شحادة الخوري
"شحادة الخوري".. الأديب المبدع في الترجمة والكتابة والتدريس
سمروعر
الثلاثاء 03 كانون الثاني 2012
الكتابة عنده ليست ترفاً أو سبيلاً للرزق بل هي نشاط ذهني فاعل غايته الرقي بالإنسان، وهو المعتز دائما بلغته العربية وتراثها الغني .
إنه الأديب السوري "شحادة الخوري" أول رئيس لإتحاد المترجمين العرب، والذي تقول عنه زوجته السيدة "نهى عرموني": «هو أستاذي في مدرسة الآسية لمادة اللغة العربية في المرحلة الإعدادية، كان مدرساً ناجحاً تميز بحث طلابه على العمل، هو زوج مميز تابع دراسته وجعلني أكمل دراستي بعد الزواج، ورجل مخلص مهذب لا يكذب، تعامله مع الآخرين رائع وكل من يتعرف عليه يحبه، دائما يقولون لي "زوجك كنز احرصي عليه"، هو أب رائع يحب العلم والثقافة واللغة العربية هوايته الوحيدة القراءة» .
"eSyria" زار الأديب "شحادة الخوري" في منزله الكائن في حي المزة بتاريخ "6/12/2011" وعاد معنا بذاكرته الطيبة إلى يوم ولادته حيث قال: «في ليلة عاصفة تهب فيها رياح عاتية ويكسو الثلج المساكن والأرض بثوب أبيض ناصع والبرد القارص على أشده كانت ولادتي في صيدنايا -هذا ما قالته والدتي "بربارة سارة الصفدي"- وقد كتب والدي "أغابيوس الكاهن" لطائفة الروم الأرثوذكس بالبلدة بقلم الرصاص على هامش صفحة من إنجيل كان يقرأ فيه ولد شحادة في "18 تشرين الثاني 1922 بالحساب الشرقي، وهو ما يوافق الأول من كانون الأول 1922",ولكنه سجلني بدائرة النفوس من مواليد 1924 دون ذكر الشهر وتاريخ اليوم، وقد سماني "شحادة" لأن ولداً ذكراً ولد قبلي وتوفي وليدا فكنت بعده "مشحوذا"من البارئ الواهب .
كنت رابع أبناء أسرتي التي ضمت خمسة ذكور وبنتين نعيش مع الأهل في دارنا التي تتألف من خمس غرف في وداعة وطمأنينة، وقد حكت لي والدتي أن بنيتي الجسدية كانت ضعيفة في صغري، وكان الشتاء يرهقنا ببرده وثلجه ومطره فنلوذ بالموقدة والمنقل طلبا للدفء، وأما في ليالي الصيف كنا ننام على سطح المنزل ونستمتع بمشاهدة القمر والنجوم وسماع أصوات الطيور التي لا تنقطع» .
* ماذا عن مراحل دراستك؟
** التحقت بالمدرسة الإبتدائية عام 1931 وكان عندنا معلمان هما "إليان ديراني" من دمشق و"عبد الحميد الحبش" من حماه، وبعد إنهائي الصف الرابع عام 1935 أخذني والدي إلى دمشق ودخلت مدرسة الآسية في دمشق.
استمرت دراستي سبع سنوات متتالية، وكنت دائما الأول في الصف، حصلت على الشهادتين الثانويتين السورية والفرنسية القسم الأول عام 1942، والقسم الثاني فلسفة من ثانوية جودت الهاشمي ونجحت عام 1944، وأذكر من أساتذتي في مدرسة الآسية الذين كان لهم أثرا في تكويني الفكري والثقافي الأستاذ "ميشيل
فرح" الذي درسني الأدب العربي ولم أقتبس منه دروسا في العربية وآدابها فقط؛ بل أعطاني دروسا في الخلق الرفيع والمسلك القويم، وأتذكر من الأساتذة بجودت الهاشمي "جمال الفرا, نعيم الرفاعي".
درست الحقوق بعناية واجتهاد ونجحت ونلت الشهادة الجامعية -"الليسانس"- عام 1947, وبعد سنوات سبع قضيتها في تدريس اللغة العربية وآدابها وجدت ضرورة للانتساب إلى قسم اللغة العربية للاستزادة من معرفة العربية وعلومها، وكم كنت أجد متعة في تحضير الدروس .
* حدثنا عن نشاطاتك الأدبية والثقافية؟
** خلال فترة دراستي أصدرت مع أحد رفاقي كتابا بعنوان "حول المرأة" هذا الكتاب كان بتلك الفترة حدثا لأننا توجهنا فيه لفتح جميع الأبواب للمرأة للتعلم والعمل كونها تشكل نصف المجتمع .
درست بمدينة حلب عام 1948 بعد أن نجحت بمسابقة وزارة التربية، كما كان لي العديد من الأنشطة منها المحاضرات والمشاركة في الندوات الأدبية والفكرية .
بعد كتابي "في الميدان" الذي جمعت به ثلاثة بحوث تتابعت أعمالي بالنشر في جريدة "النصر، ألف باء، الأيام، ومجلة النقاد وغيرها.." ثم انتقلت لمرحلة أخرى أكتب جلسات مطولة جمعتها عام 1955 في كتاب بعنوان "مستقبلنا"
* كان لك نشاطات أدبية مشتركة ماذا عنها؟
** في الحقيقة الفترة 1950-1955 جرى فيها أمران الأول أنني وزميلي الأديب الراحل "إليان ديراني" أردنا ترجمة كتاب أعجبنا حيث كان يتقن مثلي الفرنسية وعكفنا على هذا العمل حتى صدوره بجزئين وحمل عنوان "الحرس الفتي" وقد أبلغتنا دار النشر أنه قد بيع "4000" نسخة خلال شهر وسبب ذلك أنه يتحدث عن مقاومة العدوان ونحن ضحية العدوان لذلك نؤيد الحق والتمتع بالاستقلال والحرية وهذا ما شدنا لترجمة الكتاب .
