في مثل هذه الأيام من كل عام تقوم النسوة الريفيات في منطقة "عفرين" بإعداد مادة "الزبيب" وحفظه كمؤونة ليتم تناوله خلال فصل الشتاء.

موقع eAleppo التقى السيدة "مولودة سيدو" 67 سنة من قرية "خالطان شرقي" في منطقة "عفرين" وسألها عن طريقة إعداد مادة "الزبيب" فقالت: «"الزبيب" من أشهر وأقدم أنواع الحلويات التقليدية في منطقة "عفرين" وقد تعلمت طريقة إعداده من والدتي قبل نحو 50 عاماً، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا أقوم بإعداد "الزبيب" لأفراد أسرتي وبشكل سنوي.

للزبيب والمأكولات التي يدخل في إعدادها ميزات عديدة ومن أهمها أنها طبيعية 100% وتمنح الجسم القوة والطاقة والعافية وبما أنها كانت الغذاء الرئيسي للناس قديماً فإنهم كانوا يتمتعون بصحة وعافية وبعمر طويل ولذا أنصح أبناء الجيل الحالي العودة إلى هذه المأكولات الطبيعية لما لها من فوائد صحية وغذائية

لإعداد "الزبيب" تُستعمل حبات العنب الناضجة أي تلك التي تمتاز بشدة حلاوتها والوقت المناسب لذلك هو كما يُعرف اجتماعياً بأواخر موسم العنب حينها نقوم بقطف عناقيد العنب وجلبها إلى المنزل ومن ثم نقوم بنزع الحبات عن العناقيد وتنظيفها من الأوراق والقش وإبعاد الحبات التالفة والتي أصابها التدوّد ومن ثم غسلها جيداً.

قطف العنب

بعد ذلك نقوم بتحضير "الصفية" التي سننقع الحبات فيها لاحقاً، "الصفيّة" حالياً هي عبارة عن مسحوق أبيض اللون يتم شراؤه من الدكاكين واسمه محلياً "سودة" تُستعمل أيضاً في تبييض الملابس وغليها، أما "الصفية" قديماً فقد كنا نحضّرها من الطبيعة وهي عبارة عن منقوع رماد الخشب وأفضل أنواع الخشب هو فروع شجيرات الكرمة الطرية وذلك بوضعها في الماء وتركها تغلي جيداً ومن ثم ترك ذلك الماء لفترة حتى يُصفّى ويترسب، والمعروف لدينا بأنه كلما كان الخشب المستخدم في صنع "الصفية" طرياً كانت "الصفية" أفضل».

وأضافت: «بعد الانتهاء من إعداد "الصفية" وتجهيزها نضع فيها قليلاً من زيت الزيتون ومن ثم نقوم بوضع حبات العنب فيها وإخراجها مباشرةً ولبضعة ثوان فقط ونشر الحبات تحت الشمس على "المشتاغه" /محلياً/ وهي عبارة عن أرض يتم تمهيدها وتسويتها مع تغطيتها بالقش وتركها لبضعة أيام حتى تزول عنها معظم رطوبتها حيث يتم وضعها في أكياس قماشية خاصة لتُحفظ حتى فصل الشتاء.

إعداد الصفية

بالنسبة للمشتاغة فإنها تُحضّر إذا أرادت المرأة الريفية أن تنشر حبات العنب وتعد "الزبيب" في الحقل أما حالياً فيتم نشر الحبات تحت الشمس على أسطح الدور السكنية بوضعها على صوان معدنية».

وحول أهمية "الصفية" في عملية إعداد "الزبيب" وضرورتها قالت السيدة "مولودة": «للصفية دور أساسي في إعداد "الزبيب" ولها في هذا المجال وظيفتان رئيسيتان هي: أولاً "الصفية" تساعد حبات الزبيب في الحفاظ على طراوتها رغم تعرضها لأشعة الشمس لبضعة أيام فنشر الحبات تحت الشمس دون وضعها في "الصفية" سيؤدي إلى جفاف الحبات تماماً واكتسابها للقساوة وبالتالي لا يستطيع الشخص تناولها، والوظيفة الثانية هي أنّ وضع الحبات في "الصفية" يخلصها من بيوض الفراشات إن وجدت لأنّ هذه البيوض ستتحول إلى يرقانات خلال فترة حفظ الزبيب فيفسده».

تجفيف الحبات تحت الشمس

وحول المأكولات التي يستعمل "الزبيب" في إعدادها قالت السيدة "حميدة إبراهيم" من قرية "جقاللي جوم"– "عفرين": «طبعاً "الزبيب" من الحلويات التقليدية الشهيرة في ريف منطقة "عفرين" حيث يتم تناوله خلال سهرات ليالي فصل الشتاء الطويلة إلى جانب التين اليابس والسمسم.

وهناك بعض المأكولات التي يُستعمل "الزبيب" في إعدادها ومن أشهرها: "تَعك" /محلياً/ وتُصنع من حبات العنب التي استوت ونضجت وجفت تحت الشمس حيث توضع تلك الحبات في الدن الجلدي مع وضع الماء إليها وتركها لفترة حتى تتحول إلى مأكول لذيذ، وهناك "الخوشاف" /محلياً/ ويتم إعدادها باستعمال الحبات الناعمة للزبيب وهي حبات لا تحتوي على بذور وذلك بوضعها في الماء الساخن فينتج عنه شراب لذيذ».

وختمت السيدة "حميدة" حديثها: «للزبيب والمأكولات التي يدخل في إعدادها ميزات عديدة ومن أهمها أنها طبيعية 100% وتمنح الجسم القوة والطاقة والعافية وبما أنها كانت الغذاء الرئيسي للناس قديماً فإنهم كانوا يتمتعون بصحة وعافية وبعمر طويل ولذا أنصح أبناء الجيل الحالي العودة إلى هذه المأكولات الطبيعية لما لها من فوائد صحية وغذائية».