نظير زيتون
كنان متري
"نظير عيسى زيتون" (1896 ـ 1967) أديب سوري مهجري عصامي، وصحفي حر الرأي، وخطيب مفوّه، وناقد وباحث عميق الغور، ومناضل قومي بقلمه ولسانه، وأحد أمراء النثر الفني في القرن العشرين. ولد في حمص، وتلقى تعليمه في المدرسة الروسية والكلية الأرثوذكسية، ونهل من ينابيع اللغة العربية وأدبها، ثم انتقل إلى المدرسة الإنجيلية الوطنية وفيها درس اللغات الإنكليزية والتركية وشيئًا من الفرنسية.
ولِد في مدينة حمص سنة 1900، تلقى علومه الابتدائية بمدارسها متفوقاً بين التلامذة بذكائه الساطع وفطرته الخلاَّبة، ثم انتقل إلى الكلية الأرثوذكسية فالكلية الإنجيلية حيث درس اللغة العربية والإنجليزية وشيئًا من الفرنسية، وتلقى دروسًا في الخطابة، وكان ليوسف شاهين أثر كبير في تثقيفه.
هاجر إلى سان باولو –البرازيل- حين بلوغه السابعة عشرة من عمره، وامتهن التجارة فيها، لكنَّ ميوله الأدبية جرفتْه إلى هيكلها الثقافي، فتعاطاها بكل قواه بعد مكوثه فترةً وجيزة في مدينة (بيلوتاس) من أعمال محافظة ريوغراندي ديل سول راجعاً إلى مدينة سان باولو التي يتواجد فيها الكثير من الحمصيين المهاجرين، وعمل في تحرير جريدة (فتى لبنان) طيلة خمس عشرة سنةً. وفي هذه الفترة ظهرت مواهبه الأدبية الواسعة ناشراً مقالات أدبية ووطنية، وأصبح خطيب النادي الحمصي في سان باولو آنذاك في جميع حفلاته العائلية، كما أنه كان عضواً فعَّالاً في العصبة الأندلسية.
كان الأدب عنده فوق كل شيء، رجع إلى الوطن في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، واستقبلته مدينته الأم حمص خير استقبال من خلال عدد من الشخصياتٍ الرسمية والأدبية، كما نشرتْ كثيرٌ من الصحف خبرَ وصوله وأخذ محرروها يتوافدون للترحيب بقدومه رغبة منهم في نشر مقالاته الأدبية الثمينة فيها.
كانت رسائله بدعاً في الرسائل لأنّه كان يحرص على استعمال السجع في صفحات طوال، فإذا وقعت الرسالة في عشر صفحات، لم يزد عدد السجعات فيها على اثنتين أو ثلاث. ومن المواقف الطريفة مع رسائل نظيرزيتونأنّه بعث برسالة مسجوعة إلى صديقه الأديب العراقي جعفرالخليليصاحب جريدة "الهاتف" ختمها بقوله: "ألا إنّ الودّ ودّك، والنبل شهدك، والعهد عهدك، والخير قصدك، والعلى وردك، والعبير وَردك، والوفاء مجدك".. وعندما تسلّم الخليليهذه الرسالة، رغب في أن يُشرك فيها أصدقاءه في داره التي كان يطلق عليها اسم "دار التعارف" في بغداد.
شارك في تأسيس العصبة الأندلسية وفي تحرير مجلتها (1932) وهو عام تأسيس العصبة، وأسهم في تأسيس مجمع الثقافة العربية في البرازيل، كما كان عضوًا في المجمع العلمي العربي في دمشق، وفي المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون بدمشق، وعضوًا مراسلاً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، وقد عاد إلى وطنه (1950).
الإنتاج الشعري:
- له قصائد نشرت في مصادر دراسته، ومنها: «تاريخ حمص»، و«نظير زيتون الإنسان»، بالإضافة إلى ما نشر في صحف عصره، منها: يوم الجلاء - جريدة حمص العدد (2248) - أول من مايو 1998.
الأعمال الأخرى:
- له عدد من المؤلفات، منها: «ذنوب الآباء» (رواية اجتماعية)، «رسالة في استقلال البرازيل والإمبراطورية الأولى» - أطروحة تاريخية، «سقوط الإمبراطورية الروسية»، «الشعلة» وهي (مجموعة خطب ألقاها في البرازيل مصدرة بمقدمة تاريخية أدبية)، «فقيد اللغة العربية والصحافة المهجرية القومية الشيخ رشيد عطية»، «هيرودوس الكبير» (دراسة لعصر المسيح)، «يسوع المصلوب»، «روسية في موكب التاريخ» (يقع في جزأين في نحو 800 صفحة)، وله عدد من الكتيبات، منها: «رشيد عطية:حرف عربي من لبنان في المهجر»، «الشهيدان: الزهراوي وسلوم»، «في ذروة الوطنية والإنسانية»، «انهيار إمبراطورية وولادة أمة» وله بعض المؤلفات (المخطوطة)، منها: «أحاديث مع المغتربين في العالم الجديد»، «عناصر الأدب العربي في البرازيل»، «الشاعر القروي في سباته وسجعاته».
له عدد من المترجمات، منها: «النبي الأبيض» للروائي الإنجليزي هول كابن، «مركيزة سنطوس» للمؤرخ البرازيلي باولو سيتو بال،« الراهب سرجيوس» لتولستوي، «أيرلندة المناضلة»، «فلسطين العربية»، «اعتراف ابن الشعب» لمكسيم جوركي.
عبرت تجربته عن توجه وطني وقومي، انشغل بمتابعة حركات التحرر، فاشتهرت قصيدته «يوم الجلاء» التي عدت سيمفونية شعرية تغنى بها أبناء وطنه، وقد تجلّت في قصائده ثقافته العربية، وعنايته باللغة وغرامه بالسجع فلقب أميرًا للسجع، قال عنه عباس محمود العقاد «إن زيتون ثروة لا تقدر، وكنز لا يوصف، إنه بيت مال اللغة.
منحته حكومة بلاده وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى (1950)، وحكومة لبنان وسام الأرز من درجة فارس لدفاعه عن استقلال لبنان، ووسام المعارف المذهب من الدرجة الأولى، ومن حكومة البرازيل وسام "روى برموزا".
أقيم حفل تأبين لوفاته في حضور وزير الثقافة والسياحة والإرشاد القومي في سورية ولفيف من أدباء وطنه ومفكريه (1967).
بقي نظير زيتون في بلده إلى أن وافته المنية في 23 تموز سنة 1967 بين أهله ومواطنيه وفي أرض آبائه وأجداده.
يُعد من عمالقة الأدب في حياته ومماته، وكان بحق مفخرةً من مفاخرنا الأدبية في حمص وسورية بشكل عام.