والأمر الثاني أن عددا من الأدباء في دمشق ومدناً أخرى تلاقوا بأهدافهم فأنشؤوا "رابطة الكتاب السوريين" منهم "حنا مينة, شوقي بغدادي, محمد حريري, صلاح دهنة وغيرهم.."، وقد قامت الرابطة بدور فعال بمساندة المقاومة التي تبديها سورية ضد الأحلاف في الخمسينات، استمرت الرابطة تسع سنوات حيث حلت أيام الوحدة وتفرق أعضاؤها ثم انضموا جميعا لإتحاد الكتاب العرب عند نشوئه عام 1969.
* ماذا تحمل ذاكرتك من فترة وجودك بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وأهم ما أنجزته؟
** نقلت لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في "30 نيسان 1960" وعينت رئيسا لدائرة التسجيل التعاوني، ثم مديرا معاونا للتعاون، ثم مديرا معاونا في مديرية
إنعاش الريف، ثم مديرا لإنعاش الريف في الإدارة المركزية بالوزارة، وبقيت في هذا العمل ثلاث سنوات وكنت لجانب ذلك أدرس اللغة العربية في معهد الحرية خارج أوقات الدوام الرسمي.
* كنت خبيرا بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ماذا عن ذلك؟
** تم اختياري خبيراً لوحدة الترجمة بإدارة الثقافة في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية بتونس في منتصف 1981، وصرفت اهتمامي لشؤون الترجمة المختلفة تنسيقا وتخطيطا وقد قمت بتحرير وإعداد "دليل المترجمين ومؤسسات الترجمة والنشر في الوطن العربي"عام 1978 إضافة لتحرير وإعداد كتاب "دراسات عن واقع الترجمة في الوطن العربي" بقسميه الأول والثاني، كما أسهمت في مراجعة وتقديم "المعجم العربي الأساسي" الصادر عام 1989.
بذلت جهدي لإحداث "المعهد العربي العالي للترجمة" والمركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر الذي افتتح بدمشق 1990 وقد أصدر للآن "110" كتابا ضخما ومازال المعهد يؤدي مهامه للآن، كما شاركت خلال عملي في المنظمة بالعديد من المؤتمرات والندوات والاجتماعات الفكرية والثقافية واللغوية .
* وجودك في المنظمة العربية للتربية والثقافة كان له أثرا على حياتك ماهو؟
** كان عملي في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم منعطفا مهما في حياتي الفكرية واختياري "الشأن الثقافي واللغوي" في التعريب والترجمة والمصطلح محورا لنشاطاتي الأدبية المتواصلة وقد انتهى عملي في المنظمة 1988.
* أهم نشاطاتك بعد إنهاء عملك بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم؟
** عدت لدمشق حيث عملت على إتمام بعض الدراسات التي كنت قد بدأتها سابقا وإعداد دراسات أخرى، ألقيت العديد منها في المراكز الثقافية ونشرت بعضها في المجلات والصحف السورية والعربية.
بين الفترة 1990-2002 أصدرت عدة كتب "دراسات في الترجمة والتعريب والمصطلح بثلاثة أجزاء، القدس في مواجهة الخطر، تعريب الطب والصيدلة، تسميات الأيام والأشهر والأرقام.
* أنت عضوا في مجمع اللغة العربية ماذا عن نشاطاتك ودور المجمع؟
** انتخبت عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق 2002 وأنا أحضر جلسات المجلس وأشارك بعمل خمس لجان فيه وأحضر المؤتمرات السنوية التي يقيمها وأنشر بحوثا لغوية وثقافية في المجلة التي يصدرها .
* كونكم أول رئيس لإتحاد المترجمين العرب ماذا عن تأسيس الإتحاد ونشاطاته؟
** نظمت المنظمة العربية للترجمة مؤتمرا ببيروت عام 2002 ضم ثمانين باحثا من البلاد العربية وتمت دعوتي إليه، وفيه تم إلقاء عدد من المحاضرات ساهمت يبعضها، وفي
نهاية المؤتمر تم اقتراح إنشاء إتحاد مترجمين عرب يضم جمعيات وطنية لكل قطر لجانب أفراد ينتسبون إليه وفي نهاية الاجتماع تم انتخابي رئيسا للإتحاد الذي كان من نشاطاته تنفيذ عدد من الندوات.
* برأيك ما أهمية الترجمة في حياة الفرد؟
** الترجمة كانت وما زالت أمرا ملازما للتواصل الإنساني ،هي وسيلة التخاطب والتفاهم مشافهة أو كتابة بين جماعة تتكلم بلغة وجماعة تتكلم لغة أخرى ،وللترجمة شروط وهي نقل الأفكار ولكنها مشروطة بالأمانة للمعنى ولذلك على المترجم أن يتقن اللغة إتقانا تاما إضافة لإتقانه اللغة العربية .
* ماهي آخر كتاباتك؟
** أحاول كتابة مذكرات حياتي ومحطات فيها.
* برأيكم ما أهمية التكريم في حياة الإنسان؟
** أنا لم أطلب أي تكريم ولا أرى ضرورة لذلك، تم تكريمي من قبل إتحاد الكتاب العرب والجمعية الكونية السورية والحركة الثقافية انطلياس لبنان وغيرها .
* ماذا عن أهمية الكتاب في حياتك؟
** هو غذاء لا تقل أهميته عن الطعام.