تشتهر مدينة "حلب" بأنها من أغنى المدن العربية والإسلامية من حيث عدد جوامعها ومساجدها والتي تعود إلى مختلف العهود الإسلامية وهي ما تزال إلى اليوم محافظة على البصمة العمرانية لكل عصر، ومن هذه الجوامع القديمة في "حلب" "الجامع العمري" الذي يعود بتاريخه إلى الفترة المملوكية في المدينة.

حول هذا الجامع ورد في كتاب / نهر الذهب في تاريخ "حلب"/ لمؤلفه الشيخ "كامل الغزي" 1853 -1933 ما يلي: «"الجامع العمري" جامع قديم فسيح ونير ومعمور بالصلوات ومحله قرب "سراي رجب باشا" في رأس السوق على يسرة الداخل اليه من جهة "البندرة" وله أوقاف تقوم بكفايته إلا انها داخلة في محاسبة الاوقاف، وفي شمالي صحنه مدفن واسع فيه عدة قبور منها قبر الشيخ "حسن المغربي" يعتقده أهل المحلة، كما ذُكر أن فيه رجل اسمه الشيخ "سوار" يعتقده أهل المحلة اعتقاداً عظيماً».

يقع "الجامع العمري" إلى الشمال من "دوار السبع بحرات" في أقصى الطرف الشرقي لما تبقى من "حي بحسيتا" وذلك بعد أن تم هدمه ضمن مشروع "باب الفرج" وهو جامع يعود بتاريخه إلى الفترة المملوكية في مدينة "حلب"، بني الجامع في القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي أي في العهد المملوكي كما قلت

أما الباحث الأثري "عبد الله حجار" فيتحدث عن الجامع بالقول: «يقع "الجامع العمري" إلى الشمال من "دوار السبع بحرات" في أقصى الطرف الشرقي لما تبقى من "حي بحسيتا" وذلك بعد أن تم هدمه ضمن مشروع "باب الفرج" وهو جامع يعود بتاريخه إلى الفترة المملوكية في مدينة "حلب"، بني الجامع في القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي أي في العهد المملوكي كما قلت».

المدفن في الجامه

وعن سبب تسميته بالجامع العمري يضيف "حجار" قائلاً: «يُقال عن الجامع /أي جامع كان/ عمرياً عندما يضم في مخططه العمراني مأوى للاقامة فيه على غرار الاديرة في الكنائس وكلمة /عمرو/ باللغة السريانية تعني الدير، وبالنسبة لهذا الجامع فليس له علاقة بالخليفة "عمر بن الخطاب"، وقد وضحت هذا الأمر للناس العاديين الذين يعتقدون أن كل جامع اسمه "الجامع العمري" يعود بتاريخه إلى الخليفة "عمر بن الخطاب".

يوجد في شمالي صحن الجامع مدفن كبير وواسع يتضمن مجموعة من القبور إحدى هذه القبور تعود لشخص اسمه الشيخ "حسن المغربي"، وتوجد في واجهة الجامع كتابة على قسطل بسطرين نصها: "مما شرع بإنشائه الفقير إلى الله تعالى ولي الدين يوسف بن أبي الفرج بن نعمان بتاريخ العشر الاوسط من شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وسبعمئة"، وهذا التاريخ يوافق العام 1328 ميلادية والتاريخ المذكور يعود إلى زمن السلطان "الناصر محمد".

قاعة الصلاة /القبلية/

وتوجد في الجامع كتابة أخرى وهي واقعة تحت الكتابة السابقة في واجهة الجامع ومؤلفة من سطر واحد وقد كتبت بخط نسخي ويمتد على ثلاثة اوجه، طول الكتابة سبعة أمتار وعرضها عشرون سنتيمتراً ونصها: "مما شرع بعمارته بعد دثوره العبد الفقير إلى الله تعالى إبراهيم بن اسمعيل ناظر الجيوش المنصورة بحلب عفى الله عنا وعن والديه وعن جميع المسلمين بتاريخ المحرم الحرام سنة ست وتسعين وسبعمئة غفر الله له"، وهذا التاريخ يوافق سنة 1393 ميلادية».

للجامع بابان، الباب الشرقي بسيط الشكل أعلاه قوس قليل الانحناء أما الغربي فهو عبارة باب معدني قليل الارتفاع يعلوه قوس قليل الانحناء أحجاره متداخلة عبر منحنيات متعاكسة ومتناوبة بين الأسود والأصفر، الصحن مستطيل وكذلك القبلية مستطيلة الشكل لها ثلاثة مداخل عبر الصحن بينها نافذتان وبين المدخلين الوسطي والشرقي محراب بسيط في أعلاه قوس مدبب يحتوي على مقرنصات ويعلو المدخل الوسطي قوس تتراكب أحجاره عبر نتوءات زخرفية تتناوب بين الأسود والزهري، أما المحراب الرئيسي داخل القبلية فيتألف من تجويفات دائرية تستمر بشكل منحني ثم شاقولي إلى الأسفل ويحيط به إطار أعلاه قوس نصف دائري مزين بالمقرنصات التي يتخللها زخارف نباتية مع زهرة ثلاثية متكررة، وهناك محرابان آخران شرقي وغربي المحراب الرئيسي وهما بسيطان يعلوهما قوس مدبب.

المحراب الرئيسي في القبلية

وللجامع منبر خشبي جميل يحتوي في جانبيه على زخارف هندسية ملونة، أما المئذنة فهي متوسطة الارتفاع وتقع في الطرف الغربي للجامع.