"مهند قطيش" مخرج سينمائي في "شوية قلب"
خاض الفنان "مهند قطيش" تجربته السينمائية الأولى من خلال الفيلم القصير"شوية قلب"، الذي كتب له السيناريو والحوار، وأخرجه وأنتجه. والفيلم مبني على قصة عادية جداً ومألوفة، لكن "مهند قطيش" جعل منها حالة إبداعية استثنائية، من خلال توظيفه لمجمل الحالة الفنية.
المفكرة الثقافية التقته وعن هذه التجربة كان الحوار الذي كانت بدايته بالسؤال عن عنوان الفيلم "شوية قلب" الذي كان لافتاً.
** أثناء التصوير لم يكن هناك اسم للفيلم، أذكر أن الكهرباء قطعت، وكنت جالساً مع الأستاذ "سلوم حداد" في الفيلا التي كنا نصور بها، كان هناك شاب صغير (ابن الناطور)، كان يزعجنا، كنا نخرجه ويعود للدخول، فجاء الأستاذ سلوم وسأله عن اسمه فأجابه عن اسمه باللغة الكردية، وعندما سأله عن معناه بالعربية قال له: (شوية قلب)، فقلت للأستاذ "سلوم" أن عنوان الفيلم جاء إلينا، وأسميناه "شوية قلب".
* ما الذي يمكن أن يتسع له "شوية قلب"؟
** في "شوية قلب" يتسع للكثير، فالحب لا يملأ كل القلب، وحين نكتفي بـ"شوية قلب" يستكثروه علينا ويأخذوه منا، فكما كتب "نضال قوشحة"، هو دعوة للحب، حتى إذا أحببنا بهذه (الشوية) المتبقية في قلبنا، فهناك الكثير من الأمور التي تأتي لتمنعنا من الحب بها، وهذا هو التوجه العام للفيلم.
* يلاحظ في كثير من الأدوار التي لعبتها في "السينما، التلفزيون، المسرح" نزوع نحو الأدوار الرومنسية.وهذا ما حاولت أن تدفع به في تجربتك الأولى سينمائياً.
** الحالة الرومانسية قريبة من أي شخص حساس في الحياة، في التلفزيون إذا كانت الأدوار ذاهبة باتجاه الرومانسية فهو ليس خياراً، ولا يوجد أي ممثل يمكن أن يقول أن خياره هو بهذا الاتجاه، إلا في حالات متقدمة من النجومية، الفنان يقبل أو لا يقبل ما يُعرض عليه، وليست قصة اختيار، فرصة الممثل بأن يقول: نعم أو لا، اتجاه ما يقدم، وليس لديه خيار أو اتجاه بين مجموعة من الأدوار، لكن للنجوم وضع خاص وعددهم قليل، فهم من يطالب بتعديل الدور أو الشخصية، المخرجون عادة من يختارون الدور للفنان من خلال مراقبهم لحياته العادية، إن كان جيداً في الرومانسية يختارون له دوراً رومانسياً، إن كان جيداً في الكوميديا يضعونه في الكوميديا، هذه معادلة التلفاز، أما في السينما فالمعادلة تختلف تماماً.
* في فيلمك "شوية قلب" لعب الفنان "سلوم حداد" دور الأب المستبد المتكئ بجبروته على السلطة السياسية، وهذه الشخصية أصبحت نمطية في جملة أدواره.. ألا تشعر أنك وقعت في فخ التنميط في هذا الخيار؟
** صحيح.. هو قريب من كثير من الخيارات السابقة له، رغم أن الدور مرسوم له تماماً، مع محاولتنا الإبتعاد قليلاً عن أدواره الشبيهة في البداية، سبق وعرضت الدور على ممثلين من نجوم البلد قبله، لأن الأستاذ "سلوم" كان خارج سورية، وكلاهما أبديا تحفظات اتجاه التجربة، إما لأسباب انشغالية أو لأسباب أجهلها، لكن الأستاذ "سلوم" كان متحمّساً لهذه التجربة جداً وتبناها وعمل فيها بدون أي مقابل.
* كيف اخترت شخصيات الفيلم كمخرج وهي تجربتك الأولى؟
** أي عمل يحتاج لأن يقدم له مقومات النجاح، خياري باتجاه الأستاذ "سلوم" لأنه بالنهاية قامة فنية كبيرة في البلد، وثانياً الشخصيات الأخرى ذهبت باتجاه ما يناسب النص، مثلاً "مجد فضة" أعرفه لأول مرة، "جرجس جبارة" أعرفه منذ زمن، وقدمه الفيلم بشكل مختلف تماماً عن النمطية التي يعمل بها، ذهب باتجاه مدير تصوير وإضاءة محترف جداً له علاقة بالسينما، والموسيقا الأستاذ "طارق الناصر"، أعدت المونتاج مرتين حتى يتجه باتجاه المونتاج السينمائي أكثر منه باتجاه التلفزيوني، طبيعة مواقع التصوير ظهرت في الفيلم بطريقة مختلفة وخاصة، كثير ممن شاهدوا الفيلم سألوا عن الأماكن، مع أننا يمكن أن نكون قد مررنا منه عدة مرات، ولكنه صور بطريقة مختلفة.
