«من جديد يعود "السمسم" لينبت في ديارنا!!»، هذا رأي سمعناه في تلك القرية التي تدعى "الحردانة" وهي التي تسكن على حافة الصحراء، مبتعدة عن "سلمية" مسافة /22 كم/ وسمعنا آخر يقول: «فيما مضى كنا نزرع "السمسم" كسياج حول حقول "القطن"، لأن الأغنام لا تأكله»، وهذا من شأنه أن يحمي محصول القطن من الاغتيال الغنمي، والماعزي.
موقع eSyria حضر اليوم الحقلي الذي أقامه "برنامج التنمية الريفية" في "مؤسسة الآغا خان" (إحدى وكالات شبكة الآغا خان للتنمية) حول زراعة "السمسم" باستخدام الري بالتنقيط. وللوقوف عند أهمية هذا اليوم وما سيقدم للمزارعين من زراعات بديلة تتناسب والوضع المائي القائم في المنطقة، التقينا السيد "محمد أحمد جبر" من أهالي قرية "الحردانة" وهو صاحب الحقل، الذي تحدث عن الخطوات التي تمت فيها زراعة "السمسم" في حقله، فقال: «عرض عليّ برنامج التنمية الريفية في مؤسسة "الآغا خان" أن أقوم بزراعة "السمسم" وقدم لي الأستاذ المهندس "نصر عيد" معلومات كافية عن جدوى زراعته بالتنقيط، وبالفعل وافقت على اقتراح البرنامج وكان أن قمنا بتخصيص /2300 متر مربع/ لزراعتها بالسمسم، مع الانتباه إلى أن الزراعة تمت بطريقتين، الأولى زراعة بدون فلاحة الأرض (حراثتها) والثانية بأرض تمت فلاحتها، وكذلك طرق السقاية، فمنها ما تمت سقايته بالتنقيط ومقداره /2000 متر مربع/ والباقي سُقيَ بالطريقة التقليدية (السرح) ولمساحة /300 متر مربع/».
كل هذا من شأنه أن يعزز فرصة نجاح هذه الزراعة، كما وتساهم في رفع سوية الدخل للمزارع، وسد حاجة السوق المحلية من هذه المادة التي تدخل في كثير من الصناعات الغذائية، خاصة الحلويات
وعن خطوات المتابعة لهذا الحقل، قال: «عند بداية زرع "السمسم" كنت أقوم بسقاية الحقل بمعدل نصف ساعة كل يومين، ومتى ظهرت الأزهار ارتفع معدل السقاية إلى /ساعة كل يومين/ أيضاً. في حين كنت أسقي المساحة المخصصة للري التقليدي بمعدل سقاية واحدة كل خمسة أيام وأحياناً كل أسبوع مرة واحدة».
وعن الفائدة من زراعته وهل سيكون بديلاً لزراعات أخرى، قال: «إثر انخفاض منسوب المياه في مناطقنا، تحول الفلاحون إلى زراعة الخضراوات، وخاصة "البطيخ" في موسم الصيف، ولكن مع تجربتي هذه مع زراعة "السمسم" تبين لي بالدليل القاطع كم هو موفر للاستهلاك المائي، وقد تبين أيضاً أن كمية المياه التي يحتاجها الدونم الواحد من البطيخ في كل سقاية، يمكن أن تسقي /4 دونمات/ من "السمسم"».
والتقينا الأستاذ المهندس "علي الزين" مدير برنامج التنمية الريفية في مؤسسة "الآغا خان"، والذي تحدث عن هذا اليوم الحقلي في قرية "الحردانة" والهدف من خلق مثل هذه الزراعات التي من شأنها أن تساعد على إيجاد دخل اقتصادي بديل بحسب المعطيات المتوفرة من ناحية الري، وتابع يقول: «يأتي هذا اليوم ضمن فعاليات وأنشطة برنامج التنمية الريفية التي تهدف إلى التشجيع على الزراعات البديلة للخضار الصيفي، بحيث تكون ذات مردود اقتصادي عالٍ واحتياج مائي قليل، فيما مضى كانت زراعة "السمسم" منتشرة في هذه المناطق، ولكن ليس كزراعة رئيسية، ولكن اليوم تراجعت زراعته، وبتنا نستورد آلاف الأطنان».
وأضاف قائلاً: «كل هذا من شأنه أن يعزز فرصة نجاح هذه الزراعة، كما وتساهم في رفع سوية الدخل للمزارع، وسد حاجة السوق المحلية من هذه المادة التي تدخل في كثير من الصناعات الغذائية، خاصة الحلويات».
أما الأستاذ المهندس "نصر عيد" فأكد على نجاح هذه التجربة في قرية "الحردانة" وشكر السيد صاحب الحقل لتعاونه الجيد، وتابع يقول: «بالنسبة لزراعة السمسم فإنها تعتبر الزراعة البديلة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية، وقديماً كانت الصين من أولى الدول المصدرة له، ولكنها اليوم أصبحت مستوردة، وأمامنا فرص متاحة كي نتقدم في هذه الزراعة بسبب إيجاد الطرق السليمة لزراعته، ومقتضى توفر المياه في هذه المنطقة».
وعن الصعوبات التي قد يتأفف منها المزارع قال: «بعد سنوات طويلة من الاعتماد على الزراعات البعلية بات الفلاح يخشى الزراعات التي تتطلب جهداً إضافياًً، وتكمن الصعوبة في حصاده، ولكن هناك أنواعاً محسنة من السمسم يمكن حصدها بالحاصدة الآلية، وهذا النوع غير متوفر عندنا، ولكننا سنسعى لتوفيره».
من الناحية المادية وماذا يمكن أن يجني الفلاح في موسم واحد من السمسم قال: «معدل إنتاج الدونم الواحد من السمسم قد يصل إلى /200 كغ/، وسعر الكيلو غرام يتراوح بين الـ /60 إلى 100 ليرة سورية/ وبحساب ما قد يعطيه حقل العم "أبو جاسم" ما مقداره /50 ألف ليرة سورية/، ولو نظرنا لكلفة الدونم الواحد فإنها تصل إلى /2000 ليرة سورية فقط/، ولكم أن تقيسوا الفارق، وتقرروا مدى فائدة زراعة السمسم من الناحية الاقتصادية».
يذكر أن برنامج التنمية الريفية التابع لمؤسسة "الآغا خان" يشارك في عدد من المبادرات بغية خلق فرص اقتصادية جديدة لأبناء الريف السوري بهدف تحسين معيشتهم واستخدام مصادر المياه على نحو أكثر كفاءة، وذلك من خلال منتجات جديدة لم يتم الاعتماد عليها في السابق، والأمثلة كثيرة على ذلك كزراعة "الفطر" وإحياء زراعة المحاصيل المهمشة مثل "الزيتون"، و"الفستق الحلبي".
وأخيراً هل يفتح مزارعونا باب المغارة ليخرجوا منه كنز "علي بابا"، السر في العبارة، والعبارة قد أطلقت في "قرية "الحردانة" فهل نقول مجدداً "افتح يا سمسم"... إننا نسمع صرير باب المغارة.