا وبشكل مباشر على الحركة الفنية، كما أعتقد أن هناك حالة استقطاب كبيرة من ناحية خروج الفنانين إلى الدول الأخرى أو تفضيل الأكاديميين للتدريس في الجامعات الخاصة لأنها أفضل من الناحية المادية.
*مالجديد القادم لك؟
**في هذا العام لدي مشاركتين، أما العام القادم سأقوم بالتأكيد بإقامة معرض فردي، وسأكون عندها تخرّجت من الماجستير، وأحضّر لمجموعة جديدة من الأعمال بعد /120/ عمل فني حتى اليوم، وجميعها تم اقتناؤه.
يذكر أن الفنان "مازن الفيل" من مواليد مدينة "طرطوس" /1981/ وهو خريج كلية الفنون الجميلة /2004/، حائز على ديبلوم دراسات عليا في التصوير الزيت من كلية الفنون الجميلة /2007/، وهو محاضر في كلية الفنون الجميلة قسم التصوير الزيتي وعضو في إتحاد الفنانين السوريين.