عيادة فحوص ما قبل الزواج تجربة جديدة في غاية الأهمية لأنها ببساطة شديدة تتعلق بصحة وسلامة المواطنين كافة، فهي تهتم بالكشف المبكر عن أمراض وراثية يمكن التصدي لها، ومعالجتها قبل أن تلحق الأذى بالأجيال المقبلة. "نبيل حاج سليمان" أحد المراجعين لمخبر وعيادة الفحص الطبي ما قبل الزواج بمنطقة "الصالحية" في "دمشق" قال لموقع eSyria بتاريخ /12/5/2010/:

«الحقيقة أنني لم أسمع مسبقاً بهذه العيادة، لكن وبينما كنت أتابع معاملة الزواج في المحكمة طُلب مني تقرير طبي لي ولخطيبتي من هذه العيادة حصراً، وكنت أظن أن المسألة بسيطة بمعنى تقرير طبي (عالماشي) كما كان متعارفاً عليه سابقاً مقابل أن ندفع ثلاثمئة ليرة سورية، أو أكثر قليلاً مقابل ذلك، إلا أننا فوجئنا بضرورة إجراء تحاليل طبية حقيقية لي ولخطيبتي مقابل (2500) ليرة سورية، على أن نأخذ النتيجة غداً أو بعد غد إن شاء الله».

إضافة إلى "التلاسيميا" يمكن الكشف عن عدة أمراض أخرى أهمها: "فقر الدم المنجلي" و"التهاب الكبد بنوعيه B وC" و"الإيدز"

وفيما إذا كان يرى هذه التحاليل مفيدة أم لا قال "سليمان": «شيء جميل أن نطمئن على خلونا من الأمراض التي يمكن أن تنتقل لأبنائنا في حال الزواج، وأرجو أن تكون النتائج سليمة بحيث نتمكن من الزواج، وننجب أطفالاً خالين من الأمراض الوراثية، وهذا حق أبنائنا علينا كي يتمتعوا بصحة كاملة».

مبنى المركز

خطيبته "سلمى" وفي إجابة مقتضبة جدا قالت: «ما عندي شي أقوله غير اللي قاله "نبيل"».

الدكتور "عصام سلمان" رئيس مخبر وعيادة الفحص الطبي ما قبل الزواج بـ "دمشق" قال لموقعنا: «يأتي افتتاح هذه العيادة المجهزة بأحدث الأجهزة الطبية المخبرية، والقادرة على كشف (20) نوعاً من الخضاب الشاذ، بالإضافة إلى كادر طبي متميز قادر على استثمار تلك الأجهزة، والحصول على نتائج دقيقة جداً، يأتي انطلاقاً من الأهمية القصوى لفحوص ما قبل الزواج من أجل حصر العديد من الأمراض الخطيرة، وخصوصاً "التلاسيميا" أو ما يطلق عليه (وحش البحر المتوسط)، باعتباره مرضاً يمكن القضاء عليه، وخير مثال على ذلك جمهورية "قبرص" التي أصبحت خالية تماماً من هذا المرض الخطير بفضل مثل هذه الفحوص بعد أن كانت نسبة الإصابة بهذا المرض بين مواطني "قبرص" من أعلى النسب في منطقة "البحر المتوسط"».

اعداد بعض العينات للتحليل

هذه الأهمية أكدها وزير الصحة الدكتور "رضا سعيد" خلال افتتاح العيادة بتاريخ /12/4/2010/ بقوله: «ستؤدي هذه التجربة إلى حصر العديد من الأمراض الوراثية على مستوى سورية، ولاسيما "التلاسيميا" باعتباره مرضاً يمكن القضاء عليه بفحوص ما قبل الزواج، وهي فحوص إلزامية، وتجري بسرية تامة».

لكن ما الأمراض التي يمكن الكشف عنها من خلال تلك الفحوص؟

د. عصام سلمان يوقع أحد التقارير بعد استكمال الفحوصات

يجيب الدكتور "سلمان": «إضافة إلى "التلاسيميا" يمكن الكشف عن عدة أمراض أخرى أهمها: "فقر الدم المنجلي" و"التهاب الكبد بنوعيه B وC" و"الإيدز"».

