لم يستند فقط على كفاءته وتمكنه من مادة الرياضيات، بل تمكن المدرس "باسم عرابي" بفضل علاقته مع طلابه الذين يعتبرهم أصدقاء، من تحقيق قصب السبق، حيث وضع اسمه على قائمة المدرِّسين البارزين لمادة "الرياضيات" على مستوى مدينة "حمص"، بفضل أسلوبه التعليمي الممَّيز ومقدراته العلمية، إضافة للمحبة التي اكتسبها من طلبته وزملائه أيضاً.

كسر الحاجز

لا شك أن معلومات المدرِّس لها الدور الأساس في عملية تجهيز الطالب وتقويته، إنَّما عملية اكتشاف تلك المعلومات تقع على عاتق الطالب، حينها تصبح العلاقة بينهم أقرب إلى الاعتياد وتتطور تدريجياً إلى درجة الارتياح والمحبة ولاحقاً تتشكَّل علاقة الصداقة بينهم، وهذا بالضبط جوهر العلاقة بين المدرس "عرابي" وبين طلبته.

لن أبالغ إن قلت بأنَّ تميُّزي وتفوقي تحديداً في مادة "الرياضيات" طوال سنوات دراستي منذ الابتدائية وحتى حصولي على الشهادة الجامعية سنة 2006، كانا بدافعٍ واجتهادٍ شخصيين مع خالص الاحترام والتقدير، لجميع المعلمين، والمدرِّسين الذين درسوني

يستهل المدرس حديثه للمدونة بالقول: «قد يشعر الطالب بخوف مدرِّسه عليه وحرصه على التخفيف من مستوى الضغوطات النفسية التي تمُّر عليه، فتتعزز العلاقة وتنمو إلى الدرجة التي ذكرتها سابقاً، ولشخصية المدرِّس دورٌ كبير في تحقيق ذلك من خلال مقدرته على كسر حالة الجمود وشعور الرهبة التي تمتلك الطالب تجاهه، وهذا بالتحديد ما أعمل عليه مع طلبتي أثناء الحصص المدرسية، من خلال إضفاء المرح بينهم، والحديث عن أمورٍ خارج نطاق "الرياضيات" كالرياضة والفنِّ وأمورٍ حياتية أخرى، وبهذا كلِّه أتمكَّن من كسب ودِّ الطلبة وجعل المادة محبَّبةً بالنسبة لهم».

مع الاستاذين فرج الله ديب وشقيقه سامر

إنجاز كبير

كمٌ كبيرٌ من طلبة المدرِّس "باسم عرابي" على مدار سنوات العقد الأخير هم من حملة الشهادات الجامعية العليا ومن دارسيها الحاليين وغيرها. يضيف "عرابي": «أفتخر بذلك الكمِّ الكبير وبالتفوُّق والنجاح اللذين حققه معظم طلبتي الخريجين السابقين، وطلاَّب الجامعة حالياً، ومن المعلوم بأنَّ مادة "الرياضيات" من المواد العلمية المصيرية للطالب لذا يقع على عاتقي كمدرِّس أن أُوصل إليه شعور الأمان منها، من خلال تعزيز قدراتهم وتبديد مخاوفهم بالتركيز على نقاط التقصير وتدعيمها، فالمدرِّس ليس ملقِّناً للمادة بل عليه واجب تدعيم العامل النفسي للطالب، فالمهم أن يكون الطالب متفائلاً كي أستطيع إيصال المعلومة له بسهولة».

قدوة

مع طالبه السابق الدكتور ماريو بطرس

تأثَّر "باسم عرابي" أثناء مراحل الدراسة، بالعديد من شخصيات المدرِّسين الذي مروا عليه حيث يقول: «لن أبالغ إن قلت بأنَّ تميُّزي وتفوقي تحديداً في مادة "الرياضيات" طوال سنوات دراستي منذ الابتدائية وحتى حصولي على الشهادة الجامعية سنة 2006، كانا بدافعٍ واجتهادٍ شخصيين مع خالص الاحترام والتقدير، لجميع المعلمين، والمدرِّسين الذين درسوني». ويضيف: «التأثر الوحيد كان بالأسلوب التدريسي لدى بعضهم، وأذكر الأستاذ "سرور العبد الله" مدرِّس مادتي "العلوم" و"الكيمياء" في ثانوية الشهيد "عبد الحميد الزهراوي" حيث كان له ولمساعيه الفضل الأكبر في دخولي مجال التعليم لاحقاً، وأثناء دراستي الجامعية تأثَّرت كثيراً بشخصيتي أُستاذيَّ الدكتور "هيثم فرح" والدكتور "رامز شيخ فتوح"، حيث اِقتبست من أسلوبهما الشيء الكثير، والذي طبقته خلال مسيرتي اللاحقة كمدرِّس».

