اللزاب... أشجار معمرة يزيد عمر الكثير منها عن 1000 سنة,تمتاز بأنها تعطي طاقة حرارية كبيرة جداً لدى استخدامها كوقود, إضافة إلى أنها تشتعل وهي خضراء لوجود مادة دهنية قابلة للاشتعال على أوراقها, والأمر الغريب الذي تختص به هذه الشجرة أنها لا تنمو ولا تنتج شجرة أخرى إذا لم تمر على الجهاز الهضمي لأنواع محددة من الطيور ومنها < أبو الحن- الفري-السنونو>, فما هي أشجار اللزاب التي من الممكن أن تجلس في ظلها و وتستمتع بعبقها المميز دون أن تكون لديك المعلومات حول سرها؟ فأين تعيش, وكيف تنمو وتتكاثر؟ الأسئلة نحاول الإجابة من خلال الأسطر التالية.

تنمو أشجار اللزاب في جبال القلمون وهي السلسلة الممتدة من شمال غرب دمشق حتى جنوب حمص, وطولها 200كم تقريبا وترتفع عن سطح البحر من 700م حتى 2629م في قمة طلعة موسى, وهي محاذيه للحدود اللبنانية فيطلق عليها جبال لبنان الشرقية, هذه الجبال كانت تزخر بحياة طبيعية فطرية حيث تنتشر فيها أشجار جبلية متنوعة ومنها<اللزاب- والبطم- واللوز- والزعرور>, وتشتهر الوديان الموجودة في جبال القلمون بوجود أكبر أحراش لأشجار اللزاب في العالم,هذه الشجرة باتت من الأنواع المهددة بالانقراض بعد القطع الجائر الذي تتعرض له منذ سنوات عديدة.

وللحديث عن هذه الشجرة وأهميتها وسبل حمايتها, eSyria التقت المهندس الزراعي, ورئيس جمعية أصدقاء البيئة في منطقة القلمون ( مرعي البرادعي )في 1362008, الذي تحدث عن شجر اللزاب قائلاً:" شجر اللزاب من الأنواع النادرة على مستوى العالم, وهي منتشرة في أجزاء مختلفة من جبال القلمون, ولكن منطقة الانتشار الرئيسية هي في "وادي الرسائل" الذي يقع على الحدود بين بلدة المعرة وبلدة الجبة بالاشتراك مع الحدود اللبنانية,فهذه المنطقة تحتوي على أكبر أحراش اللزاب في العالم." واعتبر أن" بعض أشجار اللزاب الموجودة في هذا الوادي تجاوز عمرها الألف عام, ومن الممكن أن تجد بعض الأشجار التي يجلس في ظلها أكثر من مئتي شخص."

الشتاء في جبال القلمون

وحول الشروط التي يجب توفرها لنمو هذه الشجرة أضاف " شجرة اللزاب من الفصيلة الصنوبرية, وتحتاج حتى تنمو إلى وقت طويل يفوق الوقت الذي تنمو فيه الأنواع الأخرى من الصنوبريات, وهي تنمو عموماً في المناطق الجبلية الباردة, ومن صفاته أنه ينمو في قلب الصخور وتمتد جذوره إلى أعماق كبيرة جداً للتمكن من اختراق الشقوق الصخرية وصولاً إلى التربة,البذور التي تنتجها الأشجار تحتاج إلى شتاء قارس البرودة حتى تتمكن من النمو, لذلك لكسر طور السكون لهذه البذور تعمل المشاتل على وضعها في البرادات لمدة ثلاثين يوماً قبل أن يتم زراعتها."

وعن المحاولات الموجودة لزراعة هذه الشجرة قال:" حتى وقت قريب لم تكن هناك محاولات جادة لإكثار البذور, ولكن وزارة الزراعة نجحت في السنوات الأخيرة وبعد جهود كبيرة بذلتها في الوصول إلى طريقة للإكثار, وتعمل الآن في مشتل ميسلون على إنتاج الغراس ومن ثم يتم نقلها إلى جبال القلمون لزراعتها."

المهندس مرعي البرادعي

وعن صفات شجر اللزاب أضاف" أشجار اللزاب تشبه إلى حد كبير أشجار الصنوبر, ولكن اللزاب يمتاز بكثرة فروعه وأغصانه وامتدادها, ثمار اللزاب صغيرة تشبه ثمار العفص, أما البذور فهي بحجم حبة العنب ذات لون أسود لها قشرة خارجية وداخلية <اللب>, ومن صفات الشجرة قدرتها على تحمل البرودة القاسية, وتحتاج إلى الرطوبة حتى تنمو ونسبة أمطار تتجاوز 350مم, وهذه هي الشروط الطبيعية المتوافرة في جبال القلمون وأوديته, مما أدى إلى أن تكون هذه الأودية أحد أبرز الأماكن التي تنمو فيها أشجار اللزاب. وأضاف" شجر اللزاب يقدم فوائد كبيرة للغاية فالصمغ الذي يتواجد على جذوعه, تتغذى منه خلايا النحل الموجودة في تلك المنطقة, لتنتج عسل اللزاب المشهور الذي يعد من أجود أنواع العسل في العالم, إضافة إلى أن كل شجرة تقدم خمسين طنا من الأوكسجين, وتمتص كميات كبيرة من المواد الملوثة الموجودة في الهواء."

وحول سبل حماية الشجرة أضاف" أشجار اللزاب تتعرض ومنذ سنوات طويلة إلى عملية إبادة جماعية, من خلال القطع الجائر والمستمر بغرض الاستفادة من خشبه كمواد للبناء, ومن أوراقه للتدفئة, وبعد أن كانت غابات اللزاب ممتدة على كافة جبال القلمون, من جبل الشيخ حتى محافظة حمص, نجدها اليوم تقترب من حافة الخطر والتعرض للإنقراض." واعتبر البرادعي أن" الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن ليست كافية, ويعتقد بأن الاهتمام بهذا النوع النادر من الأشجار وإعادة زراعته, يجعل من هذه المنطقة متفردة بذلك على مستوى العالم."

من الطيور الموجودة في وادي الرسائل

ومن الجدير ذكره أن محافظ ريف دمشق ( نبيل عمران ) وخلال لقاء سابق مع أهالي المنطقة أكد وجود مشروع قيد الدراسة للمحافظة على شجر اللزاب النادر والذي ينمو في هذه المنطقة, عبر إقامة محمية تضم حوالي 12 ألف شجرة وعلى مساحة 514 هكتار.