آلات شرقية لها ارتباط وثيق بحضارتنا احتلت مكانة متوسطة في ساحة "المسكية" قرب الجامع "الأموي" لتعزف للحضور تشكيلات موسيقية متنوعة من التخت الشرقي برفقة "العود والقانون".

موقع "eSyria" بتاريخ 5/11/2010 حضر الحفلة الموسيقية لفرقة "رباعي طويس" التي أقامتها جمعية "صدى" ضمن مشروع "موسيقا على الطريق" في ساحة "المسكية"، حيث قدمت الفرقة مقطوعات موسيقية شرقية متنوعة منها "رقصة" لـ"غانم حداد"، "بعد أربعة أيام" للموسيقي السوري "عصام رافع"، "ذكريات" "القصبجي"، "لونغا نهاوند" لـ"كوثر حداد"، "ارتجال" "طويس"، سماعي نهاوند" "روحي الخماش"، "بلدي" "جوكسيل" و"على عجلة" للموسيقي "عصام رافع"، هذه الأمسية التي امتازت بمقطوعاتها الشرقية التي قدمها موسيقيون سوريون مثل "عصام رافع وفراس شارستان".

فكرة العمل على الآلات الموسيقية التي يتألف منها التخت الشرقي الكلاسيكي "القانون، العود، الناي والإيقاع" هي حالة جادة لإعادة النظر بتلك الآلات بفكر أكاديمي معاصر وهذا ما يهدف إليه "رباعي طويس"

هناك وخلال جولتنا بين الحضور الذي تنوع بأعماره واهتماماته، فمنهم من جاء لحضور الأمسية وفق برنامج موسيقا على الطريق، ومنهم من كان في طريقه إلى المدينة القديمة وتفاجئ بإقامة حفل موسيقي في الشارع، من بين الحضور التقينا بالسيدة "هدى طلال أحمد" التي كانت ترفرف بيديها مع أنغام الموسيقا الشرقية، فتقول: «"رباعي طويس" من الفرق الموسيقية المعروفة على الساحة الموسيقية السورية، ومقطوعاتهم لها علاقة وثيقة بالتراث العربي الموسيقي المميز، فهذه الحفلة كانت فيها روح شرقية امتزجت بخفة تنقل الموسيقيين بين المقامات الموسيقية المعروفة، كما أن مشروع "موسيقا على الطريق" من المشاريع الموسيقية الرائدة التي خطت خطوات مهمة في سبيل تطوير مسيرة الموسيقا والموسيقيين السوريين».

الموسيقي عصام رافع

بين موسيقا "رقصة" ومقطوعة "بعد أربعة أيام" للفنان "عصام رافع" التقينا بالشاب "محمد طه" ليحدثنا عن رأيه بالحفلة، قائلاً: «"عصام رافع" مؤسس "رباعي طويس" من الموسيقيين السوريين المشهورين بالعزف على آلة "العود" الشرقية، وحضوره في هذه الحفلة برفقة عازف آلة القانون "فراس شارستان" أعطى الحفل نوعاً موسيقياً احترافياً، كما أن الروح الشرقية التي جابت بين المقطوعات احتلت مكانة كبيرة في قلوب الحضور، ولعل أهمية الحفل يأتي من كونه حاضراً وسط الشارع الذي يجذب حضوراً موسيقياً متنوعاً بين مختصين ومارين بالصدفة».

الموسيقي "حسام بريمو" الذي كان من بين الحضور يقول: «نحن أمة نتوارث التراث غناءً، العزف بدون غناء كان يسمى الموسيقا الصامتة، لأن التراث العربي تراث غنائي بمجمله، وتعويد الناس الاستماع للعزف دون وجود غناء قضية بالغة الأهمية، فنحن أمة نتقن الإصغاء، لكن أصبح هناك قطيعة بيننا وبين التراث الآلي غير الغنائي من هنا تأتي أهمية هذا العمل، لأنه يجب تعويد الجمهور على أنه يوجد في التراث موسيقا تؤدى بالعزف على الآلات دون الغناء».