ومن هنا يرى الدكتور "عصام سلمان" أن قيمة التحاليل متدنية بل رمزية مقارنة بأي مخبر خاص فيقول: «إن قيمة التحاليل التي نجريها وتهدف إلى الكشف عن الأمراض المشار إليها سابقاً) تكلف في أي مخبر خاص حوالي (5500) ليرة سورية كحد أدنى للشخص الواحد دون قيمة المعاينة والتقرير الطبي، وهذا يعني أنها تكلف الخطيبين حوالي (13) ألف ليرة سورية، بينما يتقاضى مخبرنا (2500) ليرة سورية متضمناً كما قلنا التحاليل، وأجور المعاينة، والتقرير الطبي الذي يعطى بناء على التحاليل والفحص في عيادتي المركز وهما العيادة السريرية، وعيادة الاستشارة الوراثية».

ليس هذا فحسب يضيف د. "سلمان": «وهذا المبلغ برأيي قليل جداً إذا ما قارناه مع حجم الأعباء النفسية والمادية التي يمكن أن يتكبدها الأبوان فيما لو كان أحد أبنائهم مصاباً بأحد الأمراض الوراثية، فإضافة إلى الآلام التي سيعانيها المريض فإن تكلفة العلاج لمرض "التلاسيميا" مثلاً تتراوح ما بين (200- 400) ألف ليرة سورية، ناهيك عن الآلام النفسية التي سيعانيها المريض وأهله أيضاً فيما لو تمت معالجة الطفل المصاب ما بين (2-5) سنوات وبقي حياً، فإنه بلا شك سيكون مشلولاً مجتمعياً».

ويضيف رئيس المركز: «يمكن الإشارة هنا إلى أنه منذ افتتاح المركز بـ /12/4/2010/ وحتى /13/4/2010/ راجع المركز /834/ شخصاً، أو /417/ خطيبا وخطيبة، وكانت نتائج التحاليل كما يلي: (9) حالات حاملة لسمة "التلاسيميا الصغرى"، (10) حالات حاملة لسمة "فقر الدم المنجلي"، و(9) حالات "التهاب كبد (B)"، و"(6) حالات التهاب (C)"، ولا يوجد أي إصابة أو حالة ايدز».

لكن ما هو دور العيادة في حال اكتشاف حالة مرضية؟ يجيب رئيس المركز: «صحيح أن الفحوص إلزامية، لكن هذا لا يمنع إطلاقاً من عدم إتمام الزواج لعدم وجود تشريع ينص على ذلك، وهنا يأتي الدور التوعوي للإعلام بأشكاله كافة حول أمراض الدم الوراثية التي يمكن أن تنتقل عن طريق الدم، إضافة إلى دورنا الإرشادي من خلال الاجتماع مع الخطيبين وشرح النتائج السلبية للزواج فيما إذا كان أحدهما أو كليهما حاملاً لأمراض الدم الوراثية، ولهم القول الفصل في إتمام الزواج من عدمه».

هذا الأمر أكده الدكتور "وائل الحلقي" نقيب أطباء "سورية" بقوله: «تقرير هذه العيادة لا يعد مانعاً أو سامحاً للخطيبين بالارتباط، لكنه فقط يبين للطرفين الواقع الحقيقي وإمكانية إصابة أولادهما في المستقبل ببعض الأمراض الوراثية».

ورغم حداثة التجربة يؤكد الدكتور"سلمان" تزايد نسبة الإقبال على المركز رغم إمكانية التسرب إن صح التعبير من خلال عقد الزواج في محافظتي "ريف دمشق" و"القنيطرة" خاصة أن هناك تداخلاً مع مدينة "دمشق".

يذكر أن عيادة الفحص الطبي لما قبل الزواج مطبقة في محافظات "ادلب"، "اللاذقية"، "طرطوس"، "حمص"، "حماة"، "الرقة"، "درعا" منذ العام/2007/ وتعمل نقابة الأطباء بالتعاون مع وزارة الصحة على تعميم هذه التجربة على المحافظات كافة.

بقي أن نشير وحسب الدكتور "سلمان" استناداً إلى إحصاءات رسمية إلى أن عدد المواطنين الحاملين "للتلاسيميا" يبلغ مليوناً ونصف مليون شخص، وسبعة آلاف إصابة "تلاسيميا" كبرى مشخصة ومعالجة.