عند زيارة قرى منطقة "القلمون" في "ريف دمشق" لا بد من ملاحظة الانتشار الواسع لأشجار الكرز وبشكل خاص في المناطق الجبلية، حيث تكثر هناك زراعة مختلف أنواع الكرز معتمدةً بشكل خاص على الزراعة البعلية التي تعطيها طعماً ومذاقاً مميزاً.

ويفتخر أهالي المنطقة بأن الكرز "القلموني" وتحديداً ذلك المزروع في "جبال الجرد" هو من الأفضل على مستوى العالم، "مدونة وطن eSyria" التقت السيد "اسماعيل الرفاعي" وهو مالك لأحد بساتين الكرز في منطقة "جرد رأس المعرة" والذي تحدث بالقول: «ما يميز زراعة الكرز في منطقة "القلمون" اعتمادها بشكل كامل على مياه الأمطار، وعدم استخدام المواد الكيماوية بأي شكل من الأشكال، وهو ما يمنحها طعماً مميزاً عن بقية الأنواع المزروعة في المحافظات السورية».

ما يميز زراعة الكرز في منطقة "القلمون" اعتمادها بشكل كامل على مياه الأمطار، وعدم استخدام المواد الكيماوية بأي شكل من الأشكال، وهو ما يمنحها طعماً مميزاً عن بقية الأنواع المزروعة في المحافظات السورية

يتابع: «"الكرز القلموني" يتميز بقساوته وهو ما يجعله مرغوباً به ومطلوباً على المستوى المحلي، إضافة لتصديره للأسواق الخارجية ولا سيما إلى "روسيا"، وزراعته سهلة وبسيطة لا تحتاج إلى متابعة مستمرة مثل بقية المحاصيل، حيث يكفي القيام بحراثة الأرض مرة واحدة، وانتظار الموسم في شهري حزيران وتموز».

مذاق مختلف

يضيف: «إلا أن الأهالي والمزارعين في "جرد رأس المعرة" وجدوا طرقاً خاصة لاستصلاح الصخر بهدف زراعة شجر الكرز، حيث زارت وفود تجارية من الدول العربية والأوروبية المنطقة، وشاهدت طرق زراعة الكرز بشكل طبيعي، وأبدت إعجابها بطعمه المتميز ومذاقه الخالي من أي ملوثات، وهذا ما يزيد من جودة زراعته في مناطق مرتفعة بحوالي /2000/ متر فوق سطح البحر».

المهندس الزراعي "سالم اللحام" تحدث عن زراعة الكرز في القلمون بالقول: «انتشرت زراعة الكرز في مناطق مختلفة من "القلمون" في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث وجد أهالي تلك المنطقة أن شجرة الكرز لا تحتاج العناية والتكاليف التي تتطلبها الأنواع الأخرى من الأشجار، حيث يقوم الفلاح بتقليم الأشجار وفلاحة الأرض مرة واحدة كل عام، كما أن مردودها الاقتصادي جيد نظراً للكمية التي تنتجها».

المهندس الزراعي سالم اللحام

وحول الأنواع المزروعة يشير بالقول: «أبرز ما يميز زراعة الكرز في "القلمون" اعتمادها على مياه الأمطار، فهي من الزراعات النظيفة بسبب عدم استعمال المبيدات الكيماوية، والاقتصار على استخدام السماد العضوي، حيث توافقت أنواع الكرز وبشكل خاص "أبو خط" و"الفرعوني" و"قلب الطير" و"النواري" مع طبيعة المناخ البارد في "القلمون"، حيث تقطف الثمار في وقت متأخر، وهو ما يسمح بتصديرها إلى دول الجوار ودول أوروبية، وتتميز بعض الأنواع بقساوتها وهو ما يمنح أصحابها القدرة على تخزينها وبيعها في وقت لاحق».

وعن هذه الزراعة في مدينة "يبرود" يتحدث المزارع "مروان مهدي" بالقول: «زراعة أشجار الكرز من أفضل الأنواع وأكثرها انتشاراً في "يبرود" وخصوصاً الزراعة البعلية التي تعطي الكرز طعماً مميزاً، حيث زاد انتشارها بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، وفاق عددها بقية الأنواع المثمرة، لكنها إلى الآن لا تزرع بهدف اقتصادي على نطاق واسع، وتقتصر زراعتها فقط على المزارع الخاصة، وبعض المناطق الجبلية».

مساهمة في القطاف.

طبيبة التغذية "نهلة خلف" تحدثت بالقول: «الكرز يمد الجسم بكميات وفيرة من البوتاسيوم والطاقة، ويحتوي على العديد من الفيتامينات والأملاح المعدنية، ويقلل من احتمالات الإصابة بالأمراض السرطانية، حيث يحتوي على العديد من المركبات المقاومة للتأكسد، وهي الصبغة الحمراء في الكرز، كما يحمي من الأمراض القلبية، يخفض من مستوى الكوليسترول، ويمنع تصلب الشرايين.

ويتميز الكرز بأنه فاكهة مطفئة للعطش، ومنشطة للكليتين، وهناك نوعان من الكرز، هما الحامض الذي يتحمل درجات الحرارة، والحلو الذي يظهر في أواخر شهر حزيران، وموسمه أطول من موسم الأول، وكلما كان لون الكرز ميالاً إلى اللون الأسود اللامع الصافي كان أكثر حلاوة.

بقي أن نشير إلى أن قرية "رأس المعرة" تتبع محافظة "ريف دمشق"، وتقع غرب مدينة "يبرود" بحوالي /10/ كم، وهي مطلة على "الجرد" الذي تنتشر فيه زراعة الكرز، وهي أعلى بلدة على جبال القلمون».