عز الدين القسام: ابن مدينة وقصة كفاح
أيهم صقر
ولد "عز الدين القسام" في مدينة "جبلة" السورية الساحلية، والأرجح أن ولادته كانت في سنة 1882.
والده هو "عبد القادر مصطفى القسام" من المشتغلين بالتصوف وعلوم الشريعة، نشأ في بيت علم وتقى، وقد رُبى وتعلم في زاوية الإمام "الغزالي" وعمل في مدرسة (كُتاب) درّس فيها أبناء مدينة "جبلة" أصول القراءة وحفظ القرآن، ثم اشتغل لفترة مستنطقاً في المحكمة الشرعية.
سافر الشيخ المجاهد "عز الدين القسام" للأزهر طلباً للعلم وهناك كان يحضر دروس الشيخ "محمد عبده" واستمرت دراسته هناك عشرة سنوات.
عاد الشيخ "عز الدين القسام" إلى سورية عام 1906 بعد أن نال الشهادة الأهلية وأخذ يدرس العلوم الأدبية والقراءة والكتابة وحفظ القرآن.
جهاده:
في 27 أيلول 1918 أعلن "جمال باشا" انسحاب الدولة العثمانية جيشاً وحكومة من سورية وفي مطلع تشرين الأول 1918 دخلت جيوش الحلفاء "دمشق".
في العام 1919 تألفت الفرق الثورية في سورية بعد قيام فرنسا بتقسيم المنطقة إلى عدة أقسام، وكانت الفرق الثورية تعمل تحت قيادات متباينة
دور الشيخ "عز الدين القسام" في الثورة:
خلال الحرب العالمية الأولى " 1914 _ 1918 " أخذ "القسام" يعطي الدروس التحريضية تمهيداً لإعلان الثورة، وعندما نادي المنادي للجهاد وكان "القسام" أول من لبى وأجاب، فانضم إلى ثوار "عمر البيطار" في قرية "شير القاق" من "جبال صهيون"، وانتظم في عداد رجالها فاندلاع الثورة في "جبال صهيون" كان من نتائج دعاياته وفي هذه المنطقة قاوم "القسام" أشد مقاومة وكان أول من رفع راية المقاومة لفرنسا وأول من حمل السلاح في وجهها كما كان في طليعة المجاهدين واستمر هو وإخوانه حوالي سنة في مقارعة الفرنسيين "1919-1920 ".
محاولة الفرنسيين إقناع "القسام" بترك الثورة:
لقد نجح الاحتلال الفرنسي في جر "صبحي بركات" إلى شباكهم، وحاولوا إقناع الشيخ "عز الدين القسام" بترك الثورة والرجوع إلى بيته، فأرسل الاحتلال إليه زوج خالته فوعده باسم السلطة أن توليه القضاء وأن تجزل له العطاء في حال موافقته على الرجوع والتخلي عن جهاده فرفض الشيخ "القسام" العرض وعاد رسول الفرنسيين من حيث أتى .
الحكم عليه بالإعدام هو ورفاقه :
ونتيجة لإصراره على خط الجهاد حكم عليه الديوان العرفي الفرنسي في "اللاذقية" وعلى مجموعة من اتباعه بالإعدام، فلم يزده ذلك إلا مضاء وإقداما، وطارده الفرنسيون فقصد "دمشق" وفي العام 1920 غادر "القسام" "دمشق" بعد أن احتلها الفرنسيون قاصداً فلسطين ليبدأ في تأسيس حركته الجهادية ضد البريطانيين والصهيونيين.
الشيخ "القسام" في فلسطين:
بعد أن قدم الشيخ "القسام" إلى "حيفا" بدأ في الأعداد النفسي للثورة، معتمداً اختيار الكيفية دون الكمية، ولقد استجوبته السلطات البريطانية لعدة مرات، ولما كان له شعبية كبيرة كانت الحكومة تتجنب اعتقاله، استغل الشيخ "القسام" ثورة "البراق" وأخذ يدعو في خطبه إلى التصدي لكل من الإنجليز والصهيونية الحاقدة.
تأسيس جمعية الشبان المسلمين ونشاط "القسام" فيها:
أسس الشيخ "القسام" هو وصديقه "رشيد الحاج إبراهيم" رئيس فرع البنك العربي في المدينة فرع لجمعية الشبان المسلمين. وكان ذلك في شهر أيار من عام 1928م.
وكان الشيخ "القسام" يزور القرى المجاورة والمدن ويدعو فيها للجهاد وفي ذلك كان يختار العناصر الطليعية للتنظيم وبدأت عصبة القسام السرية تنسج خيوطها الأساسية في عام 1925م ولكن العصبة لم تبدأ عملها الجهادى إلا بعد العام 1929 م .
خطبة "القسام" الأخيرة في "حيفا":
وقف للمرة الأخيرة خطيباً في جامع الاستقلال في "حيفا" وبعد ساعة من إلقاء الخطبة أخذت السلطة تفتش عنه للقبض عليه ومحاكمته ولكنه كان قد ودع أهله وعشيرته، وحمل بندقيته وذهب وصحبه إلى الجبال، ويذكر أن سيارة كانت تنتظره خارج المسجد ولم يشاهد مرة أخرى "بحيفا" بعد ركوبه فيها .
حادثة الاستشهاد:
غادر الشيخ "القسام" مع مجموعة من المجاهدين "حيفا" متجهاً إلى "يعبد"، وكان يتعقبهم مجموعة من عملاء البريطانيين إلى أن عرفوا مكان استقرار الشيخ ورفاقه، فحاصرهم البوليس الإنجليزي يوم 20/11/1935م وكان يقدر عدد أفراد البوليس بـ 150 فرداً من الشرطة العرب والإنجليز وحلق القائد البريطاني فوق موقع الشيخ ورفاقه في أحراش "يعبد" في طائرته وعندها عرف "القسام" أن البوليس قادم لا محالة… عندها أعطى لأتباعه أمرين
• المقاومة حتى الشهادة
• عدم إطلاق النار بأي شكل من الأشكال على أفراد الشرطة العرب، بل إطلاق النار باتجاه الإنجليز.
وكان الضباط الإنجليز قد وضعوا البوليس العربي في ثلاثة مواقع أمامية ولم يكن هؤلاء عارفين بحقيقة الجهة التي أُحضروا إليها وحقيقة الجماعة التي يطاردونها.
اتخذت المعركة بين الطرفين شكل عراك متنقل، وساعدت كثافة الأشجار على تنقل أفراد الجماعة من موقع إلى آخر واستمرت حتى الساعة العاشرة صباحاً، وكان من الفعالين في القتال، ورغم المقاومة الباسلة التي أبداها هو ورفاقه، فقد كانت نتيجة المعركة استشهاده واثنين من رفاقه.