شغف الرياضيات

وعن حكاية حبه لمادة الرياضيات يقول المدرس "عرابي": «بدأت قبل أن التحق بمدرسة "القدس" الابتدائية الواقعة في حيِّ "بستان الديوان"، ولم يصدِّق الكثيرون تلك الحكاية حتى معلمتي وقتها "ماري صافتلي" حينما أخبرتها بـأنني متقنٌ لجدول الضرب كاملاً لكلِّ الأعداد من دون مساعدةٍ أحدٍ لي، وكلُّ ذلك حصل من باب الفضول وذاتياً من خلال دفاتر أشقائي الأكبر سنَّاً مني، حيث استهوتني رسومات جداول الضرب التي كانت تطبع في حينها على أغلفة الدفاتر المدرسية الخلفية، هذا التعلُّق والشغف بمادة "الرياضيات" ازداد مع كلِّ سنةٍ دراسية لاحقة؛ ما جعل اختيار الاختصاص بها أمراً طبيعياً رغم حصولي على معدل جيد لذا تفوَّقت في دراستي، وكانت علاماتي تامَّةً في كل الامتحانات من دون مبالغةٍ حتى أنني حصلت لأربع مرات على معدل 100/100 في الكلية، ونتيجة لكلِّ هذا الشغف والتفوُّق حصدت المرتبة الثانية على مستوى الجامعات السورية الأربع حين التخرُّج».

بوابة النجاح

يتحدث "باسم عرابي" عن مرحلة الحياة العملية بعد التخرُّج يقول: «بحُكم التفوُّق الذي ذكرته سابقاً، تمَّ تعيينيً في كليتي "الهندسة البتروكيميائية" و"الهندسة المدنية" بصفة "مدرِّس قائم بالأعمال"، إلى جانب ذلك كنت متابعاً لدراساتي العليا لنيل شهادة "الماجستير"، ولكن الأحداث المؤسفة التي اندلعت في مدينة "حمص" سنة 2011 أوقفت ذلك الأمر، وتوقَّف حلمي الأكبر بنيل شهادة "الدكتوراه" من إحدى الجامعات العالمية المعروفة».

بدوره مدير مؤسسة "الأمل" التعليمية الأستاذ "فرج الله ديب" يقول: «واكبت مسيرته شخصياً، عرفته طالباً طموحاً، عاشقاً لمادة "الرياضيات" ويقدِّس العلم والمعلمين، وقد تابعته أثناء دراسته الجامعية ورأيته وفيَّاً لمعلميه، لقد برز منذ البداية تفوُّقه ليتدرَّج في صفوف المدرسة جامعاً بين محبَّة طلبته وزملائه، وتقدير الإدارة له ولعمله، واستطاع المدرِّس "باسم عرابي" كسب محبَّة الآخرين له».

زميله في مؤسسة "الأمل التعليمية" المدرِّس "محمد خير خطاب" يقول: إن الأستاذ "باسم عرابي" أثبت جدارته خلال فترة وجيزةٍ، وحقق شعبية واسعة النطاق على مستوى معلمي ومدرِّسي مدينة "حمص"، هذا الأمر نراه في أعداد الطلبة الذين يواظبون على حضور الحصص التدريسية التي تقيمها المدرسة قبل الامتحانات العامة النهائية والذين وصل عددهم إلى 800 طالب».

علاقة راسخة

بعيداً، عن الشقِّ الخاص به كمدرِّس يبرز جانب آخر من شخصيته، كونه يعد نفسه صديقاً لطلاب ويتعامل معهم على هذا الأساس، وفي هذا السياق يقول الدكتور "ماريو بطرس" أحد طلبته السابقين: «ما زلت أذكر المرة الأولى التي عرفته فيها مدرِّساً لمادة "الرياضيات"، كنت في الصف الثاني الإعدادي يومها، ولم أكن من محبِّيها، وبفضل أُسلوبه الممَّيز استطاع تحويلها لمادةٍ محببة لديَّ، ولغالبية الطلاب الذين درَّسهم، علاقتي معه لم تنقطع، وهذا يؤكِّد عمق ورسوخ العلاقة التي بناها معنا، فالصدى الإيجابي الذي يشكِّله اسم المدرِّس "باسم عرابي" في كلِّ الأمكنة وقت ذكره يدُّل على الأثر الذي تركه في حياة كلِّ طلبته كصديقٍ وأخٍ لهم».

بدوره يذكر "سليم سرحان ابراهيم" الطالب الجامعي الذي يتحضَّر للتخرُّج قريباً من كلية "الهندسة المعمارية" قصَّته مع المدرِّس "باسم عرابي" والأثر الإيجابي الذي تركه فيه وبمستقبله العلمي لاحقاً فيقول: «أسعفني الحظُّ بأنني كنت أحد طلابه الحاضرين معه في دورات المتابعة، بالتوازي مع أيام العام الدراسي بغية تقوية معلوماتهم، وتعزيز قدراتهم، وتبديد مخاوفهم، وهذا ما نجح به الأستاذ "باسم عرابي" من خلال الأسلوب الفريد الذي كان يوصل به المعلومة إلينا، ، فقد استطاع بأن يكون قريباً منَّا في فكره ومعاملته. لذا كان الشخص الأول الذي أخبرته بنتيجة نجاحي وتفوُّقي في مادة "الرياضيات" وحصولي وقتها على درجة 59/60.

المدرِّس "باسم عرابي" من مواليد مدينة "حمص" سنة 1984.