* بصراحة من مميزات هذا العمل تكلفته المادية المتواضعة.. كيف استطعت أن تحقق هذه المعادلة الإنتاجية؟
** كوني أريد الصرف على الفيلم (وأنا غير منتج)، لذا فقد كنت بحاجة لمساعدة الآخرين، فأنا لا أستطيع أن أعطي أجوراً للممثلين والفنيين، فكان خياري عرض العمل على الشخص المعني بالعمل معي وفق هذا الخيار، فكانت هناك الموافقات، من "طارق الناصر" ، و" عبد الإله العواملة" والممثلين، جميعهم لم يأخذ مالاً.
* برأيك ما الدافع لهذا الموقف منهم؟
** هناك سببين، الأول شخصي على صعيد الأشخاص الذين عملوا بلا مال، والثانية على صعيد التجربة، الأشخاص الذين عملوا معي، كان لديهم إيمان قبل أن يروا النتائج، أنني يمكن أن أقوم بشيء جيد، فكانوا يريدون الخوض معي بهذه التجربة، فإيمانهم بالتجربة وإيمانهم بي، وشيء شخصي له علاقة بشهامتهم، تكامل الأمران، فقد كانوا على مستوى التجربة بشكل ملفت جداً، وكان هناك حب لهذه التجربة. فالأستاذ "سلوم" عندما عرضت عليه النص فوراً قال لي: أنا معك، فقلت له: ربما لا يعجبك النص؟ فقال: أنا سلفاً قبل أن أقرأ النص مؤمن بأنك تفكر بسوية عالية، وبعدما قرأ النص كان لديه بعض الملاحظات على السيناريو، جلسنا أكثر من جلسة ووصلنا إلى صيغة مشتركة، ثم حشدنا أمورنا، وكنت أتمنى أن آخذ أيام تصوير أكثر للفيلم، لكن ذلك كان مكلفاً جداًً، فقد وصلت تكلفة الفيلم (دون أجور) لحدود 740 ألف ليرة سورية، ذهبت على المعدات وبعض أجور الفنيين وأجور المونتاج.
* هل تظن أن الكلفة العالية كان يمكن أن تساهم أكثر في رفع السوية الإبداعية للفيلم؟
** بالنسبة للأرقام، لا يكفي وجود ميزانية عالية لتقديم عمل مهم، المسألة تكمن بكيفية توظيف هذه الميزانية، وكيفية إيصال الصور المرسومة بالخيال، وترجمتها ضمن الإمكانيات الموجودة، لا يشترط وجود ميزانية عالية لتقديم عمل مهم، نحن نستطيع بميزانية معقولة عمل فيلم مهم، هناك أشخاص يعملون أفلاماً بكاميرات عادية، الغلبة لمخيلة وإبداع الفنان أكثر من القضايا الإنتاجية على أهميتها.
* أخيراً كيف يمكنك أن تصف "مهند قطيش" (الممثل- المخرج) بعد هذه التجربة؟
** كممثل أنا شخص ضمن هذه المنظومة، ولكن الفرق أن يكون لدي القدرة على الانتقال من أمام الكاميرا إلى خلفها، فمن وجودي أمام الكاميرا أستطيع أن أعرف كيف يكون شكل العمل الفني، وعندما أنتقل إلى خلف الكاميرا تكون لدي معرفة سابقة بأداء الممثل والنص وتحليله، الشيء الوحيد الذي أفتقده هو تكنيك عمل الكاميرا، هذا التكنيك بحاجة إلى تدريب، لا يأتي فقط بالثقافة، فهو بحاجة إلى تدريب وممارسة، أنا مهيأ فكرياً وثقافياً للعملية، ولكن الدخول بشكل عملي يحتاج إلى منظومة من المعرفة، فالإخراج علم كالرياضيات، وفيه المعادلة 1 + 1 = 2 ويجب على المخرج معرفة هذه المعادلة.
بطاقة فيلم "شوية قلب":
تأليف وإخراج: "مهند قطيش"
تمثيل: "سلوم حداد، كندة حنا، مجد فضة، جرجس جبارة".
مدير التصوير والإضاءة: "عبد الإله العواملة".
التأليف والتوزيع الموسيقي: "طارق الناصر".
مشرف العمليات الفنية: "رؤوف ظاظا".
مونتاج: "خالد حلمي".
مكساج: "مامر أباظة".
الصوت: "نديم اسماعيل".
الغرافيك: "وائل قزنج".
الاستشارة الدرامية: "شادي دويعر".
الإشراف الفني: "أكرم الحلبي".
ديكور: "أسامة دويعر".
مدير الإنتاج: "خالد الحجلة".
مساعد إخراج: "رشا شاهين".
تنفيذ إضاءة: "معاوية حاج علي، فايز عبد الله" .
مساعدا الإضاءة: "عماد مطر، علاء طعمة".
فني كرين وشاريو: "عماد عبد الله" .
مساعد كرين وشاريو: "حسام حجلي" .
مساعد التصوير: "فهد واوية" .
منفذا الإنتاج: "تيسير جبوري، أحمد الزين" .
مساعد الإنتاج: "زياد شيخ الجبل" .
خدمات إنتاجية: "حسن صعب، أجود الحجلي".
مؤثرات مائية: "شكر الرحبي" .