قدّم الشاعران "عبّاس حيروقة" و"محمّد حيّان الأخرس" مجموعة من القصائد الشعرية والنصوص الحداثوية في أمسية للشعر المعاصر كان النادي العربي الفلسطيني قد دعا إليها مساء يوم الأحد السابع عشر من شهر كانون الثاني 2009.

الشاعر "عباس حيروقة" قدّم ثلاثة قصائد اتسمت بالحداثة وكانت جميعها تعتمد على التفعيلة من خلال رسم الصورة للمعاناة والألم الداخلي الذي تمرُّ به فلسطين ويمرُّ به العراق، وكان موفقاً في ذلك.

قيل للجمال أين نجدك قال في قلوب العاشقين، وهكذا كان شعراؤنا اليوم

وعن هذه المشاركة قال "عبّاس" لموقع eSyria: «شاركت بثلاثة قصائد تنتمي إلى التفعيلة وتنقسم إلى ثلاث اتجاهات، الأول يلمس به المنحى الصوفي في علاقة الذات الشاعرة من الجسد الأنثى وتحويله إلى حالة مقدس، وسبق وأن تم تناول هذا الموضوع على يد عدد من الشعراء المتصوفة مثل "الحلّاج" و"ابن عربي" و"السهروردي"، الاتجاه الثاني يحمل الهم العام الذي يشغل الضغوطات على جميع الأصعدة الحياتية، أما الثالث فهو الجانب الذاتي من خلال نصّ تأملي بالذات التائهة بين المقدس والمعاش، من حيث العلاقة مع المعاش والآخر».

الشاعر "عباس حيروقة"

ومما قدمه الشاعر "عبّاس حيروقة" في قصيدته "غنّي.. لتلك الأم":

بحرٌ ونافذتان../ قهوة من تحنُّ/ لخبزها/ نايٌ يرتّلُ للخروج/ وراء نافذة يطيّرها/ المغنّي كي/ تعلّقها القصيدة/شارةً للعائدين/ بلا حقائب../ سائلين الدار عنّّا/ والطريق/ "سرحانُ" يرسمنا/ كأيامٍ حزيناتٍ/ كأحلامٍ/ تضيقْ.

جانب من الحضور

أما الشاعر "محمّد حيّان الأخرس" فقدّم مجموعة قصائد ونصوص نثرية مختلفة المواضيع، وكان جريئاً في اتكائه على الرموز الجنسية عبر إعطائها دلالات أخرى أكثر عمقاً واتجاهاً نحو الداخل الإنساني.

الشاعر "محمد حيّان الأخرس" قال: «قدمت قصائد متنوعة، حاولت فيها التركيز على العامل الداخلي في التعامل مع الواقعة، وكان مرتكزي فيها الصورة، وأتمنى أن أكون قد وفقت في ذلك

الشاعر "محمود علي السعيد"

وأعتقد أن الأمسية حققت غايتها كون من أتى إليها أتاها ليستمع، مما شكل لديّ رهبة في الإلقاء بداية الأمر، أتمنى أن تتكرر مثل هذه الأمسيات، وأشكر النادي الفلسطيني على هذه الفعالية والتي إن دلت فإنما تدل على النية الجيدة في تقديم الأفضل والحضور الجميل لهذا النادي ثقافياً واجتماعاً».

وجاء مما ألقاه الشاعر "محمّد حيّان الأخرس":

انتظرناك من أول الوردة حتى نعشها/ لففنا الترقب على أعناقنا/ فاستطالت قامة الغيّاب حتى آخر الغيّاب../ يا وجهنا الأجمل/ يا خبزنا اليومي/ يا أيها المحتل لكهوف ما تبقى من النبض فينا/ فرشنا موائد الكلام بالقصائد/ التي/ لم نقلها/ سيّجنا مجيئك بالكروم/ فتدفق الخمر من كل فجٍّ عميق.../ كانت نحلة الدار توزع الشهد على جاراتها/ سبحانها/ تجلّت على جرحنا عسلاً من طيب المديح/ وراحت عصفورة الحيّ/ تمشّط آثار أقدامك التي لم تأتِ/ تفتّق بمنقارها برعم الكلام .....