من الحفل

أما الموسيقي "عصام رافع" فحدثنا بعد انتهاء الحفل عن "رباعي طويس" والمقطوعات التي يقدمونها قائلاً: «نحن نقدم بكل صدق إحساسنا، وعلى الجمهور الحكم على موسيقانا، حيث إن التشكيلات الآلية في الموسيقا العربية تعتبر قليلة جداً، وإن وجدت فهي لخدمة الموسيقا الغنائية فقط، حيث اقتصر وجودها على مرافقة المغني "المطرب"، وإن أشهر تلك التشكيلات الآلية هو التخت الشرقي الذي ظهر في فترة العشرينيات من القرن الماضي، فكان لكل مطرب أو مطربة تخت مصاحب له مكون من خمسة إلى ستة عازفين، ويمكن القول أن التخت الشرقي هو النواة التي تأسست عليها الفرق العربية فيما بعد والتي نراها ونسمعها ترافق المغنيين والمغنيات».

يتابع: «فكرة العمل على الآلات الموسيقية التي يتألف منها التخت الشرقي الكلاسيكي "القانون، العود، الناي والإيقاع" هي حالة جادة لإعادة النظر بتلك الآلات بفكر أكاديمي معاصر وهذا ما يهدف إليه "رباعي طويس"».

من الحضور

ويضيف "فراس شارستان" عازف آلة "القانون": «تلك العودة إلى البدء تبدأ من وضع علاقة جديدة بين تلك الآلات، أول تلك العلاقات يتجسد في تسميتها برباعي، حيث أن كلمة رباعي هي إحدى تشكيلات موسيقا الحجرة الآلية في الموسيقا الأوروبية الكلاسيكية، من هنا يظهر أن هذه التجربة الموسيقية تعمل على تغيير وظيفة التخت الشرقي من خلال إخراجه من خلف المغني "المطرب"، وبالتالي تخرجه من الأطر التي اعتاد المستمع العربي والشرقي أن يسمعه من خلالها، ليقدم نفسه كآلات متفردة لها خصوصيات تقنية ولونية، تقدم للمستمع موسيقا تحمل كل صفات الموسيقا العربية الشرقية وبعزف آلي يحترم عقله وروحه».

أما عن تسمية الفرقة بـ"رباعي طويس" فيقول: «"طويس" هو أول مغني في العصر الإسلامي، وقد اشتهر بجمال صوته وقوة ابتكاره، يرجع أصله إلى المدينة "المنورة" في الجزيرة العربية وهو الذي أدخل الإيقاع مع الغناء للمرة الأولى في القرن السابع الميلادي، فـ"طويس" يعني روح الابتكار والتجديد والجرأة، وهذا ما يسعى الرباعي لتحقيقه بمشروعه الموسيقي».

من الجدير بالذكر أنه أسس "عصام رافع" الرباعي عام 2004، بهدف البحث في جذور الموسيقى العربية والشرقية، وخصوصاً الآلية منها لسبر أغوارها وإخراجها بنهاية المطاف بأسلوب جديد ومعاصر، مستفيدين من تجارب المدارس الموسيقية المتعددة، ومحاولة خلق حالة موسيقية فريدة ضمن هذا التشكيل الآلي، كما أن "رباعي طويس" مشكّل من الآلات التالية "عود، قانون، ناي، إيقاع".

وقد أحيا الرباعي عدة حفلات داخل وخارج سورية "ألمانيا، دمشق، حلب، الكويت وفرنسا"، وشارك الرباعي في الألبوم الأخير لعازف الأكورديون الألماني "مانفرد لويشتر"، وألبوم مع فرقة "الأنوار" الفرنسية بقيادة "جان كريستون فريش" عن تسجيلات ""arion.

وفي ورقة توضيحية لمشروع "موسيقا على الطريق" تم توزيعها على الجمهور جاء فيها: «تعمل تظاهرة "موسيقا على الطريق" على تعريف الجمهور السوري بأنماط موسيقية مختلفة، فمن مقطوعات الموسيقا الكلاسيكية الشهيرة المحببة "المارشات، الفالسات، الموسيقا الشعبية، موسيقا الجاز، الغناء الجماعي "كورال" والموسيقا العربية الشرقية"، كل ذلك بعزف حي وبصورة أقرب إلى عفوية المكان الذي تحكمه صدفة الحضور والمرور العابر للجمهور لتصبح الحالة كوليمة جماعية أو طقس جماعي اختلط فيه، ستفتح هذه التظاهرة أيضاً فرص عمل جديدة للفرق الموسيقية والموسيقيين، ومع الزمن ستخلق نوع من المنافسة التي ستعمل على خلق حالة من الحراك الموسيقي الثقافي، إضافة إلى كونها ستكون دافع لتشكيل فرق موسيقية جديدة تحمل مشاريع موسيقية جادة».