النقد كان حاضراً:

الشاعر والناقد "محمد ملا غزيّل" قال: «العمل الأدبي هو التعبير الجميل عن الشعور الصادق كما يقول "العقّاد"، ولعلّها المرّة الخامسة التي أستمع فيها للشاعر "عبّاس حيروقة" والذي كان عند حسن ظني في الارتقاء والتقدم شكلاً ومضموناً، مفرداته وأسلوبه كانا في حالة تنامي». وأضاف "غزيل": «في المقابل نرى أن الشاعر "محمد حيّان" استلهم رموز التاريخ بطريقة جيّدة موفقة، وعندما أشار إلى القرآن لم يكن سلبياً»

وختم "غزيّل": «قيل للجمال أين نجدك قال في قلوب العاشقين، وهكذا كان شعراؤنا اليوم».

الشاعر والناقد "فواز حجو" قال: «بالنسبة للشاعر "عباس حيروقة" أشير إلى أنه كان يكتب قصيدة النثر على مراحل وفي عدة مجموعات نشرها، الآن استخدم التفعيلة وهي محاولة موفقة أكثر مما كانت متعثرة، في قصائده الثلاث ثلاث مواقف، الأول ينصرف إلى واقع العراق، أما الثاني فينصرف إلى واقع الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو ما أريد الحديث عنه، حيث أن الشعر الحديث عادة ما ينأى عن ملامسة الواقع خشية الوقوع في المباشرة والتسجيلية، والشاعر الذي يمتلك الأدوات الفنية بإمكانه أن يلامس الواقع دون أن يكون مباشراً أو خطابياً أو دونما أن يقع بما وصمت به القصيدة العمودية، ومن يكتب قصيدة النثر ومن ثم ينتقل إلى قصيدة التفعيلة، يقتضي تغير في الحساسية والرؤيا الشعرية والتغير في بنية القصيدة، وقد لحظ عبّاس هذه النقلة ولم يبق رازحاً تحت الشكل الذي انتقل منه».

وأضاف "حجو": «الشاعر "حيّان" لديه كم من الشعرية، ونوّع بين النثر والتفعيلة في القصيدة الأخيرة، حيث أحسست أنه أقرب إلى القلب في نص التفعيلة ولامس نفسي فيه، من خلال دفء وحميمة وصدق مع الذات، في حين أن النصوص الأولى اجتاحت خيالنا أكثر، هناك لغة ناجحة ولغة موفقة أذكر على سبيل المثال قوله "يا أخضر اللفتات"، في حين أني وجدت بعض اللوحات لتي اشتغل فيها على التجريب وبعض الأحيان كانت تركيبية، نصوص فيها ما فيها من الحمولة الفنية ولي عليها بعض التحفظات».

وقال الشاعر "عباس حيروقة": «عودنا النادي العربي الفلسطيني في كلّ عام على استضافة عدد من الأدباء المميزين من مختلف المحافظات الذين يحملون الحداثة النصية والتفعيلة الحيوية في بنية القصيدة، وهنا أود أن أنوه إلى مسألة أتمنى من القائمين على المنابر الثقافية الحموية أن يحذو حذو ما تقيمه المنابر الثقافية في "حلب" من تفعيل للنشاط واستضافة عدد من الأدباء الذين يضيفون الحيوية للنص والإبداع، ولكن ما نجده في "حماة" هي حالة قبول لما هو عليه، "حماة" تعاني من قلة المنابر التي تعمل على تفعيل ذاتها من خلال العامل الذاتي، لذلك ننظر دائماً بحزن إلى الشاهد الثقافي فيها، لأن عدم بلورة الأصوات الجميلة الموجودة من خلال نادي أو جمعية يضيعها، وآمل أن تتم الإفادة من تجارب المحافظات الأخرى في هذا المجال».

الشاعر "محمود علي السعيد" رئيس اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين "لجنة حلب" ورئيس اللجنة الثقافية في النادي العربي الفلسطيني في "حلب" قال: «حملت النشاطات السابقة عنوان القدس عاصمة الثقافة العربية، وسيحمل هذا العام عنوان القدس عاصمة الثقافة العربية الأبدية».

النادي العربي الفلسطيني قد تأسس في عام 1965 وهو نادي ثقافي اجتماعي يقوم بمجموعة من الأنشطة الثقافية والفكرية والاجتماعية.